الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

محمد يوسف يعود إلى عالم الطفولة العفوي عبر اللون واللوحة

محمد يوسف يعود إلى عالم الطفولة العفوي عبر اللون واللوحة
9 يونيو 2010 21:23
يقول الفنان المسرحي والتشكيلي الدكتور محمد يوسف الفائز مؤخراً بجائزة الدولة التقديرية فرع الفنون الفراغية بأنه” مشدود دوماً للبدايات” ولعل في هذا القول ما يشفع لكل فنان اقتحام المنطقة الضبابية المغسولة بالحنين، والمحكومة في ذات الوقت بالبتر والقطع والانفصال، ونقصد بها هنا منطقة الطفولة الغاربة والمنسية والتي تدفع بالحساسية المختلفة للمبدع إلى التعامل معها كحالة فردوسية وصوفية تتجلى في اللاوعي وتحرّك مساراتها نحو شغف الفنان، فتضيء انشغالاته كلما ساقته هبّات العمر وعواصفه إلى الجفاف والصمت والعزلة القصوى. ينشغل الدكتور محمد يوسف حالياً بترميم هذه الهوة المؤلمة التي تفصله عن طفولته من خلال العودة إلى اللون وإلى اللوحة بعد عدة تجارب وأعمال اعتمدت على الفنون المعاصرة بهواها التركيبي والفراغي مع الاستعانة بالثيمات الشعبية والمحلية كمناخ روحي ينقذ هذه الأعمال من الانجراف الكلي نحو التغريب والغموض والحياد المطلق. وفي لقاء مع “الاتحاد” بعد فوزه بالجائزة التي يعتبرها من أهم وأنفس الجوائز التي نالها لأنها شرفته بمصافحة ولقاء صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله أشار محمد يوسف إلى أن دخوله غمار الفنون الأدائية في المسرح والتلفزيون وكذلك في الفنون التشكيلية كالرسم والنحت والتصميم جاءت من خلال شقاوته التي يصفها بالشقاوة الإيجابية أو الحميدة التي ساعدته على تجاوز حاجز الخجل والتردد أثناء الدراسة الابتدائية، وهي المرحلة التي أطلقت الشرارات الأولى في فضاء تجربته الفنية وجعلتها تنطلق بثقة وتمكّن نحو المراحل المتقدمة التي توّجها بعد سنوات طويلة بنيل درجة الدكتوراه في الفنون الجميلة من جامعة (راشني) في الهند، ومن قبلها نال شهادة الماجستير في الفنون من جامعة ويبستر في ولاية ميسوري الأميركية، كما أنه يحضّر حالياً لنيل درجة بروفيسور في الفنون التشكيلية. وعن مشروعه الفني الجديد، يقول الدكتور محمد يوسف إن هذا المشروع مكرس للعودة إلى عالم الطفولة العفوي والمتخفف من كل قصد فني وتزييني مبالغ به أو متشبث بالحس الاحترافي. وأضاف” هذه العودة تمثل بالنسبة لي انعطافة مختلفة في تجربتي التشكيلية التي طغت عليها سابقا الجوانب الأكاديمية ومشاريع التخرج، وسأحاول من خلال هذه اللوحات البسيطة والسهلة أن أعيد الصفاء العميق والمفتقد في أعمالي السابقة” ويشير يوسف إلى أن التعامل مع اللون ومع الأنماط والخطوط والأشكال الارتجالية المسكونة بالعاطفة والحرارة الانفعالية التي تترجمها يد الطفل في كراريس الدراسة هي النمط الذي يمكن له من خلاله أن يستمع لنداء الكائن الصغير الذي يسكنه دون تشويش ودون عبء أكاديمي مقحم، ومن هنا ــ كما يقول ــ فإن الأعمال التي يشتغل عليها حالياً هي أشبه بالورشة الفطرية التي تقوم على العبث الجميل واكتشاف اللعبة المدهشة للحظة التقاء الخط واللون مع الورقة البيضاء أو اللوحة الصامتة. وينعت الدكتور محمد يوسف هذه التجربة الجديدة بأنها أقرب إلى فتح “مغارة الكنز” التي تركناها خلفنا ولم نستثمرها كرصيد فني وجمالي بل وضعناها في خانة الهجر والإهمال التي أغلقت علينا دهاليز الذاكرة الفنية. وعن الدوافع الأخرى التي جذبته لعالم الطفولة يقول يوسف إن عمله لفترة طويلة كمتطوع في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية وكذلك عمله كمحكم في الأنشطة الفنية بوزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع جعلته يقترب كثيراً من اللوحات التي قدمها الأطفال والحافلة بالتلقائية والحس الفطري، فرأى في هذه الفنون ما يشبه الشفافية القصوى في التعامل مع الفن، كما رأى فيها هذه “النخبوية الصادقة” التي تخلو من كل منفعة ومن كل قصد. واختتم يوسف حديثه برغبته في إقامة معرض مستقل لهذه الأعمال، رغم أن هذه التجربة تمثل له نوعاً من الصراع بسبب تخليه عن شغله الأكاديمي السابق والدخول في مغامرة تعتمد على الفن الساذج والطفولي الذي يمكن قراءته بأشكال وأنماط متعددة، ولذلك فإنه ــ وكما يقول ــ قلق من هذه المغامرة رغم صدق التعامل معها ورغم الطابع الروحي الصافي والمتجرد الذي تتضمنها هذه التجربة الجديدة.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©