الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فنانون مصريون يستنطقون الجسم البشري بشاعرية اللون وخشونة الكتلة

فنانون مصريون يستنطقون الجسم البشري بشاعرية اللون وخشونة الكتلة
10 ابريل 2011 18:03
يشكل الجسم البشري عنصراً حيوياً في الإبداع الفني وارتباط الفنان بالواقع المرئي واستجابته للتلقي منه والبث إليه، ويجسد معرض «رؤيتان» بقاعة بيكاسو بالقاهرة أحد أشكال التحاور مع العنصر الإنساني وعلاقته برؤية كل فنان وكيفية التعامل معه. من خلال الخامة وقدرة الفنان على إبراز عناصر تكوينه الفني، ألقي الضوء على الرؤية الفنية للجسم البشري في معرض أقيم مؤخرا في القاهرة، مع التركيز على اختلاف المعالجات التي تعتمد على المسطح الأبيض والألوان في أعمال محمد الطراوي، واختراقها للفراغ المحيط في الأعمال النحتية لطارق الكومي. رحم المكان يقول الطراوي «بدأت تجربتي متأملا للطبيعة، فانغمست في رحم المكان الذي تحول إلى مشهد مكاني، حيث المكان جزء من عالم المرئيات كأحد المدركات المرئية، والإنسان هو صانع المكان والزمان، ما دفعني للولوج إلى البعد الإنساني الذي يعد في عالم المرئيات أهم المدركات الفنية». ويؤكد أنه لا يزال شغوفا بالوقوف على السببية التي يتآخى فيها الخط والسطح والفراغ في حركة دينامية من شأنها توسيع دوائر الرؤية، وأن جمهوره اعتاد أسلوبه الذي يجسد فيه المكان، إلا انه في معرض «رؤيتان» قدم مجموعة من الوجوه الإنسانية بنوع من التمرد على تجاربه الفنية السابقة، وقدم لغة مرئية بصرية مختلفة. ويقول إن الأمكنة تتسم بالروحانية والمشاعر الفنية التي تعكس رؤيته بأن الروح ليست كيانا مباشرا أو مرئيا، إنما هي جزء من المشاعر والأحاسيس الفياضة التي تثير قضية الفن، والذي هو تجربة إنسانية تتحول إلى ذاتية الفنان، وأن الفنان عموما تشغله فكرة، فهو يحاول أن يصنع واقعاً جميلاً، متسائلاً «لماذا لا يترجم الفنان ما يدور من أحداث حوله؟» حيث ساهم الفن في حالات متعددة مثل الحروب وفكرة تجميل الوطن هدف قومي يجب أن يلتف حوله الفنانون، حتى تجعل المتلقي يرى الوطن بعيون جميلة. ويوضح أنه في مجموعة الأعمال التي طرحها من قبل وتمثل بعض النسوة من البدو في أماكن أخرى، استخدم أسلوبا إيحائيا، لا يقوم على الإدراك المباشر، كمحاولة للفكاك من أثر الواقع والدخول في مرحلة أكثر عمقا ورحابة بخامة معقدة شديدة الصعوبة ومعروف أن الألوان المائية خامة من نوع السهل الممتنع، وتحتاج لعلاقة عشق بينها وبين الفنان لتبوح بأسرارها الكامنة والكاملة. اختزال شديد يقول إن استخدامه للألوان الزيتية بدأ بتجربة مكونة من سبعة أعمال لفتت نظر الجميع، ولم يرغب في توقيعها لأحداث صدمة لدى المتلقي، ولكنه بعد حصيلة سنوات أراد أن يقدم نفسه بوجه آخر وخامة غير التي اعتادها فكان المعرض الثاني في خامة الألوان الزيتية. ويضيف الطراوي أن الفنان بداخله يريد أن يصبح طليقاً على المسطح، وحراً في أدوات التعبير عن نفسه، ومن ذلك تجاوز دوره الصحفي، والذي تشبع منه وتفوق على نفسه فيه، كما أن مجال الصحافة والإعلام بوجه عام يدفع الموهوبين للإمام، حيث يعطيهم الشهرة المطلوبة، ولكن المشكلة تحدث حينما يكون الشخص ليس موهوباً بحق ولا يمتلك أدواته بشكل جيد. ويذكر أن رسومه الصحفية كانت تمثل له إطلالة أسبوعية على الجمهور، أو هي معرض دائم لأعماله، على المستوى الأدبي، أما على المستوى التقني فالصحافة تمنح المناخ الجيد، حيث يستطيع المبدع أن يبذل أقصى طاقته، ويتسابق مع الزمن، ويمتلك مهارة السرعة في الأداء للحاق بموعد الطباعة، وهو ما أفاده كثيراً، وجعله يكسر حدة ذلك المسطح الأبيض الذي يراه كوحش يطارده. ويقول الناقد صلاح بيصار إن أعمال الطراوي في معرض «رؤيتان» تميزت بالاختزال الشديد مع عمق اللمسة في مساحات تبرق وتتوهج كالوميض، مع تلخيص الأفق والماء في مسطحات لونية فتبدو الأعمال مزيجاً من التجريد والتشخيص. ويضيف أن أعمال الطراوي التي صور فيها نساء الواحات وجمع فيها بين روح المنظر وتجليات الإنسان كجزء من المكان انتقل بها إلى حالة جديدة من الثراء التشكيلي والتعبيري بلغة التجريد، وأهم ما يميزها الطابع الدرامي الذي يمتد بالأفق الداكن المتمثل في الأزرق الليلي، مع توهج التشكيلات الرأسية المتمثلة في نساء الواحات والتي تموج بالأحمر الفوشيا ولمسات من الأزرق. توافق الأهداف يقول الناقد التشكيلي حسن عثمان إن هذا المعرض الذي جمع بين الفنانين محمد الطراوي مصوراً، وطارق الكومي نحاتاً، يوضح قدراً كبيراً من التوافق بين أهدافهما، فالإنسان عندهما هو المحور الأساسي للإبداع الفني، وكل منهما اتخذ الإنسان غايته للتعبير الفني، فقد حل اللون لدى الطراوي محل الخط أو بالمعنى البسيط اصبح اللون وسيلة لبناء الشكل الذي وضح فيه التنوع الهائل للنغمات اللونية وبصماتها المختلفة. ويضيف أن الكتلة التي جردها الكومي من كل التفاصيل أصبحت وسيلة للتعبير عن جماليات الشكل وقد حمله أبعاداً رمزية ودلالات فنية أكثر مما أفصح عن جودة وتنوع العلاقات البصرية في مجمل أعماله، ويحرص الكومي على تقديم كتل نحتية تحقق الانسيابية والسكون الناتج عن تأمل عميق للشكل الإنساني حيث جمع بين خطوط هندسية مستقيمة ومنحنية ومسطحات واضحة خلقت علاقات متبادلة بين الواقع والمجرد تختزن بداخلها كما هائلا من الطاقة الإنسانية، وأن التكوين لديه تعبير عن الشعور الداخلي أو الباطني بالإضافة إلى حرصه على تحقيق التعبير الخارجي بالاهتمام بنقاء الخطوط وبساطتها. ويقول طارق الكومي إن المعرض هو نتاج لزيارات متعددة للمتحف المصري، وأنه تنوعات معاصرة من وحي المتحف توافقت مع ما بداخله من بحث يقوم به عن الطاقة الكامنة داخل الجسم الإنساني أو الطائر أو الحيوان، وأن ذلك كان من خلال اختزال التفاصيل من على السطح الخارجي للعمل للتمكن من احتوائه داخل العمل لإعطائه حضورا يمكنه من استحواذ الطاقة الداخلية على الفراغ الخارجي المحيط بالعمل وبالتالي المتلقي.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©