الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

احترام إرادة الطفل أساس تشكيل كيانه النفسي وشخصيته المستقلة

احترام إرادة الطفل أساس تشكيل كيانه النفسي وشخصيته المستقلة
10 ابريل 2011 18:06
غالباً ما تأتي الأم وتقول إن أولادها عندما كانوا صغاراً كانت تحبهم وتحس بأنهم جزء منها، وكانوا منسجمين جداً معها، لكن عندما كبروا، أصبحت تشعر بغربة معهم، كأنهم لم يعودوا أولادها، ولم تعد منسجمة معهم كما كانت، فهي عاجزة عن فهمهم، وهم بالمثل غير قادرين على فهمها، لا تعرف بالضبط من المخطئ هي أم هم! هذه الأم كانت متفقة مع أولادها في مرحلة معينة وهم أطفال، لكن أولادها يكبرون ويتطورون في تفكيرهم وفي عاداتهم وفي تقاليدهم وفي تطلعاتهم، لكن للأسف هي لم تتمكن من مواكبة هذه المراحل، وقفت عند مرحلة معينة وثبتت عندها في حين أن أولادها مستمرين في النمو والتطور، فهنا نشأت فجوة ما بين الاثنين، فتكون الغربة واختلاف اللغة، فهي لا تفهم دنياهم ولا حياتهم ولا طبيعة المجتمع الذي يعيشون فيه، وطريقة التعامل بينهم. يقول الخبير التربوي الدكتور محمد المهدي: "على الآباء والأمهات أن يواكبوا مراحل نمو أطفالهم، بمعنى أن يعيشوا معهم مرحلة مرحلة. وهذه المواكبة مفيدة ليس فقط للأبناء، بل للأب والأم؛ لأنهما أيضاً محتاجين لأن يعيدوا هذه المراحل مرة أخرى لأنفسهم، فمثلاً هناك أب لم يعش مرحلة طفولته جيداً، ولم يعش مرحلة مراهقته جيداً، لأي سبب من الأسباب، فيعيد التجربة مرة أخرى مع أولاده في هذه المرحلة، وكأنه يعيش المرحلة التي فقدها أو التي أفلتت منه دون ذنب منه، أو لأي ظروف حدثت، هذا يفيد نفسياً؛ لأن الأشياء التي لم يتمكن من فعلها، سيعود لمعايشتها مرة أخرى، فيكمل النقص أو الأماكن التي كانت مؤلمة نتيجة للحرمان في مرحلة معينة، وفي الوقت نفسه سيكون على الموجة نفسها مع أبنائه، فتعطي فائدة مزدوجة للطرفين، وتجدد دائماً طفولة ومراهقة وشباب الأب والأم، وتقوم بعمل حالة من التكامل في شخصيتهما". إرادة الطفل يشير الدكتور المهدي إلى أن كثيراً من الآباء والأمهات يظنون أن الطفل ليست له إرادة أو أنها تنمو عندما يكبر ويصبح شاباً أو رجلاً، لكن الطفل له إرادة من وقت مبكر جداً، ويمكن أن تلاحظ الأم هذا من خلال رفضه لأشياء وتمسكه بأشياء أخرى، فهو ليس مسلوب الإرادة، ويتحرك بريموت كونترول كما يريد الأب والأم، وحتى وهما معترفين بوجود هذه الإرادة، يريدون أن يلغوها؛ لأنهما يعتقدان أن عندهم خبرة وعندهم معرفة بالحياة أكثر من هذا الطفل فلا بد من أن يختاروا له طريقته في التفكير، وفي الحياة وفي تحديد الأهداف والأساليب وكل شيء ، وكثير من الآباء والأمهات يصلون إلى درجة أن يحاولوا جعل هذا الطفل صورة طبق الأصل منهم، وهم يعتقدون - واهمين - أنهم أفضل صورة إنسانية ممكنة أو أفضل نموذج ممكن، وعندما يواجه الطفل بمحاولة إلغاء إرادته يبدأ في هذه اللحظة في اتباع سلوك العناد، وهذه مشكلة كثير من الآباء والأمهات يشكون منها ويقولون إن ابنهم عنيد، ويحاولون علاجه من هذا المرض، العناد‍‍! ويحضرون هذا الابن لكي يقوم الطبيب النفسي أو المعالج بترويضه لكي يسمع الكلام، ويقوم بتنفيذ كل ما يريدونه، طبعاً هذا غير ممكن عملياً. التجارب والأخطاء ويوضح الدكتور المهدي: "إن الأب والأم وصلا لما هما فيه حالياً بعد مراحل كثيرة من التجارب والأخطاء والنضج والتعلم، ويريدان أن يأخذ الطفل أو الطفلة النمط نفسه الذي وصلا إليه في هذه المرحلة من العمر، مثلاًَ هما في الأربعين أو الخمسين، يريدان أن يكون لطفل أو طفلة في عمر خمس سنوات أو عشر سنوات آرائهما وتوجهاتهما نفسها، وهذا ضد الفطرة، وضد طبيعة الإنسان، وضد إرادته واختياره ومسؤوليته التي خلقه الله عليها، ولو أصر الأب والأم على هذا تحدث المشكلة التي نراها دائماً ويشتكي منها الكثير من الآباء والأمهات، أن الطفل عنيد أو الطفلة عنيدة، لا يسمعان الكلام، لا يريدان تنفيذ سوى ما يريانه، الحقيقة أن ما خلق هذا الموقف المعاند، هو أن الأب والأم دخلا في شرنقة الماضي، ولم يتمكنا من رؤية احتياجات الطفل وضروراته ومجتمعه وظروفه والدنيا التي يعيش فيها، فهو يعيش في دنيا مختلفة كثيراً عن دنياهما، وبما أن لديهما سلطة على هذا الطفل فإنهما يحاولان التحكم فيه، وجعله يمشي على شريط القطار الذي حدداه له، النتيجة ستكون شيئاً من اثنين، إما أن يستسلم الطفل تحت هذا الضغط والقهر من الأبوين، فيكون طفلاً سلبياً واعتمادياً ليس له إرادة ولا اختيار ولا مبادرة ولا تلقائية ولا أي شيء على الإطلاق، هو أسلم كل شيء للأب والأم، وفي الوقت نفسه يقوم بعمل شيء يسمى العدوان السلبي، فمن الممكن أن يفشل دراسياً، أو اجتماعياً، أو أخلاقياً، هو قد سلم نفسه، ويريد أن يحمل نتيجة هذا الفشل للأب والأم اللذين أصرا على التحكم في خط سيره وعلى جعله صورة طبق الأصل من الذي يريدانه. ومن الممكن أن يتمرد الطفل، أن يرفض عمل أي شيء، ويصبح عدوانياً، يفعل ضد كل ما يقولونه له، ويصبح عنيفاً جداً؛ لأن هناك صراع إرادات، إما أن أكسب أنا أو أنتم، وطالما لدي شيء أستطيع عمله، فسأقوم به، وسنرى في النهاية من سيكسب، وتكون رحلة صراع مؤلمة وضارة للطرفين وتتراكم فيها، مشاعر سلبية عند الطفل تجاه الأبوين، وعند الأبوين تجاه الطفل، ويدخل الجميع في أزمة، لا يستطيعون الخروج منها، إلا لو دخل طرف ثالث، يفك هذا الاشتباك، ويبدأ في إخراج هذه المشاعر السلبية التي تراكمت ومشاعر الصراع والعداء التي تكونت نتيجة إصرار كل طرف على إلغاء إرادة الطرف الآخر".
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©