الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

بوصلة الشركات الغربية تعطي ظهرها لأسواق الدول الناشئة بعد 20 عاماً من الاستثمارات

بوصلة الشركات الغربية تعطي ظهرها لأسواق الدول الناشئة بعد 20 عاماً من الاستثمارات
18 ابريل 2014 22:00
ترجمة: حسونة الطيب عادة ما يدور الكثير من الجدل حول استراتيجية الشركات وما ينبغي أن يكون عليه حجمها وتنوع نشاطاتها ونسبة الفوائد، التي يمكن أن تجنيها، لكن ربما تغري المواقع الجغرافية العديد من هذه الشركات، التي تراهن على الدول النامية. وتبدو الأرقام التي حققتها شركة فودافون من الوهلة الأولى، مبررة لأقوى فكرة إدارية خلال العقدين الماضيين، والتي تروج إلى ضرورة توجه الشركات نحو الأسواق الناشئة التي تتميز بالنمو السريع. وارتفعت مبيعات الشركات العاملة في مجال الاتصالات في الأسواق النامية، بينما تراجعت في المتقدمة. وبالتدقيق في هذه الأرقام وقياساً على سعر الصرف، نجد أن مبيعات «فودافون» في الأسواق الناشئة تراجعت، ما يعكس الموجة الكبيرة، التي تعرضت لها عملات هذه البلدان من تراجع في قيَّمها منتصف العام الماضي، في وقت أعلن فيه الاحتياطي الفيدرالي عن نيته خفض شراء السندات. وربما تستمر هذه الموجة لبعض الوقت، حيث تراجعت الليرة في تركيا والراند في جنـوب أفريقيا، أكبر سوقين لشركة فودافون، لمستــويات متدنية في يــناير الماضي. وتبــدو الرؤية غير واضحة على المدى البعيد أيضاً. واستثمرت الشركة خلال عقد من الزمان، أكثر من 25 مليار دولار في كل من الهند وتركيا، حيث لم تتعد أرباح هذه العمليات سوى 1% في السنة الماضية. وفي غضون ذلك، حصل حاملو أسهم «فودافون» في أميركا، على الكثير من الفوائد. وتخضع أكبر رهانات الشركات الغربية على الدول الناشئة هذا العام، للمزيد من الفحص والمراجعة، حيث أصبح العديد من الشركات متعددة الجنسيات بعيدة عن تحقيق الأرباح في هذه الدول. وبلغت نسبة عائدات أسهم المؤسسات الأميركية 12% خلال 2012، متساوية تقريباً مع متوسطها العالمي. لكن وفي ظل هذا النمو السريع، تراجعت أرباحها بسعر الدولار. وسادت موجة كبيرة من تراجع أسعار الأسهم، نتيجة لتراجع حماس المستثمرين. وتذيل المؤشر، الذي تعمل على تسييره مؤسسة ستوكس للبيانات، والذي يرصد حركة نشاط الشركات الغربية في الأسواق الناشئة، قائمة المؤشرات المدرجة في «ستاندرد آند بورز» بنحو 40% على مدى ثلاث سنوات. كما يعني تعافي الدول الغنية، المزيد من المنافسة على الموارد بين المؤسسات. الانتعاش المقبول ومع تمتع نصف الشركات بالانتعاش، لا يخلو النصف الآخر من المشاكل والمعوقات. وربما تشابه طفرة الدول الناشئة، تلك الحقبة الأولى من انتعاش الإنترنت قبل 15 عاماً. ورغم أن الانتعاش في مجمله مقبولاً، لكن تشوبه أخطاء كبيرة. ويمكن تصنيف الشركات التي تعاني من بطء النمو على ثلاثة أنواع. عانت شركات المواد الاستهلاكية مثل «يونيليفر» و«كوكاكول» و«نستله» و«بروكتر آند جامبل»، من ضعف الطلب والعملات، بيد أن معظمها ما زالت متفائلة بشأن المستقبل على المدى الطويل. وتعاني شركات الفئة الثانية التي تستخدم رؤوس أموال كبيرة، من بطء شديد في الطلب، حيث تراجعت أرباح «فيات كرايزلر» في أميركا الجنوبية بنحو النصف خلال السنة الماضية، في حين حذرت كل من فولكس فاجن ورينو، من ضعف مبيعاتها في الأسواق الناشئة. وألغت «بيجو» في فبراير الماضي، أصولاً تقدر بنحو 1,6 مليار دولار، معظمها في روسيا وأميركا الجنوبية. وتتشابه مشاكل الفئة الثالثة مع سابقتها، حيث أثرت حملة الصين ضد تقديم الهدايا للمسؤولين، على مبيعات شركات السلع الفاخرة، التي حققت أرباحاً طائلة في الماضي. وبينما يمكن اعتبار كل ذلك بمثابة السحابة العابرة، من المرجح أن تخلف حالة عدم الاستقرار في الأسواق الناشئة، آثاراً طويلة الأجل على استراتيجيات الشركات. وفي أعقاب أزمة آسيا في 1997 - 1998، اتجهت العديد من الشركات متعددة الجنسيات صوب الدول الغنية. وقلل كل من «سيتي جروب» و«إتش إس بي سي»، من وجودهما في آسيا ليقضيا العقد الماضي في تأسيس عمليات مصرفية استثمارية في أميركا. ومع أن مشاكل الدول الناشئة، ليست بنفس السوء الذي شهدته خلال فترة 1997-1998، إلا أن تعرض شركات الدول الغنية للمشاكل في الوقت الحالي أكثر من تلك الحقبة. وتشكل الدول النامية ثلث مبيعات هذه الشركات، أي ما يقارب ثلاثة أضعاف مبيعاتها في 1997. وتضاعفت مبيعات الشركات الأميركية لنحو الخمس، والعشر لمبيعات الشركات اليابانية. ويقدر نصيب الصين ما بين10 و20% من هذه الشركات، التي تمثل منتجاتها من السلع الاستهلاكية والسيارات والموارد الطبيعية والتقنية، الجزء الأكبر، بينما تشكل العقارات وعمليات البناء والرعاية الصحية، النصيب الأصغر. أيام الطفرة وسبقت معظم هذه العمليات، أيام الطفرة في الدول الناشئة، حيث تواجدت الشركات الأوروبية في آسيا وأفريقيا منذ أيام الاستعمار. وهيمنت الشركات الأميركية على تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، حيث شكلت الشركات الصناعية بحلول التسعينيات، سلسلة إنتاج عالمية. وأغرت موجة التأميم في أميركا الجنوبية، جيل جديد من الشركات الغازية من أيبيريا وأميركا الشمالية. لكن وبحلول منتصف الألفية الثانية، تسارعت وتيرة العملية ليبدأ مديرو الشركات، التفكير في التوجه ناحية دول البريك ذات النمو الاقتصادي السريع. وفور بدء أزمة اليورو وقطاع العقارات، أصبح الهروب من الدول الغربية الخيار الوحيد. وتجاوزت الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى الصين في 2010، ضعف ما كانت عليه في 1998. وفي غضون ذلك، تحولت عمليات الاستحواذ إلى ظاهرة عامة، حيث بلغ حجم شراء شركات الدول الغنية لشركات الدول الناشئة في 2007، نحو 225 مليار دولار، خمسة أضعاف ما كان عليه قبل نصف عقد فقط. وتتميز كل دورة استثمار في الشركات، بالنجاحات والإخفاقات، حيث لا تستثنى الطفرة، التي شهدتها الأسواق الناشئة من ذلك. وارتفعت القيمة الدفترية لاستثمارات الشركات الأوروبية في الدول الناشئة، بما لا يقل عن 3 تريليونات دولار منذ العام 1998. وتعادل هذه القيمة نحو 11% من إجمالي الناتج المحلي للأسواق الناشئة في 2011. وفي حين حظيت العديد من المؤسسات بالنجاح، مثل تلك التي مارست أعمالها في المكسيك في تسعينات القرن الماضي، لا تخلو طرقات بعضها من العقبات. عمليات الاستحواذ وبالبدء بعمليات الاستحواذ، تم منها ما يساوي قيمته نحو 1,6 تريليون دولار منذ 2002، حيث كان الحكم السائد آنذاك فقدان قيمة الصفقة بالنسبة للمستحوذ. ومثلما فعلت «فودافون»، قامت العديد من الشركات بدفع مبالغ ضخمة تغريها التوقعات المتفائلة. وفي 2010، دفعت شركة أبوت للمختبرات الأميركية العاملة في صناعة الأدوية 4 مليارات دولار للاستحواذ على فرع صغير في الهند تابع لشركة بيرامال للأدوية، في توقع بتحقيق نمو قدره 20% سنوياً على مدى عقد كامل. وتراجعت المبيعات بسعر الدولار بعد سنتين من ذلك. كما دفعت «لافارج» الفرنسية 15 مليار دولار، مقابل الحصول على «أوراسكوم» منافستها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتوقعت الشركة المتخصصة في صناعة الأسمنت، ارتفاعاً سنوياً في مبيعاتها بنسبة 30%، بيد أن قيمة أسهمها انخفضت بنحو النصف نتيجة للديون التي تراكمت عليها. كما نجم عن بعض المشاريع الضخمة خسائر كبيرة، حيث طرحت على سبيل المثال، شركة ثايسين جروب الألمانية العملاقة، مشروعاً طموحاً في 2006 لإنتاج ألواح الصلب في البرازيل ومن ثم معالجتها في أميركا. لكن ارتفاع الأسعار أفقد المشروع جدواه الاقتصادية. كما أنفقت شركة أنجلو أميركان للتعدين، نحو 8 مليارات دولار في مشروع ميناس ريو بالبرازيل، حيث تسبب تجاوز التكاليف للتقديرات، في شطب دين بنحو 4 مليارات دولار. وتصاحب هذه الإخفاقات، جملة من عمليات سوء الأداء الذي لازم الشركات متعددة الجنسيات في بعض الدول. ولم تفلح شركات إنتاج السلع الغذائية في تحقيق أرباح عالية في الأسواق الناشئة. وتقدر أرباح «بروكتر آند جامبل» في الخارج، بنصف ما تحققه في موطنها الأصلي أميركا، بينما تقلصت في كل من الهند والبرازيل. وينطبق ذات الشيء على الاستثمارات الإسبانية في أميركا اللاتينية، حيث تجني شركة تليفونيكا للاتصالات أرباحاً قوية في معظم دول القارة، إلا أنها تعاني الكثير في المكسيك. وفي بعض الحالات، انتشر ضعف الأداء في جميع أرجاء القطاع. ورجحت كل مؤسسة تقريباً كفة الأرباح إبان أيام الطفرة، ما نجم عنه فائض في الاستثمارات. وكلما زاد رأس المال، انعكس ذلك سلباً على صغار المساهمين، وشركات التأمين خير مثال لذلك. ويوجد في الهند نحو 20 شركة تأمين أجنبية تسعى للحصول على قدر يسير من الحصة السوقية، في وقت تعاني فيه من إهدار الأموال. (نقلاً عن ذي إيكونوميست) انسحابات لمؤسسات مالية ومعاناة لقطاع السيارات يملك قطاع السيارات تاريخاً طويلاً من المعاناة في نشاطاته التجارية، حيث تجاوزت استثماراته في الصين 50 مليار دولار في إنشاء المصانع، مع إحراز نجاح باهر هناك. لكن يبدو أن حكم العديد من مديري شركات السيارات، على الأخذ بالصين كمثال بالنسبة لأسواق ناشئة أخرى، لم يجانبه الصواب. وتم استثمار أكثر من 30 مليار دولار في دول نامية غير الصين، إلا أن إنشاء مصانع جديدة تزامن مع تراجع الطلب. وعبرت شركة فورد، عن مخاوفها بشأن فائض السعة في البرازيل وروسيا والهند. وربما ينجم عن عمليات هذه البلدان، خسائر بمليارات الدولارات خلال السنة الحالية، في وقت تتهيأ العديد من الشركات لذلك. ويترتب على بعض مؤسسات الدول الغنية، القيام بمراجعة طويلة لعملياتها في الأسواق الناشئة وما إذا كانت تعود عليها بالفوائد أم لا، لكن ذلك محفوف ببعض العقبات النفسية. وتتميز المؤسسات الغربية بالبطء في اتخاذ القرار، ما لم يتعلق ذلك بمشكلة في الدين. وبدون نشاطاتها في هذه الأسواق، لن يكن في مقدورها تحقيق نمو قوي في عائداتها. وشكلت الدول النامية بين 60 إلى 90% من نمو الشركات الأوروبية الكبيرة خلال السنوات القليلة الماضية. ويدرك مدراء هذه الشركات، أن التخلي عن أسواق الدول الناشئة، مخاطرة سيئة النتائج وخير مثال لذلك الشركات التي غادرتها بعد أزمة 1997 -98. لكن ومع ذلك، ينبغي على الشركات استثمار أموالها بحرص، بصرف النظر عن ما في محافظها من احتياطات نقدية. كما أن المبيعات الكبيرة دون تحقيق الأرباح لا تعني شيئاً. وبدخول الشركات المحلية للساحة، احتدمت المنافسة في معظم القطاعات، ولم يعد تحقيق الأرباح بتلك السهولة. وبحقيقة ذلك، بدأت بالفعل شركات كبيرة قليلة، في خفض عدد فروعها في الأسواق الناشئة. وينعكس ذلك جلياً في القطاع المصرفي، حيث انسحبت بعض المؤسسات الكبيرة مثل «رويال بنك أوف اسكتلندا» و«آي أن جي» من الدول النامية. كما باع بنك أوف أميركا فرعه في الصين. لكن، تحاول حتى الشركات الكبيرة الناجحة التي تدين بالولاء لهذه الأسواق، زيادة عائداتها من خلال تقليص تواجدها هناك، حيث تخلى بنك أتش أس بي سي، عن 23 من نشاطاته في الأسواق الناشئة. وتسعى أكبر خمس شركات للتعدين في العالم، لمواكبة ضعف الطلب في هذه الدول، من خلال خفض استثمارات رأس المال بنحو الربع منذ العام 2012. (نقلاً عن: ذي إيكونوميست)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©