الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هاجس إضراب الخبازين يهدد موائد الجزائريين

هاجس إضراب الخبازين يهدد موائد الجزائريين
7 ابريل 2013 20:26
شرع جزائريون مؤخراً باقتناء الدقيق وتخزينه تحسبا لإضراب قد يشنه الخبازون قريبا، قصد الضغط على الحكومة لدعم المواد الأولية التي يُنتج منها الخبز، وبالتالي رفع هامش ربحهم إلى 20 بالمائة مقابل 3 بالمائة فقط حالياً. من جانبها، تعكف الحكومة على دراسة أفضل الخيارات لتجنب أزمة خبز بالبلد وإرضاء الخبازين من دون اللجوء إلى رفع سعره مجدداً حفاظاً على السلم الاجتماعي والقدرة الشرائية للمواطنين. حسين محمـد (الجزائر) - يخطـط أبو عبدالوهاب لشراء أكياس عدة من الدقيق خوفا من تنفيذ خبازين تهديدهم والإضراب عن العمل، فالخبز يعد مكونا أساسيا لوجبات الجزائريين، وأبو عبدالوهاب واحد من آلاف الجزائريين الذين باتوا قلقين من تصاعد التوتر بين الخبازين من جهة والحكومة من جهة أخرى حول رفع هامش الربح، فهم يخشون نار الأسعار ولكنهم يخشون فقدان الخبز من على موائدهم أكثر. أصل النزاع يُعدّ الخبزُ من المواد القليلة التي لا تزال الحكومة الجزائرية تدعّمها برغم تحرير مجمل الأسعار استجابة لشروط صندوق النقد الدولي للموافقة على إعادة جدولة ديون البلد الخارجية في أبريل 1994، ومع أن سعر الخبز انتقل من 2,5 دينار إلى 7,5 دينار، إلا أن الحكومة قامت بتثبيته عند هذا الحدّ منذ عام 1996 بموجب مرسوم يشمل عدة تدابير ومنها سعر الخبز ومعايير إنتاجه ووزنه الذي ينبغي ألا يقلّ عن 250 جراماً للرغيف الواحد، إلى جانب هامش ربح الخبازين. ولم يطرح وضع سقف لسعر الخبز إشكالاً في التسعينيات بالنظر إلى معقولية أسعار المواد التي تُنتج منه، وفي مقدِّمتها السميد أو الدقيق والخميرة والملح والزيت وغيرها، إلا أن الأمر اختلف في السنوات القليلة الماضية، بعد أن ارتفعت أسعار هذه المواد بينما بقي سعرُ الخبز ثابتاً منذ عام 1996، ما جعل هامش ربح الخبازين يتراجع باستمرار حتى أصبح ضئيلاً جدا ويتراوح فقط بين 2 و3 بالمائة في السنوات الأخيرة بحسب يوسف كلفاط، رئيس الاتحادية الوطنية للخبازين، وهي جمعية تضم أصحاب المهنة للدفاع عن حقوقهم، ما دفع الاتحادية إلى الاحتجاج مراراً ومطالبة الحكومة بإيجاد حلول للوضع. «الخبز المُحسَّن» ولأن الوضعية بقيت على حالها لسنوات، ولم يعد إنتاجُ الخبز مُربحاً كما كان من قبل، فقد لجأ الخبازون إلى حلول عديدة ذاتية، فامتنع أغلبُهم عن إنتاج الخبز العادي، وبدأ يطرح خبزا جديدا يسمى «الخبز المُحسَّن» بأسعار تتراوح بين 8,50 إلى 10 دنانير، وهذا للالتفاف على السعر الرسمي وتوسيع هامش الربح. ومن خلال جولة لنا بعدد من المخابز ببلديات مدينة الجزائر العاصمة، لاحظنا أن أغلب الخبازين يبيعون «الخبز المُحسّن» بـ10 دنانير، وقال عاملٌ بمخبزة في منطقة «ديار العافية» بأعالي مدينة الجزائر رفض ذكر اسمه «الكثير من المخابز تلجأ إلى طرح أشكال عديدة من الخبز المحسَّن بأسعار تتراوح بين 10 و20 ديناراً لتغطية التكاليف الباهظة لانتاجه والتي لا تقل عن 8,50 دينار للرغيف، كما أن آخرين يلجأون إلى عرض أنواع أخرى من الخبز صغير الحجم، قليل التكلفة، أو منح الأولوية لصناعة الحلويات، وهذا للتكيُّف مع الوضع وتفادي إغلاق مخابزهم. غلق 700 مخبز إلى ذلك، يؤكد كلفاط أن «نحو 700 مخبز أغلق أبوابَه في سنة 2012 وحدها من مجموع 21,400 مخبز في البلد، كما إن الكثير من الخبازين غيَّروا نشاطهم التجاري تماماً وأصبحوا يبيعون مواد أخرى تدرّ عليهم أرباحاً أكبر، فحتى إنتاج الخبز المحسّن غير مُربح لأنه يتطلب بدوره تكاليف إضافية يفرضها إدخال المواد المحسَّنة على الخبز، ما يجعلها تمتص أية أرباح إضافية». ويلجأ خبازون آخرون إلى تخفيض وزن الرغيف إلى أدنى من 250 جراماً التي ينص عليها القانون بغية تقليص تكاليف إنتاجه، وهي الظاهرة التي اشتكى منها مستهلكون كثيرون في السنوات الأخيرة، واعتبروها «تطفيفاً في الميزان»، إلا أن كريم سعدو، خباز بمنطقة «ديار العافية» يعزو السبب إلى «البخار الذي يخفض الوزن، فوزن الرغيف كعجينة يختلف عنه بعد الخبز». ويعترف كلفاط بالظاهرة لكنه يُرجِعها إلى انخفاض هامش ربح الخبازين ما يجبرهم على تخفيض الوزن أو غلق مخابزهم، داعيا الحكومة إلى التكفل بالملف بجدية من خلال دعم مختلف المواد التي يُنتج منها الخبز وفي مقدمتها سعر الدقيق والخميرة وحتى الملح وتخفيض فواتير الكهرباء والغاز وكذا الضرائب والرسوم. ويقول «بعض الأطراف تتحدث عن رفع سعر الخبز، نحن لم نطالب أبداً بذلك لأنه سيضرّ بالقدرة الشرائية للمواطنين، وبخاصة أرباب العائلات محدودي الدخل، نحن نريد تكفل الحكومة جدِّيا بدعم مختلف المواد التي يُنتج منها الخبز وهذا لرفع هامش ربح الخبازين إلى 20 بالمائة، وبالتالي إنعاش هذا القطاع وحل المشكلة العالقة منذ سنوات». الحلول والخيارات ويستبعد كلفاط دخول الخبازين في إضراب للضغط على الحكومة لتلبية مطالبهم «لا نسبق الأحداث؛ لقد شكلت الحكومة مؤخرا لجنة لدراسة الحلول والخيارات الممكنة والوقوف ميدانياً على معاناة الخبازين والتحقيق في تكاليف الخبز، ونحن متفائلون بإمكانية إيحاد حل يسرُّ الخبازين، أما الإضراب، فقد هدد به بعض الخبازين في مدينة وهران، وهي ولاية واحدة من مجموع 48 ولاية جزائرية، ولا تمثل الجميع، وعموماً فإن أي قرار سيتخذه المجلسُ الوطني للاتحادية ولا أتخذه وحدي». وهذا يعني أن الاتحادية تركت الباب مفتوحاً أمام كل الخيارات في ضوء نتائج اللجنة الحكومية. وقف التبذير يقرُّ وزير التجارة مصطفى بن بادة بأن الخبازين الذين ينتجون الخبز وحده دون حلويات «يواجهون بالفعل مشاكل تتعلق بهامش الربح» وبحسب بعض المصادر، فإن الحكومة تقترح تخفيض وزن الرغيف «رسمياً» إلى نحو 200 جرام لتقليص التكاليف، لكن الاقتراح لم ينل رضا رئيس جمعية حماية المستهلكين زكي أحريز الذي اعتبره مجرد تكريس للأمر الواقع. ويوضح «وزن الرغيف أصلاً مخفض ونادراً ما يصل إلى 250 جراما، نريد حلولاً عملية وجدية»، أما رئيس اتحاد التجار الجزائريين الطاهر بولنوار فيؤيد الاقتراح بهدف مكافحة آفة تبذير الخبز في البلد. ويوضح «الجزائريون يرمون يومياً أكثر من 4 ملايين رغيف في القمامة، أي 5 بالمائة من الإنتاج، هذا تبذيرٌ غير مقبول»، مشيرا إلى أن الجزائريين يشترون 72 مليون رغيف يومياً، أي بمعدل رغيفين تقريباً لكل مواطن، علماً أن عدد السكان يصل إلى 37,1 مليون نسمة. ويُعدّ الخبز مادة غذائية أساسية في موائدهم. باعة جائلون اللافت أن الخبز لا يُباع في المخابز فقط، بل في محالّ المواد الغذائية أيضاً، كما يقوم الباعة الجائلون بعرضه على قارعة الطرقات قرب الأسواق، ليكون عرضة للغبار والدخان الملوّث واللمس بالأيدي قصد المعاينة قبل الشراء، ومع أن هذه الظاهرة تقلصت في الأشهر الأخيرة بعد القضاء على مئات الأسواق الفوضوية في مختلف أنحاء البلد، إلا أنها لم تختفِ كلية. ولا يزال بعض الشبان يعرضون الخبز في الهواء الطلق في سلالٍ من حديد لا تخضع للمقاييس الصحية، وهي الظاهرة التي طالبت جمعيات حماية المستهلكين الحكومة مراراً بوضع حدٍّ لها حفاظاً على صحة الناس.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©