الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المستحمرون

المستحمرون
18 يناير 2010 00:17
حدثنا الحمار وقال: “أنا من أنا؟؟؟؟ لا تسأل عن الاسم فهو لا يعني شيئاً.. لو سميت الوردة حذاء مثلاً، فلن تتوقف عن إطلاق عبيرها الرائع.. ولو سميت الحذاء وردة فسيظل حذاء، حتى يهترئ.. الأسماء ومدلولاتها هي أحد ابتكاراتكم الوهمية. أنا.... أنا زعيم الأغلبية الناهقة....!! ما علينا!! هل تعرفون من أنا فعلاً؟؟ لا أنتم لا تعرفون، لأنكم تطلقون فوراً أحكامكم المسبقة وانتم تبتسمون بخباثة وسوء طوية. أولا أنا لا أقل عنكم علماً وثقافة ...لا بل أزيد. أنا حمار جامعي... نعم حمار جامعي تخرجت متفوقاً، ولم أزل طالباً من مدرسة الحياة والخبرة العملية والممارسة اليومية . تخرجت مهندساً فذاً.. وإذا بحثتم قليلاً سوف تدركون أنني وراء تصميم معظم الطرقات الصعبة في البلاد.. وقد مشيتم خلفي لتحفروا وتعبّدوا فيما بعد. ما علينا مرة أخرى: أنا رفيق وصديق الرجال العظام الذين صنعوا التاريخ، من وفلاسفة ورحالة، وانتم لا شك تعرفونهم، بل أنا صديقكم جميعاً.. لا بل أنا بطل أول رواية مكتوبة في تاريخ الإنسانية التي تحمل اسم احد أجدادي (الحمار الذهبي )، ولا ننسى حمار دونكيشوت الذي كنت أعقل منه وأكثر واقعية. وهل تذكرون حمار جحا؟! هل تتذكرون عندما (شلّيتم) عرض جحا لأنه ركب حماره بينما أنه يمشي إلى جانبه، ثم شللتم عرضه عندما وضع ابنه مكانه بالقيادة، ثم شللتم عرضه عندما حملني ليتخلص من شروركم ... ماذا كنتم تريدون.. ومن هو الذي كان الأفضل؟ الذي يتدخل في شؤون لا تعنيه، أم ذلك الحمار الذي كرس نفسه لخدمة جحا الإنسان، بدون تذمر؟! لا ننسى حمار توفيق الحكيم، وغيره من الكتاب الذي عرفوا قدري وسيرتي، تماماً كما عرفها صديقي يوسف غيشان الذي أصر وألح على أن أدافع عن نفسي شخصياً أمامكم، لأنه يعرف مدى صبري وعنادي وإلحاحي وقدرتي على الإقناع. نعم أنا زعيم الأغلبية الناهقة، وأعضاء حزبي ينتشرون ويتناسلون في كل مكان، في المؤسسات الرسمية وغير الرسمية.. في الأحزاب المؤيدة والمناوئة، من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال.. منهم الطيب ومنهم الشرير... ومنهم (الطرّير)..... أقصد الطيب الشرير في الوقت ذاته.. ومن موقعي كزعيم للأغلبية أقوم بتقديم نفسي، حيث تأتيني المعلومات من أعضاء حزبي من كل المواقع، ومعلوماتي موثوقة وواقعية. أقول لكم أن الحمار الذي يتأنسن أفضل بكثير من الإنسان الذي يستحمر، وأنا حمار اتأنسن من أجل أن أرسم الابتسامة على وجوهكم والتكشيرة على وجوه المهملين والمتسيبين والفاسدين في كل مكان”. انتهى حديث الحمار. يكون الإنسان حماراً أيضاً ، نظراً للحمرنة التي يتمتع بها، والغباء المتأجج الذي ينعم فيه بشقاوته، وهذا ليس ذنبه، بل يتأتى نتيجة تواطؤ الوراثي مع المكتسب ليتحول الإنسان إلى حمار مرخص ومسموح له مزاولة المهنة، وحاصل على الأيزو الحميري بجدارة واقتدار. لكن الأصعب والأكثر مهنية واحترافاً، هو أن يستحمر الإنسان العادي.. فيصبح مستحمراً.... ولهذا الأمر مضاعفات خطيرة، اذ قد يتحول المستحمر بإرادته إلى (إنسمار)..... أقصد الإنسان الحمار رغماً عنه، حيث يتحول الإنسان، سواء كان رجلاً أو امرأة، إلى حمار دائم ولا يستطيع العودة إلى إنسانيته، إلا بعد التقاعد، لكن بعض المتقاعدين يفشلون في العودة إلى طبيعتهم الإنسانية.. ويستمرون في النهيق، حتى النهاية. إنها تمطر مستحمرين في كل مكان!!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©