الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

محمد بن راشد.. المجدّد

محمد بن راشد.. المجدّد
25 يوليو 2016 22:38
فاطمة عطفة (أبوظبي) نظم اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، أمس الأول، ندوة أدبية فكرية، احتفاء بإبداعات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، حملت عنوان «قراءات في كتابات محمد بن راشد»، وتوزعت على جلستين؛ تناولت الأولى المنجز الشعري لسموه وشارك فيها: د. عارف الشيخ، ود. شاكر نوري، ود. بهيجة مصري إدلبي، وأدارتها الشاعرة الهنوف محمد، بينما قدمت الثانية أهم الملامح الخاصة بفكر سموّه، وشارك فيها: الروائي علي أبو الريش، والشاعرة د. بهيجة أدلبي، والإعلامي خالد بن ققه، والإعلامي محمد ولد المنى، وقدم الضيوف عبدالرحمن النقي. وقال الشاعر حبيب الصايغ، الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، رئيس مجلس إدارة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، مفتتحاً الجلسة الأولى: «الدعوة إلى عام أو زمن القراءة في الإمارات هي الدعوة إلى معرفة النفس والتجربة أولاً، وقد وعت القيادة السياسية أنه لا تمكين من دون معرفة، فكان التوجيه بتخصيص عام 2016 عاماً للقراءة، ثم تطوير الفكرة بجعل العقد كاملاً زمن قراءة ومعرفة، وذلك بتخصيص شهر أغسطس من كل عام في العقد الذي نعيش شهراً للقراءة، وتخصيص شهر أكتوبر من هذا العام للغرض نفسه استثناءً». وعن أبعاد التنمية وإنجازات الإمارات، وما تحقق فيها، قال: «لنتذكر معاً كيف كان زايد الخير، طيّب الله ثراه، يرسم الحلم بعصاه على رمال الظمأ، فيتحول كل ما حوله إلى ربيع وماء، وكيف كان يحلم حلم القائد المبدع والشاعر والمطلع على التراث وتجارب الأيام، فيسيل من بين أصابع يديه الكريمتين صهيل تلك الخيول المطوقة بخيالها وخيلائه». وأوضح الصايغ أن مسيرة البناء استمرت في مرحلة التمكين، وفي عهد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، حكومة المستقبل، وهي، من حيث الهيكلة والخطة والأداء، حكومة مثقفة تستند إلى المعرفة وكنز المعرفة، لتصبح واحدة من أفضل الحكومات في العالم. وختم الصايغ كلمته قائلاً: «نحن من الدول القليلة بل النادرة على مستوى العالم التي يمكن أن تحتفل بأحد قيادييها الكبار، نائب رئيسها ورئيس مجلس وزرائها، شاعراً وكاتباً ومفكراً ومبدعاً». من جهته، وصف د. عارف الشيخ، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بأنه «ملاح ماهر خبر أعماق الحياة بغواصات فهمه ومراصد بصيرته الثاقبة وحسه القادر على قراءة الشيء قبل أن يكون»، مشيراً إلى أنه «شخصية استثنائية كشخصية مجدد القرن الذي لا تجود بها الدنيا إلا كل مئة سنة مرة». واستعرض د. الشيخ في كلمته عدداً من أقوال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وتطرق إلى هواياته وحبه للإبداع والابتكار، مبيناً أن سموه يقول دائماً: «أنا لا أحب أن أواكب، ولكني أحب أن أسبق، فالمواكب لن يأتي أولاً»، كما أنه يحب التفاؤل حتى في ساعة الأزمات، لا يأس ولا مستحيل عنده. وعن فكر سموه وفلسفته قال د. عارف: «صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، صاحب فلسفة خاصة وصاحب نظرية خاصة، هو لا يشبه أحداً ولا أحد يشبهه، انظر إلى حبه للخيل، يقول عنها بأن حبها يجري في دمه وكيانه، وهو طبيب، لذلك يستمع إلى إحساسات الخيل فيحاورها، وقصيدته (العاديات) أكبر برهان». ولنقرأ لسموه أيضاً مقولته: «انتبه لأفكارك، فإنها تصير كلمات، وانتبه لكلماتك فإنها تصير أفعالاً، وانتبه لأفعالك فإنها تصير عاداتك الملازمة لك، وانتبه لعاداتك فإنها تكوّن شخصيتك، وانتبه لشخصيتك فإنها تحدد مصيرك». وتابع أن هذا الكلام الفلسفي من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم يذكّره بكلام فلسفي آخر لأفلاطون الذي قال: «نطقك ترجمان عقلك، وفعلك ترجمان أصلك، فافهم ما تقول، وادرِ ما تفعل». وختم د. عارف الشيخ قائلاً: «عندما كتب سموه الشعر تحدى به كبار الشعراء ودخل معهم في أمسيات أمام الملأ»، ثم ألقى مقاطع مختارة من قصائد سموه، ومنها قصيدة «العاديات» التي كان الحضور قد استمع إليها في بداية الأمسية من خلال شريط فيديو. وتحدث د. شاكر نوري عن «قوة الشعر.. وقوة الشخصية عند سموه»، وقد أوجزها في سبع أفكار الأولى: في شعر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، تزاوج بين المفردات والمترادفات لبناء صورة مدهشة نلمس فيها قوة الشعر. وهذا نابع من قوة الشخصية التي يتمتع بها سموه، فهو يكتب كقائد وحاكم وبانٍ ومنظّر ومؤسس ورؤيوي.. وكل ذلك ينعكس في شعره. والثانية هي الحكمة الواثقة والنابعة من مدرسة زايد وراشد، والثالثة أن شعر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم هو شعر مكانيّ بامتياز، ويعبر عن خصوصية التقاليد والعادات الروحية والبيئية والانتمائية. والرابعة هي براعة سموّه في صياغة أجمل قصائد الغزل وأكثرها عمقاً حتى وصلت إلى حناجر معظم المطربين العرب، وفهمها المتلقي العربي لأنها لون شعري مختلف. والخامسة أن قصيدة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وفيّة وفاءً عالياً للهجته الإماراتية، وتعكس بصمة سموه الشعرية الخاصة. والسادسة أنها قصيدة مواكبة لزمنها، وتتفاعل مع ما يجري في الحياة، أما السابعة والأخيرة فهي أن قصائد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم تتميز بالروح الكونية لأنها تخاطب نفس الإنسان وما يجول فيها، لذا فإن هذا الشعر سيبقى ما دام هناك إنسان يبحث ويبني ويحلم. وألمح الروائي علي أبوالريش إلى العمق الفلسفي في شخصية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ضارباً أمثلة عدة يلتقي بها سموّه مع الفارابي ومدينته الفاضلة حين يقول: «عملنا اليوم هو تحقيق السعادة»، كما يلتقي مع أرسطو في السعادة العقلية حين يقول: «أسرع وسيلة لتكون سعيداً أن تغرس السعادة في نفوس الناس»، كما يلتقي مع هيغل في إشارته إلى دولة الاتحاد عندما يتحدث عن روح الفريق الواحد، إذ يقول سموه «التناغم مطلوب بين أعضاء الفريق»، إضافة إلى لقاء سموه بفلسفة الروح، وهي روح الأمة، عند نيتشه. وأشار أبوالريش في ختام كلمته إلى أن هدف الإنسان في فلسفة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم هو التميز، وأن الذي يستطيع أن يحكم نفسه يحكم العالم. ولفتت د. بهيجة مصري الأدلبي إلى أن الانسجام في أفكار سموه عبر مقامات الكتابة المختلفة، موضحة أن خطاب سموه الشعري منسجم مع العالم، ومع الرؤية الشعرية التي تستجيب لحركة الزمن كما يستجيب المعنى للقصيدة، فالذات المعرفية لدى سموه هي التي تجعل القصيدة رسالة للمستقبل، ليصبح فيضاً من فيوض المشروع الفكري والنهضوي الذي يؤسس له في ذاكرة الأمة. أما خالد بن ققة فقد ركز اهتمامه على أفكار وأطروحات سموّه في كتابه «رؤيتي»، قائلاً إن كتاب سموه يمثل مرجعاً للحكم على المواقف، ولتحقيق التصورات الكبرى، وللتفاعل مع الأفكار في بُعدها الإنساني - العالمي، مؤكداً أن سموه «جعل المستقبل يحل بيننا قبل أن يأتي زمانه، مستفيداً من علوم العصر ووسائله ومتكيفاً معها». .. وبدوره قال الباحث والإعلامي محمد ولد المنى إن الفلاسفة الذين صاغوا مذاهب ونظريات فكرية كبرى إنما فعلوا ذلك انطلاقاً من معرفة نظرية محض، وانتهوا في أحسن الأحوال إلى اجتراح يوتوبيا، أما في حالة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم فإن الصلة قائمة وخلاقة بين الفكر والواقع، النظرية والتجربة، المفهوم والمشروع. كما لا يمكن الفصل في تجربة سموّه بين المفكر الشاعر والقائد الباني. وأكد ولد المنى أن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم يتمتع بمهارات القيادة وصفات القائد وخصائصه الشخصية، وأنه إلى جانب ذلك يتصف بخاصيتين في غاية الأهمية: الأولى هي الحرص على المتابعة العملية والتفصيلية لكل المشاريع، بوعي لا تغيب عنه الجزئيات مهما صغرت، والثانية هي الرؤية العميقة نحو المستقبل والقادرة على استشرافه واستشفافه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©