الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اتفاقية باريس.. أسباب أخرى للانسحاب

9 يونيو 2017 22:51
يدافع الرئيس دونالد ترامب عن الانسحاب من اتفاقية باريس بشأن التغير المناخي استناداً على أسس وطنية. ومع الإعلان عن هذا القرار الأسبوع الماضي، قال إنه «انتخب ليمثل مواطني بيتسبيرج، وليس باريس». وأحياناً يذهب مسؤولو الإدارة الأميركية إلى أبعد من ذلك. فقد أشار «سكوت بريت»، مدير وكالة حماية البيئة، إلى أن الاتفاق يهدف عمداً إلى عرقلة اقتصادنا. غير أنه ليست هناك أدلة كافية على هذه الرؤية. فإذا كان ترامب يؤمن بذلك، فلماذا قال إنه يريد إعادة التفاوض بشأن الاتفاق مع الدول التي تقف وراء «المؤامرة» على اقتصادنا بدعوى واجهة تغير المناخ؟ وفي رأيي أن هناك سبباً أقوى لترك الاتفاق، وهوى قضية وطنية أقوى، حيث إن من المرجح أن تكاليف تقييد استخدام الطاقة، كما سبق أن كتبت عندما أعلن ترامب قراره، ستفوق فوائد التخفيف من الاحترار العالمي. ومن المتوقع أن يؤدي التغير المناخي إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى 4 في المئة بحلول عام 2100. وهذه تكلفة كبيرة. ونظراً لأنه من المتوقع أيضاً أن يكون العالم أكثر ثراء بحلول ذلك الوقت، فإن من المنطقي تخصيص الموارد للبحث عن كيفية للتخفيف من آثار الاحترار والتكيف معه بدلاً من تقليص استخدام الطاقة. ولذلك فإن الحلول التي هي على غرار اتفاقية باريس ليست في مصلحتنا الوطنية على أية حال. وحقيقة أن جميع الحكومات الأخرى في العالم تقريباً تؤيد الاتفاق لا ينبغي أن تبعدنا عن متابعة مصالحنا. وعلينا أن نأخذ آراءهم في الحسبان عند اتخاذ قرارنا، لأن لنا مصلحة في أن تكون علاقاتنا جيدة مع هذه الدول. ولكن أحياناً تملي علينا مصالحنا أن نتخلى عن بقية العالم. وهناك سبل أفضل وأخرى أسوأ للقيام بذلك. فالانسحاب من اتفاقية باريس ينظر إليه باعتباره دليلاً على ازدراء لحلفائنا الأوروبيين، وعداء للتعاون الدولي، وليس لأننا قد اخترنا أن نتخذ قرارات صارمة لضمان رفاهية بلادنا. وربما يترك القرار انطباعاً مختلفاً لو لم يقم ترامب بمعاملة حلف شمال الأطلسي «الناتو» بطريقة غير مكترثة في كثير من تصريحاته خلال الحملة، أو لو مثلاً فكر في ترك منظمة التجارة العالمية. ومع ذلك، فإن الانسحاب من الاتفاق سيكون مثيراً للجدل بشكل واسع. والسياسة الخارجية التي تستند إلى المصلحة الوطنية لا تحتاج بالضرورة إلى خطاب عام يشير بشكل صريح ومحدد إلى خلفيات هذه المصلحة الوطنية. ومن المرجح أن تتجاوز تكاليف تقييد استخدام الطاقة مزايا هذا الإجراء بالنسبة للعالم بأسره. وهذا في الواقع ما يعتقده معظم المعارضين للاتفاق. وبعبارة أخرى، أعتقد أنه ليس في مصلحة بيتسبيرج، ولكنه ليس أيضاً في مصلحة اتفاقية باريس. وغالباً ما يسهب النقد الموجه لترامب في مسائل تتعلق باللهجة على حساب الجوهر. ولكن أحياناً، ولاسيما في السياسة الخارجية، تكون اللهجة هي الجوهر نفسه. والأمر الذي لم تكن الثقافة السياسية الأميركية قادرة على تكريسه، لأنها لم تتعلمه بعد، هو أن الوطنية يجب ألا تسبب الغرور. وعلى الجانب الآخر، أثار قرار ترامب الانسحاب من اتفاقية باريس ردود فعل عالمية. وفي أول رد فعل أوروبي على قراره، ندد رئيس المفوضية الأوروبية «جان كلود يونكر» بالقرار، وكتب في تغريدة بالإنجليزية والألمانية: «إنه قرار خاطئ إلى حد خطير». ومن جانبها، أعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن أسفها للقرار الأميركي. وقالت ميركل: «آسفة لقرار الرئيس الأميركي»، داعية إلى مواصلة «السياسة المناخية التي تحفظ أرضنا». وفي بيان مشترك، أسفت ألمانيا وفرنسا وإيطاليا لانسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ، مؤكدة أنه «لا يقبل إعادة التفاوض». وأضاف قادة الدول الثلاث: «نحن مقتنعون بشدة بأنه لا يمكن إعادة التفاوض حول الاتفاق»، وذلك بعدما أبدى الرئيس ترامب رغبته في التفاوض على اتفاق جديد، أو إعادة التفاوض حول الاتفاق الراهن. وبدوره اعتبر المفوض الأوروبي المعني بملف المناخ «ميجيل إرياس كانيتي» أن العالم «يمكنه أن يواصل التعويل على أوروبا» في جهود التصدي للاحتباس الحراري، وذلك بعد إعلان انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس. *محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©