الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«أيام الشارقة التراثية» ترتدي حلة جديدة من الفعاليات والبرامج

«أيام الشارقة التراثية» ترتدي حلة جديدة من الفعاليات والبرامج
6 ابريل 2013 21:57
تستعيد أيام الشارقة التراثية في دورتها الحادية عشرة، التي انطلقت الخميس الماضي، أفراحها، كما في كل عام، لتلبس حلة جديدة من الفعاليات والبرامج، التي تسترجع فيها أصالة الماضي، وترسم ملامح البيئة المحلية القديمة لسكان وأهالي الإمارات، عبر احتفالية جماهيرية تزخر بالقيم والمعاني الجميلة لموروثاتنا الشعبية، وتنتصر لكل مفردات التراث والثقافة الإنسانية والحضارية، التي ميزت المنطقة لعقود. أزهار البياتي (الشارقة) - انطلق مهرجان التراث في دورته الحالية، التي تستمر 18 يوماً تحت ثيمة تؤطر العلاقة بين الركائز التراثية وطبيعة الحياة والمجتمع في الزمن القديم، رافعاً شعار «المعارف الشعبية عماد التراث»، ليكون عنواناً له أفكار ومدلولات، وآثار تستقرئ صفحات من التاريخ وتعود بنا عقوداً إلى الوراء، لنعيش من خلاله تفاصيل معرفية ومعومات ثقافية تلقي الضوء على الشواهد الفكرية التي شكلت الإرث الحضاري لماضي الآباء والأجداد. هذا ما أكده مدير إدارة دائرة التراث في الشارقة عبدالعزيز المسلم، مضيفاً: فضلنا لهذه النسخة الجديدة من «أيام الشارقة التراثية»، أن تركز على النهج المعرفي والثقافي، الذي طبع مجتمع الإمارات في العقود الماضية، انطلاقاً من حقيقة أن شعبنا لم يكن أمياً أبداً في يوم من الأيام، بل كان يعتمد في نمط التفكير وطراز الحياة على معارف وخبرات مسبقة وتاريخ عميق، شكلت جميعاً مفاهيم التراث الشعبي والثقافي والإنساني في البيئة المحلية، موضحاً أن التراث بحد ذاته لا يمكن اختزاله فقط من خلال أكلات وأطباق تقليدية أو ملابس وأزياء شعبية، أو بعض المهن والحرف اليدوية وخلافه، بل هو صيغة أوسع أفقاً من كل ذلك، حيث يكون للفكر والمعرفة والخبرات الإنسانية والدلالات الثقافية والمعتقدات، التي يؤمن بها عموم المجتمع معيار ومقياس محوري في هذا المجال. معارف شعبية وتحتفل الشارقة بأيامها التراثية من تاريخ الـ 4 حتى يوم الـ 20 من أبريل الجاري، معتمدة قيمة المعارف الشعبية عماداً لها، لتتوجه من قلب الشارقة النابض بالحياة إلى جمهورها الواسع عبر 30 فعالية ونشاطاً تتوزع ما بين برامج المقاهي الثقافية، والمهن والحرف التقليدية، والسوق الشعبي، مع مشاهد وصور حية للبيئات الإماراتية القديمة كالبيئة الجبلية، الساحلية، الزراعية، وحياة البدو الرحل والصحراء، مع العديد من المعارض الفنية والندوات والجلسات الحوارية التي تدور حول أفكار ومقترحات وخبرات شخصيات دولية وإقليمية لها تجاربها الخاصة، وباعها الطويل في نشر التراث العالمي، وسط توقع استقطاب جماهيري كبير من كافة الجنسيات وكل الأعمار، خاصة أن مهرجان التراث في هذا العام يحظى باهتمام إعلامي وشعبي غير مسبوق منذ انطلاقته في يومه الأول. عرس شعبي ويعبر عن إعجابه بمجمل فعاليات الأيام التراثية للشارقة الزائر سالم سيف 47 عاماً، بقوله: ننتظر هذا العرس الشعبي من عام لعام، كونه يحمل نكهة خاصة بالنسبة لنا كمجتمع محلي ما زال متمسكاً بأصول العادات والتقاليد، ويعطي قيمة لموروثات الآباء والأجداد، وهو بلا شك بادرة طيبة وحدث ثقافي متميز، كونه يعبر عن هويتنا الوطنية ويروج لتراثنا الحضاري، كما أنه يعد جسراً مهماً للتواصل بين الأجيـال، فيختصر الكثير من المسافات بين زمن الماضــي وواقع الحاضر. فمن خلال البرامج والأنشطة المتنوعة، يتعرف الزائر على مشاهد حية للبيئة المحلية بكل اختلافاتها وتبايناتها الجغرافية والطبيعية والمجتمعية، حيث تمثل أنماطاً متعددة لصور وأساليب الحياة عند السكان الأولين، مما يفرض أيضاً نوعيات مختلفة من المهن والحرف التقليدية، التي كان يمتهنها سكان كل منطقة من مناطق البلاد. تجسيد حي ويكمل: لقد جئت اليوم إلى ساحة التراث بصحبة أولادي الصغار، وانتابتني فور دخولي إلى البوابة مشاعر جياشة وإحساس يفيض بالفرحة والفخر والاعتزاز، فهذا هو تجسيد حي لتراث بلدي وماضي آبائي وأجدادي يفترش الأرض ويلتحف السماء أمام ناظري، لينقلني مع أبنائي إلى وقت ولى وانقضى، وكأنه رحلة عبر الزمن تعود بنا عقوداً إلى الوراء وتفرض علينا مقارنة حتمية، لنتبّين منجزات شعبنا العظيم الذي نهض ونما في فترة وجيزة وقياسية. أما ولده الصغير عمر ذو العشرة أعوام، فيشير إلى كل ما يحيطه بإعجاب ودهشة، متسائلاً بين الفينة والأخرى عن هذا الأمر وذاك الغرض، وتتزاحم في ذهنه الأفكار وتتسارع عنده الصور والاستفهامات، للبحث والاستكشاف، للتعرف على كل ما يحيطه من كنوز وأصالة وتراث، حيث تدفعه سنوات عمره القلائل إلى محاولة استيعاب كل شيء في آن، لترتسم علامات الدهشة والغبطة على محياه فتغمر ملامحه البريئة بانفعال، حاله كحال أقرانه من الأطفال الذين قدموا أيضاً لتفقد وزيارة المكان. وعن تفاعلها مع أنشطة مهرجان التراث في دورته الـ 11، تقول الطالبة الجامعية ريم عبدالله 22 عاماً، إن أيام الشارقة التراثية فرصة كبيرة للجيل الجديد للاطلاع على ما حققه جيل الآباء والأجداد من نجاحات، وما عانوه من تعب وجهد لمواصلة العيش بالرغم من قسوة الظروف وضعف الموارد الاقتصادية آنذاك، ومن خلال أقسام ساحة التراث وبرامجها المتنوعة نستطيع أن نستكشف ونتعرّف على الطرق المعيشية التي كان يعتمدها أهلنا قديماً، ونختبر العديد من المهن التقليدية والحرف اليدوية التي انقرضت ولم تعد موجودة في الزمن الحاضر. مشاركة وتوافقها الرأي زميلتها مريم علي، مشيرة إلى حماسهن كفتيات جامعيات لزيارة منطقة قلب الشارقة وساحة التراث خلال هذه المناسبة المميزة، والقدوم لدعم مجموعة من زميلات الدراسة من الطالبات اللواتي يشاركن بمشاريع صغيرة في السوق الشعبي التابع للمهرجان، وأحببن الاطلاع على تجربتهن ومساندتهن قدر الإمكان، وقد اكتشفن عبر تجوالهن في الأرجاء الكثير من الأشياء، التي استوقفتنا ولفتت انتباهنا، ومنها مجموعة من المخطوطات والصور القديمة والمقتنيات والكتب والمدونات التي تركها الرحالة والمستكشفون من العرب والمستشرقين، الذين مروا على هذه المنطقة خلال العقود المنصرمة، كما تشاركن جلسات ممتعة في عريشة النساء، اللواتي يعملن بخدمة التلي وشغل البراقع. وتصف أم ميرة، ربة بيت، مشاهداتها وانطباعاتها عن الفعاليات، موضحة أن الأجواء بالمهرجان رائعة، وهي تحفل بالعروض الثقافية والأنشطة التراثية المتنوعة، ولقد تابعت بشغف الزفة والفنون الشعبية مع قوافل البدو، وهي تتهادى مع الإبل والجمال المحملة بالبضائع، وحظيت أيضاً بمتعة الجلوس في الخيمة البدوية وشرب فنجان من القهوة العربية المهيّلة على أنغام أوتار الربابة. وعبر أبو بدر 71 عاماً عن أيام الشارقة التراثية، وهو مبتسم، ويغمر نظراته الدفء والحنين لسنوات وعقود مضت من الزمن الماضي الجميل، مشيراً إلى ترقبه للمناسبة وانتظارها في هذا الموسم من كل عام، ليسترجع من خلالها كماً من الذكريات ويستعيد مشاهد ماضية من حياته وطفولته، وكيف كانت الحياة آنذاك تتسم ببساطة العيش، وقناعة الذات، حيث البيوت العربية المفتوحة والمرحبة، تستنير بضياء الفوانيس الخافتة، لتجمع الأهل والجيران بكل حب ومودة، متحلقين حول «السرود»، ومتقاسمين لقيمات هنيئة من أطباق شعبية تحضرها نساء الفريج، لتختتم جلستهم بدلال القهوة والشاي والتسامر على ضوء القمر بحكايات البحارة والبحر والأساطير والخرافات».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©