الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دروس أزمة زيمبابوي

13 أغسطس 2008 23:21
لم يُعلن بعد عن توقيع الاتفاق النهائي بين الرئيس الزيمبابوي روبرت موجابي وزعيم المعارضة رئيس ''الحركة الديمقراطية للتغيير'' مورجان تشنجاراي· المفاوضات المرهقة التي ظلت تجري بين الرئيس وخصومه السياسيين برعاية رئيس حكومة جنوب أفريقيا ظلت أخبارها شحيحة، ولم يُمكِّن المتفاوضون أي إعلاميين من ''اختراق'' جدار السرية التي أحاطوا بها مفاوضاتهم، ربما لإحساسهم أن ''بعض'' أجهزة الإعلام ومبعوثيها الذين ظلوا معسكرين في جنوب أفريقيا منذ بداية أزمة زيمبابوي الخانقة، ظلت تلعب دوراً سلبياً، وخاصة بالنسبة لحكومة زيمبابوي ورئيسها موجابي· واعتماداً على تصريحات مختصرة للرئيس موجابي، يبدو أن الطرفين المتصارعين قد توصلا إلى نتائج متقدمة في محادثاتهما، وأن الأساس قد وُضع لتكوين حكومة وحدة وطنية برئاسة ''مورجان تشانجراي''، وأنه أصبح ممكناً الاتفاق النهائي على بعض التفاصيل مثل مطالبة ''مورجان'' بصلاحيات دستورية لمنصب رئيس الوزراء بحيث تصبح المشاركة في حكومة الوحدة حقيقية، خاصة أن الدستور الحالي يركز كل الصلاحيات في يد رئيس الجمهورية، كما هو الحال غالباً في دول الحزب الواحد الحاكم في معظم الدول الأفريقية والآسيوية· بدا الرئيس موجابي هادئ الأعصاب بعكس حاله خلال أسابيع الأزمة الخانقة، بل بدا أيضاً أكثر تفاؤلاً بالوصول إلى ''اتفاق وطني'' يمكن حكومة الوحدة الوطنية المرتقبة من الاستقرار والاستمرار في الحكم لمدة خمس سنوات· هذا الاستقرار تحتاج إليه الحكومة المرتقبة، وسيكون هو الهم الأول والأكبر لبلد يعاني من كل أنواع وأشكال الأزمات بدءاً من ارتفاع نسبة البطالة ونقص الطعام وتدهور الخدمات الأساسية، وانتهاء بأزمة الثقة بين المواطنين، التي أوشكت أن تقود زيمبابوي إلى حافة الحرب الأهلية· وعندما يراجع المرء اليوم التقارير الصحفية التي ظلت تنهال طوال فترة الأزمة من داخل وخارج هراري، والتي كانت كلها- إلا قليلاً- تجمع على أن زيمبابوي على حافة الحرب الأهلية، إضافة إلى موقف المجتمع الدولي، الذي فرض الحصار والمقاطعة على نظام الرئيس موجابي، وبلغ الأمر ببعض الدول الكبرى إلى الإعلان بعدم اعترافها بشرعيته· وعندما يراجع المرء اليوم أيضاً الحدة والغضب اللذين تميزت بهما ردة فعل الرئيس موجابي ليس فقط تجاه بريطانيا ''العدو التقليدي لشعب زيمبابوي''، كما وصفها، والولايات المتحدة التي وجه لها كل ما يحفل به قاموس الهجاء السياسي، سيكون محقاً عندما يقول إنه لو تحققت عملية الوفاق الوطني بين أطراف الصراع السياسي في هراري، فإنها ستصبح معجزة تكشف عن تغليب روح الوطنية وتقديم مصلحة الوطن على أي مصلحة أخرى، وستُحسب مع كثير من المواقف الإيجابية التي لم تخل منها مسيرة الرئيس موجابي الوطنية ودوره في تاريخ بلده، الذي كان كثير من الأفارقة ينظرون إليه كبلد أفريقي واعد، ويأملون منه خيراً كثيراً· على أن الدرس المستفاد من أزمة زيمبابوي، والتي ستنفرج هذه المرة لأن كل الأطراف المشاركة في الأزمة قد توصلت إلى النتيجة المنطقية والطبيعية بألا طريق لهذا البلد للخروج من أزمته سوى طريق الوحدة الوطنية، وأن هذه الوحدة لم تعد فقط ضرورة لبلدها وشعبها، ولكن أيضاً أصبحت مهمة لكل دول المنطقة؛ لأن انهيار زيمبابوي سوف يشكل خطراً حقيقياً على استقرار كل المنطقة· والأهم من ذلك هو أن كل الزعماء والمسؤولين الزيمبابويين، أدركوا أخيراً أنه مهما كانت نوايا الأصدقاء ومساعدات المجتمع الدولي، فإنهم هم وشعبهم الأقدر على تحقيق مصالحتهم الوطنية التاريخية· وهو درس ليس مفيداً لهم وحدهم، بل لكثير من ''نطرائهم وإخوانهم'' من الزعماء والقادة الأفارقة· عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©