السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

السوق القديم شكل بداية دخول أبوظبي مرحلة التحديث الاجتماعي والثقافي

السوق القديم شكل بداية دخول أبوظبي مرحلة التحديث الاجتماعي والثقافي
18 ابريل 2014 00:25
جهاد هديب (الاتحاد) أقيمت مساء أمس الأول في قصر الحصن الجلسة الحوارية الثانية: «المدينة شاهد تاريخي.. تحول السوق المركزي في أبوظبي»، ضمن سلسلة جلسات تقيمها هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة ضمن البرنامج العام لمعرض قصر الحصن الذي يستمر حتى نهاية الشهر المقبل بمشاركة عدد من مهندسي العمارة والباحثين فيها. شارك في الجلسة الحوارية على التوالي المهندسون المعماريون أحمد صادق مستشار المدير العام لهيئة أبوظبي للتخطيط العمراني والإقليمي، وياسر الششتاوي الأستاذ المساعد في جامعة الإمارات بالعين، وقيس السامرائي مدير إدارة مراجعة المشاريع التطويرية في المجلس. وقدمتها الدكتورة ميشيل بامبلنغ المنسق الفني للجناح الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة – بينالي البندقية. واستهل أحمد صادق حديثه بفكرة شكلت إطاراً عاماً لمجمل الأفكار التي طرحها، حيث قال: «علينا أن نفكر بالمدن بوصفها عناصر حيوية تتشكل ثم تتغير، وأنها تفنى إن لم نعتن بها» مؤكداً أن لكل مدينة من المدن في العالم مميزاتها الخاصة التي يمكن تسميتها بـ «الحامض النووي» لهذه المدينة. فحدد بناء على ذلك مراحل عمران أبوظبي في أربع مراحل: مرحلة ما قبل النفط واستمرت حتى مطلع الستينيات وكانت بلا تخطيط، ومرحلة تالية امتازت بالتخطيط وبدأت مع العام 1968، واسـتمرت حتى نهاية عام 2004، وتضمنت ثلاثة مخططات تم تنفيذ اثنين منها، ثم المرحلة من 2005 وحتى 2007، وهي مرحلة شديدة التأثير على الطابع الحالي للمدينة وما تشهده من تغيرات وتشكيلات معمارية حضرية جديدة، والمرحلة الأخيرة هي مرحلة «إعادة السيطرة» على التخطيط المدني والتي في إطارها جرى استحداث أبوظبي 2030. وذلك بحسب ما أوضح أحمد صادق. انتقل بعد ذلك إلى الحديث عن نشأة مدينة أبوظبي، والتطور العمراني فيها من جهة تأثره بالنمو المضطرد والمتسارع سكانياً واجتماعياً وطبيعة توزيع المناطق فيها ونشأة المرافق الرسمية والعامة التي منها السوق المركزي القديم وقصر الحصن، موضحاً أن إشراف الدولة على النمو العمراني بدأ مع المرحلة الثانية، الأمر الذي مكن أبوظبي من أن تقطع مسافة زمنية تقدر بمائتي عام تحتاج إليها المدن عادة لاستكمال تطورها خلال المرحلة ذاتها لتصبح بذلك واحدة من أهم العواصم العربية في المنطقة. وفي ما تبقى من مداخلته عرض أحمد صادق مجمل التطورات التي مرّت بها منطقة السوق القديم ودوره في الحراك الاجتماعي، والتطورات الاجتماعية ذاتها التي أفضت إلى اتخاذ قرار بهدمه ثم إعادة بنائه من جديد، موضحاً في السياق نفسه طبيعة دور مجلس التخطيط العمراني لأبوظبي. أما ياسر الششتاوي فربط التطورات في المدن بالذاكرة مؤكداً أن المدينة هي ذاكرة أصحابها، موضحاً أن من خصائص أبوظبي معمارياً أنها مدينة من طبقات ما يجعلها أقوى فأقوى إذ أن هذا الأمر هو ما يميز المدن الكبرى في العالم. وإنْ استعرض الششتاوي تاريخ أبوظبي العمراني في بعض الأفكار والإشارات إلا أن مجمل أفكاره استندت إلى شروحات مرتبطة بالصور، إذ قال في ما يتصل بالسوق المركزي الجديد بأنه جاء ليؤكد على رغبة أبوظبي في التخلص من الماضي، معتبراً أن هذا الأمر إيجابي، إذ يتعلق في المبنى ذاته فحسب. ثم توسع الششتاوي في شرح فكرته، إذ اعتبر السوق المركزي القديم بناء بسيطاً على المستوى المعماري لكنه شكّل بالنسبة لأبوظبي دخولها إلى مرحلة التحديث على المستويين الاجتماعي والثقافي فرأى أنها كانت فضاء مفتوحاً لكل من العرب والآسيويين خاصة في عطلة نهاية الأسبوع، كما أن الطابع العربي لعمارته كانت تمنح المدينة قيمة إيجابية حضارية إلى حدّ أن من جاء إلى أبوظبي ولم يزر هذه السوق فكأنما لم يطأ أرض المدينة في عرف الناس. غير أن السوق من ناحية أخرى، ومن وجهة نظر الششتاوي كانت مزدحمة وغير منظمة، ومَن يزر المبنى الجديد سوف يكتشف أن عمارته في المخططات الأولى قد استمدت من روح العمارة العربية والإسلامية، غير أن ما تم بناؤه هو تحفة معمارية لكنه يفتقر إلى كونه فضاء جامعاً، كما كانت عليه السوق القديمة، وهو أمر ذو قيمة ثقافية فقدته المدينة. وإلى المتحدث الأخير، المهندس قيس السامرائي، الذي جاء حديثه مستنداً إلى خبرته الشخصية في العمل في مجلس أبوظبي للتخطيط العمراني، وإلى مقولة اقتبسها من كتاب جديد للمثقف الأميركي إيريك هو بسباوم، المعروف بكتابه «عصر النهايات»، حيث حمل الكتاب الجديد العنوان: «اختراع التقاليد» وجاء فيه على لسان السامرائي: «ربما ما من زمان أو مكان اهتم به المؤرخون ولم يختبر اختراع التقاليد»، مؤكداً أن علينا أن نتوقع بأن النمو السكاني السريع قد يدمر التقاليد القديمة ويستحدث أخرى جديدة وذلك عندما تتسم التقاليد القديمة بأنها غير قابلة للتجديد، ذلك أن تطوير المدن أمر لا مهرب منه لأنه حاجة: إذ هناك النمو السكاني والتطور الثقافي وسواهما من المفاهيم التي تتغير بسرعة مغيرة بذلك طبيعة الحياة الاجتماعية للناس وعلاقتهم ببعضهم البعض، مؤكداً أن الاستدامة الشمولية التي ينتهجها مجلس أبوظبي للتخطيط العمراني لم تمح ذاكرة المدينة وقد تجلت وتكثفت في عدد من المباني. وفي ختام الجلسة دار حوار مع عدد من الجمهور.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©