الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

«الاتحادية العليا» تنقض حكماً أدان طبيبة بالتسبب في وفاة مولود

6 ابريل 2012
إبراهيم سليم (أبوظبي) - نقضت المحكمة الاتحادية العليا مع الإحالة إلى هيئة مغايرة، حكم إدانة طبيبة ارتكبت خطأ طبيا وقضى بسجنها مدة عام وتغريمها 10 آلاف درهم وإلزامها بدفع الدية المقدرة بـ 200 ألف درهم، عن التهمة التي وجهتها النيابة العامة إليها؛ كونها تسببت خطأ في موت طفل حديث الولادة، بأن قامت بتدخل طبي خطأ مبني على تشخيص غير سليم، إخلالا بما تفرضه عليها أصول مهنتها، ما أدى إلى حدوث مضاعفات أودت بحياة الطفل، بحسب تقرير اللجنة العليا للمسؤولية الطبية، وطلبت معاقبتها طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية ومواد القانون. وقضت محكمة الشارقة الشرعية بحبس المتهمة سنة واحدة وتغريمها مبلغ عشرة آلاف درهم مع إلزامها بسداد الدية الشرعية المقررة لذوي الطفل وقدرها 200 ألف درهم، وفي الشق المدني بإحالة النزاع للمحكمة المدنية للفصل فيها. واستأنفت المحكوم عليها هذا الحكم، وقضت محكمة الاستئناف بتعديل العقوبة المقضي بها إلى الاكتفاء بمعاقبة المستأنفة بتغريمها مبلغ عشرة آلاف درهم عن التهمة المسندة إليها، وطعنت الطبيبة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها نقض الحكم. ونعت الطاعنة على الحكم المطعون فيه، القصور في التسبيب، حيث إنه عول في قضائه على تقرير اللجنة العليا للمسؤولية الطبية، على الرغم من وجود تقرير اللجنة المشكلة بقرار من مدير عام المنطقة الطبية، والذي نفى مسؤولية المتهمة بشكل فني ومهني، كما أنه “الحكم” لم يبين العلاقة السببية بين الخطأ الطبي المنسوب للمتهمة وبين النتيجة التي ترتبت عليه ولم يجزم بأن وفاة الطفل كانت نتيجة مباشرة لهذا الخطأ، ما يعيبه ويستوجب نقضه. واعتبرت “الاتحادية العليا” أن النعي سديد، حيث أن الإهمال، باعتباره صورة من صور الخطأ التي تستوجب المسؤولية الجنائية، هو إخلال الجاني عند تصرفه بواجبات الحيطة والحذر التي يفرضها القانون وتحتمها أصول مهنته، ويتمثل في تفريط يقف فيه المتهم موقفا سلبيا، أو تدخل إيجابي خاطئ إزاء إجراء معين كان ينبغي عليه مباشرته، وأن تقدير الخطأ الموجب لمسؤولية مرتكبه وتوافر السبب بين الخطأ والنتيجة، هو من المسائل الموضوعية التي يتعين على المحكمة أن تفصل فيها وأن تقوم بتحديد رابطة السببية بين خطأ المتهم والضرر، وإلا انتفت المسؤولية الجنائية. وأوضحت المحكمة في حيثيات حكمها أن الثابت من تقرير اللجنة المشكلة بقرار من مدير المنطقة الطبية، أن وفاة الطفل نتجت عن ريح صدرية شديدة ضاغطة على المنتصف القلبي وعلى نسيج الرئتين بدأت من الجانب الأيسر وامتدت إلى الجانب الأيمن، وأن سبب الريح الصدرية القاتلة، هو وجود رئة غير سليمة جزئيا عند الطفل، وأن عوامل الولادة القيصرية بطريقة التخدير العام تزيد من احتمال رطوبة الرئة عند المولود، كما أن وجود سكر إيجابي في بول الأم أثناء الحمل يبرر الشك في أن يكون لدى الأم سكر الحمل وهو عامل يؤدي إلى تأخر نضج الرئة بعض الشيء، فضلا عن أن الطفل كان يعاني أثناء الحمل من تضخم حويصلة الكلية في كلا الجانبين، وأنه لا يمكن القول بحدوث أي خطأ في عملية إدخال الأنبوبة الزغامية نظرا لبدء الريح الصدرية من الجانب الأيسر وليس الأيمن، كما أن صور الأشعة التي أجريت لصدر الطفل أظهرت أن وضع الأنبوبة تم بشكل جيد. وقالت “الاتحادية العليا” إن تقرير اللجنة العليا للمسؤولية الطبية خلص إلى أن هناك قصورا في الرعاية الطبية من جانب الطبيبة المشرفة على رعاية المولود في غرفة العناية الخاصة بالأطفال، وأنها قامت بتدخل طبي خاطئ مبني على تشخيص غير سليم ما أدى إلى حدوث المضاعفات التي تلت ذلك وانتهت بوفاة الطفل، دون أن يبين على وجه الجزم واليقين طبيعة التدخل الطبي الذي قامت به المتهمة والخطوات التي تضمنها حتى يتسنى للمحكمة الوقوف على عناصر الخطأ، وما إذا كان هذا الخطأ هو السبب المباشر والفعال في حدوث الوفاة، كما أنه أخذ بنتيجة استنتاجية لا يمكن الاطمئنان إليها بقوله “إن التدخل الطبي من قبل طبيبة الأطفال المقيمة يمكن أن يكون هو سبب التدهور السريع في حالة الطفل والوفاة بعد ذلك”. وأضافت: “لما كانت الأحكام الجنائية تبنى على الجزم واليقين ولا تبنى على الشك والتخمين والاستنتاج، وكان الحكم المطعون فيه لم يقف على ما قرره التقرير الأول في شأن مسؤولية المتهمة، والذي ينفي الإهمال المسند إليها وأخذ بالتقرير الثاني الذي بنى المسؤولية على مجرد الشك والاستنتاج دون أن يقف على حقيقة التناقض بين التقريرين، ودون أن يستظهر الخطأ المسند إلى المتهمة أو نفيه عن طريق لجنة طبية فنية متخصصة أو عن طريق الطب الشرعي لبيان سبب الوفاة، والوقوف على حقيقة الاتهام المنسوب للطاعنة، فإنه يكون، فضلا عن قصوره في الإلمام بموضوع الدعوى قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه مع الإحالة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©