الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أجندة بوتين في برلين

7 ابريل 2013 00:36
فريد وير موسكو عندما يصل بوتين إلى ألمانيا لافتتاح الدورة السنوية لمعرض «هانوفر ميس»، أكبر معرض صناعي في العالم، فإنها ستكون إحدى الفرص الأخرى -إلى جانب الألعاب الأولمبية الشتوية التي ستستضيفها روسيا في عام 2014، ورئاسة بلده للدورة السنوية لمجموعة العشرين- لإبراز قوة روسيا، وكونها دولة كبيرة مهمة وذات اقتصاد لا يمكن تجاوزه، ولاسيما أن المعرض خلال هذه السنة يركز على الموضوع الروسي ويستضيف عدداً كبيراً من العارضين الروس. ولكن بالإضافة إلى كل ذلك تمثل فرصة افتتاح المعرض مناسبة لبحث العلاقات الثنائية بين ألمانيا وروسيا، وهي علاقات أقل ما يمكن القول عنها هو أنها ليست دافئة. ومع ذلك فقائدا البلدين، بوتين وميركل، تمكنا من تجنب تداعيات الأزمة الاقتصادية وتمكنا من تفادي أسوأ تأثيراتها، فضلاً عن أن حجم التجارة المتنامي بين الجانبين والتعاون المتصاعد في العديد من المجالات جعل العلاقة الاقتصادية بينهما نموذجاً يدعو للتفاؤل في سياق أوروبي مأزوم. بيد أن العلاقات بين موسكو وبرلين لا تحكمها فقط الاعتبارات الاقتصادية والتجارية، بل تتعداها إلى انشغالات ألمانية حقيقية بالتوجه الداخلي لروسيا نحو اليمين، فمنذ عودة بوتين للرئاسة في ولاية ثالثة مثيرة للجدل والبلد يعيش على وقع قوانين تحد من حق الاحتجاج والتظاهر، وتضيق على المنظمات غير الحكومية، بل تذهب إلى فرض الرقابة على الإنترنت. ويرى خبراء أن المستشارة الألمانية التي ولدت في ألمانيا الشرقية، وتتحدث الروسية بطلاقة، تبدو أكثر استعداداً لإثارة موضوع حقوق الإنسان مع بوتين مقارنة بسلفها، جيرهارد شرودر، الذي كانت تربطه علاقات شخصية مع روسيا ويتولى اليوم منصباً قيادياً في إحدى شركات الطاقة الروسية. غير أنه بالإضافة إلى العلاقات الشخصية بين ميركل وبوتين التي لا يمكن مقارنتها بما كان في السابق وافتقادها للدفء، يرى المراقبون أيضاً وجود بعض التململ في تلك العلاقات بسبب الأزمة القبرصية الأخيرة والشكوك التي أثارتها لدى الروس، فعلى مدار العقدين الماضيين شكل ذلك البلد المتوسطي الصغير ملاذاً للأثرياء الروس، بل حتى الشركات التي ضخت أموالاً طائلة في البنوك القبرصية للحصول على أرباح ثم إعادة تدويرها من جديد في روسيا. ولذا يوجد تصور منتشر على نطاق واسع في روسيا مؤداه أن خطة الإنقاذ القاسية التي فرضتها ألمانيا على قبرص، والتي ستقود على الأرجح إلى خسائر كبيرة للمودعين الروس، كانت مقصودة وموجهة لضرب أغنيائهم، ولعل هذا الجانب في الأزمة المالية الأوروبية الذي فشل القادة حتى الآن في وضع حد له هو ما يقوي الموقف الروسي، وبصفة خاصة بوتين الذي ينظر باستياء إلى إخفاق الأوروبيين في معالجة اختلالات الأزمة الاقتصادية. وهذا ما توضحه «ناديا ألكساندروفا»، مديرة قسم الدراسات الأوروبية في معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية بموسكو، قائلة «لقد شعرت روسيا بخيبة أمل كبيرة إزاء الأزمة في أوروبا، التي أضرت بسمعتها كنموذج فعال للسياسة الاقتصادية، ولذا وحسب وجهة نظر بوتين فليس الأوروبيون في موقع يؤهلهم لإسداء النصيحة، أو المحاضرة على روسيا بشأن الديمقراطية والشفافية». وفيما كانت روسيا في نوفمبر الماضي تضيق خناقها على الحريات صادق البرلمان الألماني على قرار من 17 نقطة يطالب روسيا باحترام المعايير الأوروبية لحقوق الإنسان والديمقراطية، وأيضاً في لقاء لاحق مع بوتين تطرقت ميركل إلى موضوع حقوق الإنسان، مشيرة إلى العقوبات السجنية القاسية التي صدرت في حق مجموعة موسيقية من النساء تجرأت على بوتين. ولكن على رغم هذه الخلافات بين البلدين يؤكد الخبراء الروس أن العلاقات الاقتصادية والمصالح المشتركة بينهما أكبر من تهزها قضايا حقوق الإنسان، وأن المزاج العام في ألمانيا لن يُسمح له بالتدخل في العلاقات التجارية المتصاعدة بين البلدين، ولاسيما بعدما اقترب حجم التجارة بين روسيا وألمانيا في عام 2012 من 100 مليار دولار تدعمه أساساً صادرات روسيا من الطاقة ووارداتها من المنتجات الصناعية الألمانية مثل السيارات والمحركات وغيرها. كما أن ألمانيا تحتل المرتبة الثانية كشريك تجاري لروسيا بعد الصين، في حين تحتل روسيا المرتبة الـ11 في قائمة الشركاء التجاريين لألمانيا، ولذا يعتقد الخبراء الروس أنه حتى لو اعترت العلاقات السياسية بين البلدين فترة من الفتور فإنه من غير المرجح التضحية بالعلاقات الاقتصادية المتينة بينهما على مذبح حقوق الإنسان، مشيرين إلى أن بوتين قد يسمع بعض الانتقادات الألمانية خلال زيارته المرتقبة، ولكن ذلك لن يرقى أبداً إلى اللغة اللاذعة التي كانت وراء انتكاسة العلاقات الروسية الأميركية خلال الشهور القليلة الماضية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©