الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أعمال البيئة الشامية بين اجترار الأحداث والبحث عن الجديد

أعمال البيئة الشامية بين اجترار الأحداث والبحث عن الجديد
9 يونيو 2017 20:50
رنا سرحان (بيروت) لا تخلو خرائط البرامج التلفزيونية الرمضانية من أعمال تتناول البيئة الشامية القديمة، إلا أن بريقها آخذ في الأفول، لاسيما في السنوات الأخيرة، وقد تفاوتت آراء فنانين سوريين من ممثلين ومخرجين حول تفسير ذلك، فمنهم من يرفض أن توضع في إطار التكرار، كونها تحقق نسب مشاهدة عالية، ومنهم من يؤكد أنها وقعت في التطويل بسبب أجزاء لا تحمل جديداً، وفريق آخر يرى أن البعض حاول تقليد أعمال ناجحة فانزلق في فخ اجترار الأحداث والشخصيات، ما دفع بأعمال البيئة الشامية إلى نتائج غير مرضية. فأل خير يقول الفنان عباس النوري، صاحب شخصية أبو عصام في مسلسل باب الحارة، لـ«الاتحاد»: «تعددت أجزاء باب الحارة وأصبحنا بالجزء التاسع، ما عرض العمل لانتقادات عديدة وهذا برأيي فأل خير»، مضيفاً: «علينا فصل «باب الحارة» عن بقية الأعمال التي تقلده من حيث أنماط الشخصيات واللباس وعلاقة المرأة بالرجل والبيت الشامي والسوق، فلقد شكل العمل ظاهرة فنية شجعت الآخرين على تقليدها». وعن سبب تراجع شعبية الدراما الشامية، يقول: «تعرضنا في الحرب إلى أزمة غياب المجهر الثقافي الذي انعكس على المشهد الفني، وفقدنا عناصر مهمة من عناصر الدراما السورية. واستباح كمّ من الأقلام غير الكفؤة في التأليف السوق التلفزيوني، معتبرين أن أعمال البيئة الشامية باتت رائجة وتحتل مساحة إعلانية كبيرة على الخريطة البرامجية، ما أسهم في فشل عدد كبير منها». ويوضح: «لا أنكر أن لي مآخذ على مسلسل «باب الحارة»، ولكن العمل يقدم ويتلقاه المشاهد بشغف، ولا يجب أن يحاكم من قبل من لا يجيدون كتابة القصص الدمشقية، وعلى المنتجين القيام بمسؤولية أكبر حيال ذلك». من جهته، يرى الفنان رشيد عشاف، بطل عملي البيئة الشامية «طوق البنات» بجزئه الرابع و«عطر الشام» بجزئه الثاني: «من الطبيعي أن تكرر كل أنواع الدراما نفسها في حال أجبر المنتج السوري على إنتاج أكثر من جزء من عمل ناجح مثل مسلسل «باب الحارة»، الذي أصبح من طقوس رمضان، ويؤمن للقناة دخلاً إعلانياً». ويقول: «أنا ضد حالة التخلف التي تظهر أحياناً في بعض أعمال البيئة الشامية وخاصة في موضوع المرأة، لذلك عملنا في مسلسل البيئة الشامية «طوق البنات» على المطالبة بحق المرأة في الذهاب إلى الجامعة»، مشيراً إلى أن منطقة الشام كان لديها عام 1907 نحو 37 جريدة، تملك النساء بعضها مثل ماري عجمي، ولقد حاول تمرير الحالة الثقافية الجميلة في تلك الفترة في «طوق البنات». ويختم عساف: «المحافظة على هذه النوعية من الأعمال من دون تكرار يكون بتشجيع الكاتب الجديد، فضخ الدم الجديد في الكتابة والنص مهم. لقد أرخ هاني الروماني في «حمام القيشاني» بأجزائه لسوريا ودمشق، ورصدها بقالب دمشقي جميل علينا الاقتداء به». قصص «الحكواتي» ترفض شكران مرتجى الممثلة السورية، التي تميزت بدور «فوزية زوجة أبو بدر» في مسلسل «باب الحارة»، ترفض وصف دراما البيئة الشامية بـ«المملة». وتقول: «العمل الشامي مزيج من القصص التي تحقق المتعة للمشاهد، وهي أقرب للحكايات كان يقصها الحكواتي فيجتمع حوله الناس ليستمعوا إلى قصة حب هنا وقصة تشويق هناك»، مشيرة إلى أن معظم الأعمال الشامية متعلقة بخيال الكاتب، وليست موثقة إلا ما كان يتكلم عن حقبة زمنية حقيقية، على غرار «حصرم الشامي» و«طالع الفضة». وتوافق الممثلة سولافة معمار، التي شاركت في أعمال البيئة الشامية مثل «خاتون» و«بنت الشهبندر»، على أن هذا النوع من الدراما وقع في التكرار، خاصة أن عناصره واحدة، معتبرة أنه على صناع الدراما البحث عن التنويع. وتعتبر ما فعله المخرج سيف السبيعي في مسلسل «قناديل العشاق» مثالاً على تجديد دراما الحارات الدمشقية، مع المحافظة على وجود ملامحة الأساسية كالزعيم والقبضاي. وتتساءل معمار: «لماذا صبغت الدراما السورية بالقالب الشامي؟ بعد أن كانت تطرح أهم قضايا المجتمع العربي، وكانت حاضرة في كل البيوت؟»، معتبرة أن الافتقار للنصوص الجيدة والمخرجين المجددين، من أهم الأسباب، إلى جانب الحرب في سوريا التي كبّلت مؤلفين مهمين، فضلاً عن أن القائمين على المهنة فضلوا الربح المادي على التدقيق في العمل. فالكاتب الذي كان يعتمد على الكتابة النوعية تحول إلى صياغة نصوص للبيع. وتؤكد أنه لا يمكن نسف تاريخ الدراما السورية بأنواعها، بسبب أعمال لا ترق إلى المستوى المطلوب، معتبرة أن الدراما الشامية حالة فنية ثقافية تعكس حقيقة المجتمع حيث ولدت يوما ما. وترى معمار أن «هذا النوع من الدراما الشامية حالة تناسب الأجواء الرمضانية وهي رائجة ومطلوبة»، مشيرة إلى أن التجديد يمكن أن يكون بتناول حكايات تاريخية واقعية على غرار «الحصرم الشامي» و«طالع الفضة» اللذين تعاطيا مع عناصر البيئة الدمشقية القديمة ضمن المعطى التاريخي الواقعي، ما أبعدهما عن الحشو والإطالة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©