الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قافلة الحرية والابتزاز الإسرائيلي

9 يونيو 2010 21:23
ليلة الأحد 30 مايو كان رئيس وزراء إسرائيل في تورونتو يخاطب حشداً كبيراً من اليهود الكنديين، في حفل نظمه الاتحاد اليهودي الكندي بمناسبة اليوم اليهودي الكندي، الذي يقيمونه كل عام من أجل دعم إسرائيل وجمع التبرعات المالية والدعاية المملة ودعوة اليهود إلى العودة إلى "أرض الميعاد"، واقترحوا على بنيامين نتنياهو أن يتوقف ليومين في تورونتو في طريقه إلى موعد محدد له مع الرئيس الأميركي في واشنطن، وأن يخاطب مهرجاناً (شعبياً) أعدوا له العدة قبل أن يلتقي رئيس وزراء كندا ستيفن هاربر. وجاء نتنياهو إلى الحفل متأخراً ساعة وزعموا أن ذلك كان (لاعتبارات أمنية). في داخل قاعة معرض تورونتو الكبيرة كان هنالك حشد من اليهود وأصدقائهم "يستمتعون" بخطب منظمي الاحتفال التي كانت تفيض بالثناء على إسرائيل"واحة الديمقراطية والتقدم" في صحراء الشرق الأوسط القاحلة، ويكيلون السباب والاتهامات الجائرة للمسلمين والعرب الذين يهددون أمن "واحة الديمقراطية" وشعبها. ومثل هذا الكلام والسخف الذي ظل يسمعه العالم "الديمقراطي" الغربي من قادة إسرائيل منذ قبل وبعد إقامة الدولة العبرية بقرار من الأمم المتحدة قضى بتقسيم فلسطين التاريخية بين سكانها العرب، الذين يمثلون الأغلبية (80 في المئة من السكان عام 1948) وأقلية يهودية يمثل المهاجرون من أوروبا غالبيتهم العظمى. خارج القاعة كان بضع مئات من المواطنين الكنديين في مقدمتهم بعض رجال الدين اليهود وشباب وكُتاب وشخصيات عامة معروفة، قد تظاهروا خارج القاعة، ورفعوا شعارات تندد بسياسات نتنياهو وحكومة إسرائيل الإرهابية العنصرية التي تحاصر سكان غزة وتجوع أطفالها، وتمنع وصول الدواء والغذاء والعون الإنساني لهم. هذه التظاهرة العفوية لم يدع لها الاتحاد العربي- الكندي، أو أي من المنظمات والهيئات العربية والإسلامية في تورونتو، وخيراً فعلوا. فقد لاحظت أن المسؤولين عن الأمن في تورونتو قد كثفوا إجراءات ووجود "قواتهم" حول قاعة الاحتفال وأوقفوهم صفوفاً، صفاً وراء آخر وبشكل غير معهود في هذه المناسبات! الذين تجمهروا خارج القاعة، جاءوا دون دعوة من أحد، إنما بدافع من إيمانهم وقناعاتهم بأن من الحق أن يقال للرئيس الإسرائيلي إن هنالك في تورونتو من يريدك أن تسمع صوته، وأنه يدين سياساته غير الإنسانية المناهضة لكل القيم الإنسانية وحقوق الإنسان وأنهم يطالبونك أن ترفع الحصار الجائر عن شعب غزة، وأن تعيد للفلسطينيين حقوقهم التي أقرها المجتمع الدولي بهيئاته الرسمية الدولية. وخاطب نتنياهو الحشد داخل القاعة، وأطال وأعاد الأسطوانة المشروخة إياها، وأضاف إن "إسرائيل وحكومتها لا يعادون العرب ولا يريدون سوءاً بسكان غزة". وأضاف: "إنه قرر أن يتوقف في تورونتو ليقدم شكره وتقديره وحكومته للرئيس الكندي (هاربر) وحكومتهم على دعمهم المستمر والقوي لإسرائيل، وأنه هو وحكومته أكدوا دائماً أنهم "أصدق وأقوى أصدقاء إسرائيل" وسيلتقيه (رئيس الوزراء الكندي) قبل سفره إلى واشنطن ليقدم له رسالة إسرائيل الصديقة! وفي صباح الاثنين 31 مايو، التقى نتنياهو مع "هاربر" في أوتاوا، ضمن اجتماع رتب له على عجل. وخرج من الاجتماع ليواجه حشود الإعلاميين الكنديين والمراسلين الأجانب، وبدا لي أن هذا الرجل ليس هو الرجل الذي كان ليلة البارحة في تورونتو منتفخاً غروراً، وكان يخاطب العالم كانت عملية قافلة السفن (الحرية) قد وقعت. وكان "العالم" قد بدأ يفوق ويفتح أعينه أولاً ثم عقله على حقيقة الدولة الإسرائيلية، وأن حقيقة حصار شعب غزة واضطهاد شعب فلسطين كله بدعاوى أمن إسرائيل. وتوالت "اكتشافات" العالم عبر عملية "باخرة الحرية". وظهرت جدران الصمت الجبان الذي فرضه الصهاينة على الإعلام العالمي وعلى الدول والشعوب في أوروبا وأميركا، وذلك تحت التهديد المستمر لكل صوت يقول أو يكتب كلمة حق في فضح سياسات إسرائيل العنصرية باتهامه بمعاداة السامية وبنبش قبور المحرقة النازية لليهود في أوروبا. والآن وقد فضح نتنياهو بلده وسياسته بعمليته الحمقاء، علينا نحن أن نواصل العمل السلمي المستنير لحشد قوى الرأي العام والجماعات الأهلية والعالمية للضغط على إسرائيل، لرفع الحصار عن غزة وإرغام رؤساء الدول الكبرى المرعوبين دائماً من إسرائيل أن يتخذوا موقفاً عادلاً لمرة واحدة، وأن يثقوا أن وعي الشعوب، مهما طال بها الزمن، سيهزم سياسة الابتزاز التي تمارسها عليهم إسرائيل. عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©