الأحد 5 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا واليابان... تجاذب الإرادات واختلاف السياسات

24 أكتوبر 2009 01:11
جون بومبريت وبلين هاردين محللان سياسيان أميركيان بعد القلق المتزايد من الاتجاه الذي بدأت تتخذه السياسة الخارجية اليابانية حذرت إدارة أوباما طوكيو يوم الأربعاء الماضي من النتائج الوخيمة فيما لو تراجعت عن خطة عسكرية صيغت خصيصاً للتعامل مع الصين الصاعدة؛ وقد جاء تعليق وزير الدفاع الأميركي، روبرت جيتس، ليؤكد القلق المتنامي في أوساط المسؤولين الأميركيين في الوقت الذي تتحرك فيه اليابان لإعادة تحديد تحالفها مع الولايات المتحدة وتعريف موقعها الجديد في آسيا، لاسيما بعد الفوز الذي حققه في شهر أغسطس الماضي الحزب الديمقراطي الياباني وحصوله على الأغلبية في الانتخابات الأخيرة، منهياً خمسين عاماً من حكم الحزب الواحد. وبالنسبة لإدارة أميركية مثقلة بالأعباء والتحديات في باكستان وأفغانستان والعراق وإيران وكوريا الشمالية والصين يمثل التوتر في علاقتها مع أقرب حلفائها الآسيويين تعقيداً آخر هي في غنى عنه، وفي هذا الإطار يقول مسؤول أميركي في وزارة الخارجية إن الولايات المتحدة "ترسخ لديها نوع من الارتياح" في التعامل مع اليابان باعتبارها أحد الثوابت في العلاقات الأميركية الآسيوية. والحال أن الأمر لم يعد كما كان، حيث إن "أصعب الملفات لم يعد الصين، بل اليابان"، حسب وصف المسؤول الأميركي، الذي طلب عدم الإفصاح عن اسمه لحساسية الموضوع، مشيراً إلى أن الحزب الحاكم الجديد في اليابان يفتقد التجربة في الحكم، وقد جاء إلى السلطة ليعطي السياسيين فرصة الإدارة بعدما كان التكنوقراط هم من يمارسون هذا الدور في السابق ويحركون البلاد من خلف الكواليس، هذا بالإضافة إلى شعور عام بعدم الارتياح يسود المجتمع الياباني بسبب التخبط السياسي والاقتصادي الذي طغى على البلاد طيلة العقدين السابقين. ففي الأسبوع الماضي صرح مسؤولون في الحزب الديمقراطي الياباني بأنهم سينسحبون من اتفاق الثماني سنوات القاضي بتزويد السفن الحربية الأميركية بالوقود ودعم قوات التحالف التي تقودها أميركا في أفغانستان، كما أنهم تعهدوا بإعادة التفاوض حول خطة 26 مليار دولار التي تقضي بنقل قاعدة أميركية للطائرات المروحية ومعها ثمانية آلاف جندي من قوات المارينز من اليابان إلى "جوام"، وهي الخطة التي اتفقت عليها الولايات المتحدة واليابان في عام 2006 بعد عقد كامل من المفاوضات. والأكثر من ذلك التغير الملموس في الأجواء العامة التي تحكم العلاقة بين البلدين بعد معارضة المسؤولين اليابانيين لنظرائهم الأميركيين، وهو أمر لم يحدث من قبل. فقد بدا عدم الارتياح الأميركي واضحاً يوم الأربعاء الماضي في طوكيو عندما ضغط وزير الدفاع الأميركي على الحكومة اليابانية بعد اجتماعه برئيس الوزراء "يوكيو هاتوياما" لاحترام التزامها بالصفقة العسكرية والخطة القاضية بنقل القاعدة الأميركية إلى موقعها الجديد، محذراً في الوقت نفسه من أن اليابان إذا انسحبت من الخطة المتفق عليها سيدخل الوضع في مرحلة "بالغة التعقيد وستكون لذلك انعكاسات سلبية". وفي علاقة غالباً ما يكتسي فيها البروتوكول معاني ودلالات رفض روبرت جيتس أثناء زيارته التقيد بأجندة محددة، حيث رفض دعوة عشاء مع مسؤولين يابانيين في وزارة الدفاع، وامتنع عن المشاركة في حفل استقبال نظمته الوزارة. ولعقود طويلة شكل التحالف مع الولايات المتحدة حجر الزاوية في السياسة الخارجية الأميركية، بل لقد كان دعامة تتكئ عليها اليابان، حيث درج الحزب الليبرالي الديمقراطي الذي حكم اليابان طيلة الفترة السابقة قبل أن يندحر في الانتخابات الأخيرة على استلهام قرارات السياسة الخارجية من واشنطن، وعلى سبيل المثال جاءت خطة إعادة انتشار القوات الأميركية في اليابان كآلية لمواجهة التوسع العسكري الصيني من خلال بناء قاعدة "جوام" لموازنة الأسطول الصيني المتنامي في المنطقة وتطوير القدرات الصاروخية للتصدي للترسانة المتضخمة لدى كوريا الشمالية والصين معاً. وعلى رغم تصريحات الحزب الديمقراطي الياباني بمراجعة العلاقة مع الولايات المتحدة التي كان قد أدلى بها خلال الحملة الانتخابية وإبداء عدم الاهتمام بالقوة العسكرية الصاعدة للصين، فضلا عن تعهد رئيس الوزراء بإنشاء تجمع لدول شرق آسيا، أصر المسؤولون الأميركيون على استبعاد تلك التصريحات باعتبارها جزءاً من الحملة الانتخابية للحزب، ومع أن بعض المسؤولين الأميركيين استمروا في التأكيد على متانة العلاقات الأميركية اليابانية يبقى الخوف لدى البعض الآخر من تغيير الحزب الحالي للثوابت التي قامت عليها السياسة الخارجية في اليابان. وقد امتدت هذه المخاوف الأميركية إلى بعض المواجهات المسرحية بين مسؤولي الطرفين مثل المماحكة التي حصلت في الشهر الماضي بين السفير الياباني في واشنطن، "إيشيرو فوجيساكي"، وبين المتحدث باسم البنتاجون "جيوف موريل"، ففي التاسع من سبتمبر الماضي طالب "موريل" اليابان بالاستمرار في تزويد السفن الأميركية بالوقود، وهو ما دفع السفير الياباني في اليوم التالي للرد بأن القرار "يرجع لليابان" وبأن بلاده لا تأخذ التوجيهات من المتحدثين الرسميين، وكانت الحكومة اليابانية قد قالت في وقت سابق إنها لن تواصل تزويد السفن الأميركية بالوقود في المحيط الهندي بموجب الاتفاقية التي ستنتهي صلاحيتها خلال شهر يناير المقبل. والظاهر أن تجاذب السياسات والإرادات سيكون هو عنوان المرحلة المقبلة، بين طرفين طالما عرفا بتحالف وثيق وتفاهم راسخ عريق، لم يكن من الوارد أن يوضع موضع أسئلة الآن، وبهذا الشكل. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©