الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التعصب للدعاة مرفوض شرعاً ولاقداسة للعلماء

التعصب للدعاة مرفوض شرعاً ولاقداسة للعلماء
6 ابريل 2012
أكد عدد من أساتذة الشريعة ومشايخ الأزهر أن التعصب للعلماء والدعاة من المظاهر التي وفدت إلى مجتمعاتنا وتطرح صورة جديدة تقترب في جوهرها من مفاهيم غريبة على الفهم الصحيح لسماحة الشريعة الإسلامية. وقالوا إن هناك مخالفات شرعية خطيرة بين الخطاب الدعوي والواقع العملي سببها حرص بعض الدعاة على ان يغرس في نفوس اتباعه ومحبيه أن اختياراته العملية وآراءه الواقعية هي الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأن اختيارات الآخرين إنما هي ضلالات وانحرافات لا قيمة لها. عمرو أبوالفضل (القاهرة)- قال الدكتور أحمد يوسف سليمان أستاذ الشريعة بجامعة القاهرة إن المنهج الاسلامي لا يعرف التعصب للأشخاص، ويرفض تقديس العلماء، ويحارب الغلو في ترديد اقوالهم بلا دليل، مبينا أن الاسلام ليس فيه تقديس لرجال الدين واحترامهم لا يعني اعتبارهم معصومين، أو قبول اقوالهم من دون عرضها على الكتاب والسنة. وأوضح أن الدين الحنيف حض على احترام العلماء وجعل الادب معهم من القيم الاسلامية الاصيلة التي أكدتها الكثير من الادلة منها قوله تعالى:” يرفع الله الذين امنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات “المجادلة 11، وقول الرسول- صلى الله عليه وسلم:” ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويعرف لعالمنا حقه”، وفي السيرة أن ابن عباس- رضي الله عنه- أمسك بركاب دابة زيد بن حارثة- رضي الله عنه- فقال له زيد: دع عنك هذا يا ابن عم رسول الله، فقال ابن عباس: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا. طلب العلم وأضاف أن القرآن الكريم بين لنا أهمية الرفق والأدب والتلطف في طلب العلم وملازمة العلماء في قصة نبي الله موسى، عليه السلام، مع الخضر عندما التقى به فقال له: “هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا”، وجاء الرد عليه: “إنك لن تستطيع معي صبرا”، فرد عليه نبي الله موسى قمة في الصبر على العلم والمعلم بقوله: “ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا”. وبين أن السلف الصالح تركوا لنا نماذج فريدة في تقدير العلماء والتأدب معهم، مشيرا الى أن الامام الشافعي- رحمه الله- كان يقول: ما كنت أستطيع أنا أقلب الورق خشية أن أزعج الإمام مالك رحمة الله عليه. وكان الربيع تلميذ الشافعي يقول: والله ما كنت أستطع أن أشرب الماء والشافعي ينظر الىَّ. ويؤكد أن المسلم لا يتعصب الا للحق ويدور معه حيث دار، والقاعدة الشرعية المعروفة التي يجب أن نلتزم بها جميعا هي قول الامام مالك:” كل يؤخذ من قوله ويترك، إلا صاحب هذا القبر “ أي الرسول، صلى الله عليه وسلم، فليس من الجائز التعصب للاشخاص تعصبا ممجوجا يقود الى الجور على الحق والاخرين، واعلائهم على غيرهم بلا دليل أو بينة. الأدلة الشرعية وحذر الدكتور عبد الله سمك الاستاذ بجامعة الازهر من التهاون في التفرقة بين الادلة الشرعية المستمدة من الكتاب والسنة واقوال العلماء، موضحا أن الدليل الذي يعول عليه هو نصوص الكتاب والسنة الصحيحة الثابتة، ولا يمكن اعتبار قول عالم من العلماء بمنزلة النص الشرعي القطعي الثبوت والدلالة، الذي يكون حجة على الناس، ولا تثبت العصمة لأحد بعد الرسول- صلى الله عليه وسلم. وقال ان كثيرا من الخطوب والفتن التي مرت بالأمة كان التعصب للاشخاص احد اسبابها الرئيسية، مضيفا أن تاريخنا شهد معارك ضارية جلبت على مجتمعاتنا الويلات اشعلها التعصب والتقليد الاعمى للمذاهب والاراء الدعوية، والانحراف في منهج التلقي والافتتان بالعلماء لدرجة التقديس وعدم اعتبارهم بشرا يصيبون ويخطئون واسباغ العصمة عليهم، والاخطر الوقوع في التحذير الالهي في قوله تعالى: “اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله” التوبة 31. ويضيف أن الاسلام حارب التعصب بكل صوره وعلم اتباعه عدم الخلط بين الدليل الشرعي وأقوال الرجال، مبينا أن الشريعة حرصت على تأكيد قيمة الانتصار للحق وحب الرجال بقدر التزامهم بالحق وعملهم به. الكتاب والسنة ويوضح أنه لا يجوز للمسلم أن يتبع الاقوال بلا برهان أو سند من كتاب أو سنة بدافع الحب للعالم وتعظيمه في نفسه. وقال ان السلف الصالح حرصوا على اتباع الهدى والثناء على قائله والداعي اليه ونصرته بقدر ما هو عليه من الحق، والاجتهاد في بيان انحرافه عنه إن حاد عن الطريق القويم، والانصراف عنه إن اصر على حاله، واجتهدوا في بيان هذا المعنى بطريقة عملية، وانه لا يجوز نبذ المخالف في الرأي أو هجره ما دام الأمر يقبل الخلاف. وقال انه ينبغي على العلماء والدعاة بذل الجهد لتربية اتباعهم على الاعتدال والوسطية وتعظيم الدليل من الكتاب والسنة، مضيفا أن التحرر من الانقياد وراء الاقوال بلا اعمال عقل أو تحري الحق وتقييم الاعمال ومتابعة القول الراجح الذي يدعمه الدليل هو السبيل لتجنيب المجتمعات الفتن والمشكلات. وأضاف أن نشر العلم والتسامح والتناصح والرفق والارتقاء بالوعي وإشاعة الثقافة والاستنارة الحقيقية والفقه الشرعي بين الناس والسعي لتحرير عقلية الإنسان المسلم من المذهبية الضيقة أو الاتجاهات السياسية يقضي على افة العصبية للاشخاص. وشدد فضيلة الشيخ منصور عبيد- وكيل وزارة الاوقاف المصرية لشؤون الدعوة الاسبق- على أهمية عدم الخلط بين الاراء الشخصية وأحكام الدين الشرعية الثابتة. وقال ان انتشار التشدد والاستبداد بالرأي والتحامق مع المخالف يساهم في تجذير الثقافة الدينية الطائفية المذهبية التي تسعى لنشر التطرف والممارسات التكفيرية، وهو ما يعد من افدح الافات التي ابتليت بها مجتمعاتنا، لانها تتعارض مع منهج أهل السنة والجماعة وتخرج عن صحيح الدين. سوء الظن ويؤكد أن الاسلام يرفض التعصب لرأي الفرد ومصادرة اراء الاخرين وينهي عن الاختلاف السلبي الذي يفضي الى العداوة والخلاف والبغضاء، مضيفا أن احتكار الحقيقة وعدم الاعتراف بالآخر وسوء الظن بالآخرين واتهامهم في عقيدتهم والطعن في آرائهم، والتشويش عليهم واتهامهم بما ليس فيهم، والميل والجنوح إلى التشدد والتعسير على الناس وإلزامهم بما لا يلزم، جهل وقلة علم وهو أمر يتنافى مع روح الإسلام ونصوصه. ويقول ان المشكلة تحدث عندما يتم المزج بين الآراء الشخصية للعالم أو المحدث وفهمه الشخصي الخاص للدين والحياة ومواقفه من القضايا والاحداث المطروحة على الساحة، وواجب بيان تعاليم الدين وفقا لدلالة نصوصه الثابتة، لافتا الى أنه يجب على العلماء أن يلتزموا بالحدود الفاصلة بين الفتوى الدينية التي ينبغي أن تكون وفقا لضوابط ومعايير ثابتة، والفهم الخاص لمعطيات دينية تحتمل الاختلاف في الدلالة، وأيضا الرأي الشخصي والمفاهيم الخاصة، والعمل على تنمية الوعي لدى الناس وايضاح المواقف والاراء الشخصية وانها قناعات ذاتية لا تعبر عن قيم الدين وتعاليمه، والاستجابة للغة الحوار والابتعاد عن العناد والتعصب الذي يكون المجتمع هو ضحيته.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©