الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شطارة وتجارة·· والفن ثالثهما

شطارة وتجارة·· والفن ثالثهما
13 أغسطس 2008 23:51
في سوق الفن التشكيلي في دبي، يختلط حابل الفن بنابل التجارة والتسويق والربح· صالات عرض تتكاثر يوميا، وعلى نحو أوشك أن أقول إنه كالفطر، تكاثرا يدعو إلى الريبة والتساؤل، الصالات تقيم المعارض في كل يوم تقريبا، واللافت في الكثير من هذه المعارض أنها موجهة، في الغالب، إلى المقتنين للأعمال الفنية، وليس إلى جمهور الفن (هل ثمة جمهور للفن؟)، ولا للمهتمين، مجرد اهتمام· واللافت الثاني أننا أمام سوق حقيقية يتنافس فيها المتنافسون بروح تجارية بحتة، ودون اهتمام بالقيم الفنية، في كثير من الحالات، حيث القيمة الأساسية هي القدرة على استقطاب تجارب ذات شهرة تستطيع حسب منطق السوق أن ''تبيع''· ظاهرة فنية تكاد تتفرد بها إمارة دبي دون غيرها تقريبا، مثلما تتفرد بظواهر اقتصادية جمة، وهي ظاهرة تقتضي التساؤل عما إذا كان انتماؤها للانفتاح الفني أم الاقتصادي، أم للجمع بين الجانبين؟ فهي تأتي في ظل النهوض الاقتصادي البارز من جهة، والمشاريع والبرامج الثقافية التي لا تكف المؤسسات عن إطلاقها من جهة ثانية· نبقى مع ظاهرة انتشار وتزايد صالات الفن التشكيلي، نستجلي هذه الظاهرة من خلال المعنيين بها، من فنانين وأصحاب صالات ومؤسسات ثقافية وفنية وتجارية· وفي حين تعلن بعض الجاليريهات أن هدفها ''هو إنشاء معرض حديث ممتاز يبرز الفنّ الأصيل، واللوحات المطبوعة محدودة العدد، والمشغولات اليدوية المصنوعة بحرفية عالية من فنانين في مختلف دول العالم، وبخاصة هؤلاء الفنانون المعنيون بالثقافة والتراث في الدول العربية''، لا يتردد أصحاب جاليري آخر بالقول إنهم أسسوا الجاليري ''ليكون معرضاً تجارياً للفن التشكيلي ليشكل مكاناً لالتقاء الفن والفنانين''، ويصف أحدهم صالته بأنها ''متجر يقوم بأعمال التصميم الداخلي، والديكور، وإطارات الأعمال الفنية، ويتعامل في بيع وشراء الأعمال الفنية واللوحات التشكيلية''· شريف: المعايير التجارية عبد الرحيم شريف مؤسس ''فلاينج هاوس'' (وهو متحف مصغر يحتضن أعمال عدد من الفنانين الإماراتيين) يقول إنه ليس ضد تكاثر هذه الصالات، فهي بمعارضها التي تقيمها تخلق وتنشر المفاهيم والوعي الفني والثقافي بشكل عام في دبي وفي الدولة عموما، ويمكن أن تسهم في خلق حركة فنية فاعلة، وقد أسهمت في تطوير العلاقة بين الفن والمجتمع نسبيا· ويعتبر عبد الرحيم شريف كل هذا صحيحاً وممكناً، كما يقول، لكنه في الوقت عينه يرى أن اقتصار دور هذه الصالات على العرض من أجل التسويق فقط يقلل من أثرها الثقافي، معتبراً أن الغاية الأساسية لأصحاب هذه الجاليريهات تتمثل في الربح بأي وسيلة، وغالبيتهم يتعاملون مع العمل الفني بوصفه سلعة تدر ربحاً، خصوصا في ظل الانفتاح الاقتصادي الذي تعيشه دبي ويتيح الفرصة لتجار الفن أن يقدموا ما يريدون، في ظل غياب الأهداف الفنية والثقافية عن هذه المشاريع· إذ تغيب عن هذه الصالات أية أنشطة ثقافية كالندوات والمؤتمرات التي تغني الحركة الفنية· ويصف شريف المعارض التي تقيمها هذه الصالات بأن الكثير منها يتسم بتقديم أعمال تقليدية تغيب عنها الجرأة والمغامرة، فالمعايير المتبعة هنا ليست فنية فقط، بل معايير تجارية تتمثل في تقديم الأعمال ''البياعة'' كما يقال في السوق· ومن هنا، وما دامت هذه الصالات تحصل على أرباح عالية، يجب على جهة أو هيئة ثقافية رسمية معينة أن تقوم بتنظيم هذه السوق المفتوحة، من خلال تشكيل لجان فنية تضع الخطط من أجل فرض رسوم مثلا على مبيعات كل معرض كي تتم الاستفادة من هذه الرسوم في دعم الفن والفنانين، ولا يجوز أن تقوم دائرة اقتصادية بتنظيم هذه السوق من دون ضوابط· عبد الواحد: الجانب التجاري الفنان خليل عبد الواحد، المنسق للفنون التشكيلية في مجلس دبي الثقافي السابق، يصف المشهد بالتأكيد على الزيادة الكبيرة في عدد الجاليريهات، وكذلك في نوعية الأعمال المعروضة فيها وأيضا مستوى الإقبال عليها الذي أصبح يشمل كافة الجنسيات الموجودة على أرض الإمارات، إضافة إلى الفنانين من جنسيات أخرى الذين أصبحوا يأتون بشكل مكثف إلى الدولة من أجل عرض تجاربهم المختلفة التي تجسد التلاقي الحضاري للغرب والشرق· ويعزو عبد الواحد هذه الظاهرة إلى أسباب عدة تتعلق بالتطور الذي شهدته دبي على غير صعيد، سواء الاقتصادي أو الاجتماعي والثقافي، ويرى فيها مظاهر إيجابية تسهم في تطوير الحركة الفنية والثقافية عموما، فالتحولات التي حدثت في دبي من حيث النمو فوق العادي واستقبالها لأناس من كل الجاليات والثقافات أسهمت في فتح الأبواب أمام تطور العلاقة مع الفنون التشكيلية، وتوسيع سوق الفن واقتناء الأعمال الفنية، وهو يرى أن لا مشكلة مع كون هذه الجاليريهات ومعارضها تنطوي على جانب تجاري، لأن هذا الجانب يخدم الفن والفنانين من حيث الترويج وتسويق أعمالهم، كما يخدم الفن المحلي من خلال تعريفه بتجارب فنية عربية وعالمية يتم جلبها وعرضها، ومن هنا فإن هذه الصالات تقوم بدور مهم في نشر ثقافة بصرية، وهي تتوزع في أماكن متفرقة من دبي، فلا تكاد منطقة تخلو من صالة أو أكثر· وإجابة على سؤال حول الدور الذي تقوم به صالات العرض إلى جانب المعارض، وإمكانية أن تقوم بعقد ورشات عمل وندوات ومحاضرات قال إن ذلك ممكن في المستقبل، حيث يجب على هذه الصالات أن تتجاوز الدور التقليدي لصالة العرض لتقوم بدور تثقيفي من خلال ورشة العمل والتدريبات والاستفادة من خبرات الفنانين الذين تدعوهم وتعرض لهم· ويشير خليل إلى ضرورة أن يتابع الفنانون الإماراتيون ما تقدمه المعارض من تجارب للاستفادة وتطوير تجاربهم· كما أكد على دور الصحافة والإعلام في خدمة الحركة الفنية المحلية والتجارب القادمة من الخارج· سماوي: سنتجاوز العروض مؤسس ''أيام جاليري'' خالد سماوي، القادم من العمل ضمن القطاع المصرفي الخاص، والذي يعرض لأكثر من ثلاثين فنانا سوريا على لوائحه لا يعرضون سوى من خلال صالته، يعتبر أن تطور دبي كمركز للمشهد الفني في الشرق الأوسط، كان وراء افتتاح هذا الجاليري (وهو فرع من أصل في سورية)، ويقول شريكه هشام ''شعرنا أنه من الأهمية بمكان بالنسبة لنا أن نكون موجودين هنا وسط الأحداث الجارية· حيث كنا نزور العروض والمزادات منذ افتتاحنا للجاليري''· وميزة هذا الجاليري أنه أنشئ للتعريف بالفن في سورية، لكنه مهتم أيضا بما يجري في دبي كما يقول هشام ''فإضافة إلى المشاركة في المعارض الفنية حول العالم (نيويورك، بازل، أبوظبي)، سيكون ''أيام جاليري مكاناً للأنشطة ذات الصلة بالفن في أرجاء المنطقة· ''ثمّة فرصة كبيرة في هذه المنطقة للصالات الفنية نظراً لنقص المتاحف والأماكن الأخرى المخصّصة للأحداث التي تقوم بأشياء مثيرة· ونحن نخطّط للانخراط في أوساط ثقافية متنوّعة لتعزيز تطوّر دبي الثقافي· ولدينا بعض الأمور المثيرة قيد التحضير''· رؤوفي: دعم الفنان وتقول بهراك رؤوفي المشاركة في تأسيس ''بيسمنت جاليري'' إن هذه الصالة تسعى لعرض الأعمال الفنية المعاصرة التي تنسجم مع الأسلوب الفني المتميز للصالة، حيث جهزت الصالة لتقدم أفضل هذه الأعمال في المنطقة· وهي تهدف طبعاً إلى تكثيف الجهود لإضفاء أجواء وديّة وثقافية وفنية خلال فصل الصيف· وتستضيف الصالة في معرضها القادم أعمالاً للفنان ''هانيبال الخاص'' أحد أساطير الفن الإيراني المعاصر· وفي ما يتعلق بالأسس التي بناء عليها يتم اختيار الفنانين لعرض أعمالهم الفنية، تقول رؤوفي إن ''بيسمنت جاليري'' تشكل مكاناً مثالياً لإيجاد علاقة فريدة بين المعرض من المواد الفنية ومحبي الفن، كما تعمل على توطيد هذه العلاقة بين الفنان وإبداعاته الفنية· كما تشكل ''بيسمنت'' منصة مثالية تعمل على إبراز الأعمال الفنية ومنح الزوار وعشاق الأعمال الفنية الفرصة لكسر الحاجز من خلال إيجاد أجواء ودية للتحاور والنقاش مع الفنان· وهي تحاول إتاحة الفرصة أمام عشاق الفن خلال المعرض الثالث الذي ستستضيفه الصالة للفنان ''علي أكبر صادقي'' للاطلاع على الإبداعات الفنية السريالية التي ستزين جدران الصالة· وحول العلاقة بين الجانب الفني والجانب التجاري تقول إن من الصعب أن نتوقع أن يستمر الفنان بإبداعه وابتكاره للأعمال الفنية دون دعم هذا الفنان مادياً ومعنوياً، لذا تعمل الصالة من خلال المعارض كحلقة وصل بين الفنان وعشاق الفن بهدف تعريف الناس بأعماله· وهناك دائماً أكثر من طريقة لتقدير الفن· الريس: تنوع الذائقة وللفنان عبد القادر الريس رأي في التنوع الذي أحدثته ظاهرة انتشار صالات العرض، حيث يجد أنها ''ظاهرة جيدة ودليل على انتشار الفن واتساع آفاقه، فالخط مثلاً لم تكن له سوق في السابق، أما الآن فالناس يهتمون باقتناء لوحات الخط في الإمارات، ويعود الفضل في هذا الإنجاز للدولة التي أسهمت في دعم هذا الشكل من الفن التشكيلي، وهذا ينطبق أيضا على اللوحات الحروفية وعلى الفن التشكيلي المعاصر والحديث الذي زاد اهتمام الناس به من خلال الملتقيات المقامة أو المعارض أو من خلال الإعلام أو المهرجانات التي لها الكثير من الفوائد بالنسبة للفنانين من حيث التعرف إلى تجارب بعضهم البعض، أو من حيث تطور الذائقة الفنية لدى الجمهور نفسه''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©