السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البرتغال: سجال حول خطة التقشف

6 ابريل 2013 12:07
أندريس كالا مدريد في وقت يخيم فيه جو من القلق والتوتر على الاقتصاد الأوروبي، تعكف البرتغال على القيام بواجبها المنزلي إذ تعمل على تقليص العجز وإعادة تشغيل الاقتصاد. غير أن هذا الخبر السار أخذ يشجع السياسيين أيضاً على القيام من جديد بلعب لعبة سياسية يمكن أن تخرج عن السيطرة وتطرح اختباراً آخر للمنطقة. فالأسبوع الماضي، ألمح رئيس الوزراء بيدرو باسوس كويلهو، على ما يقال، إلى أنه سيستقيل من منصبه في حال أرغمته محكمة على إعادة النظر في ميزانية 2013 المالية ضمن حكم لم يصدر بعد حول دستورية بعض التدابير التقشفية غير الشعبية التي بادر بسنها. غير أنه سرعان ما تراجع عن ذلك ردّاً على انتقادات واسعة لما أُول على أنه ضغط لا داعي له على القضاء. وقال باسوس كويلهو في هذا الصدد: «إنني لن أنخرط في التكهنات أو خلق توقعات حول القرارات الممكنة (للمحكمة) لأنني أرفض المساهمة في انعدام الاستقرار». وعلى رغم أن التهديد قد تصدّر عناوين وسائل الإعلام -وخاصة في وقت تتوقع فيه الأسواق مزيداً من التصدعات في الانتعاش الاقتصادي الأوروبي- إلا أن الخبراء يحذرون أيضاً من أن ذلك قد يشير إلى أن البرتغال أخذت تعود إلى لعبة سياسية مألوفة، وإن كانت خطرة، تتمثل في خوض المناورات السياسية في وقت أخـذت تُظهر فيه إعادة هيكلتها الاقتصاديـة مـؤشرات على التحسن. وفي الوقت الراهن، لا تمثل سياسة التصعيد السياسي وقرار المحكمة تهديداً وشيكاً. بل إن البرتغال تعتبر عموماً في طريقها نحو التعافي. فعلى رغم أن اقتصادها ما زال وسط عملية انتعاش مرهقة بعد تقشف حكومي غير مسبوق، إلا أنه من المتوقع أن يبدأ في النمو العام المقبل. وكانت الحكومة الديمقراطية الاجتماعية من يمين الوسط قامت بخفض الرواتب وزيادة الضرائب استجابة لشروط قاسية تهدف إلى تقليص العجز الذي نص عليه برنامج الإنقاذ المالي الذي تبلغ قيمته 78 مليار يورو وتم التفاوض بشأنه في عام 2011 مع «الترويكا» المؤلفة من الاتحاد الأوروبي، وصندوق النقد الدولي، والبنك المركزي الأوروبي. ولكن الاقتصاد البرتغالي، الذي يمر الآن في عامه الثالث من الركود، يُتوقع أن يتقلص بـ2,3 في المئة في عام 2013، حسبما أعلن البنك المركزي الأسبوع الماضي، والذي راجع توقعه السابق المتمثل في 1,9 في المئة. وقد تقلص الناتج المحلي الإجمالي بنحو 7 في المئة منذ عام 2011؛ بينما سترتفع البطالة إلى معدل قياسي هو 18 في المئة هذا العام. هذا في حين يزداد الفقر ومعه يزداد الاستياء الشعبي. غير أن الحكومة لديها أيضاً هامش للمناورة لأنها أمَّنت معظم متطلباتها المالية لـ2013 إلى جانب حصولها على تمديد بخصوص أهداف تقليص العجز. ذلك أن شروط الإنقاذ المالي الذي قدم للبرتغال كانت تنص على أن تقلص هذه الأخيرة عجزها من 9,8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2013، إلى 5 في المئة في عام 2012 و4,5 في المئة في عام 2013. وقد أقفل عجز عام 2012 عند 6,4 في المئة، ولكن الترويكا اعتبرت في مارس الماضي أن البرتغال «على الطريق» نحو التعافي وأرخت أهدافها لعامي 2013 و2014 إلى 5,5 في المئة و4 في المئة على التوالي. وقالت الترويكا في بيان لها: «لقد استأنفت الحكومة الإصدار في سوق السندات بينما خفت شروط التمويل الداخلي بعض الشيء. غير أن تراجع الطلب على الصادرات (البرتغالية)، ولاسيما من منطقة اليورو، وتراجع الثقة، وتراكم ديون القطاع الخاص... كلها عوامل تساهم بشكل أكبر مما كان متوقعاً في عرقلة نمو النشاط الاقتصادي». ولكن بينما يتم تصحيح الأرقام، يحذر بعض الخبراء من أن السياسيين قد يسيؤون التقدير ويدفعون البلاد إلى إنقاذ مالي ثان ومزيد من الاضطرابات الاقتصادية الأوروبية. وفي هذا السياق، يقول جواو دوك، رئيس كلية الاقتصاد بالجامعة التقنية في لشبونة: «أجل، هناك إمكانية لانعدام الاستقرار السياسي، ولكني أعتقد أنها إمكانية ضئيلة في الوقت الراهن. وأعتقد أن أسوأ سيناريو هو أن يظن السياسيون أنه سيكون لديهم ما يكفي من المال للعب اللعبة السياسية، ولكنني لا أعرف ما إن كنا نستطيع التعافي من سكتة ثانية». كان ذلك هو التخوف الذي أثاره تهديد باسوس كويلهو الأخير بالاستقالة. فميزانية حكومته لعام 2013 البالغة 5 مليارات يورو تبحث إمكانية إدخال إصلاحات على الرواتب ونظام التقاعد تقدر بنحو مليار يورو. غير أن الرئيس أنيبال كافاكو سيلفا والحزب الاشتراكي المعارض طلبا من المحكمة الدستورية في يناير الماضي مراجعة مشروع ميزانية الحكومة. ومن المحتمل أن يكون رئيس الوزراء يسعى إلى تعزيز فرص الموافقة على الميزانية من خلال تهديده، ذلك أنها ستكون انتكاسة بالنسبة لباسوس كويلهو إذا خلصت المحكمة إلى أن بعض الإجراءات غير دستورية، على اعتبار أن ذلك يمكن أن يقلِّم تخفيضات مقترحة تعادل ما بين 20 و40 في المئة من الهدف الإجمالي. وفي هذا السياق، يقول خوسي أديلينو مالتيز، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة التقنية في لشبونة: «إننا معتادون على هذا النوع من العناوين التي تقف وراءها نوايا سياسية»، مضيفاً «من الواضح أن هذه مجرد لعبة سياسية بين المعارضة والحكومة لأن أي سيناريو آخر» يمكن أن يكون مزعزعاً للاستقرار. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©