الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خادمة الشيطان تسرق وتقتل

خادمة الشيطان تسرق وتقتل
10 يونيو 2010 20:57
منذ عشر سنوات تقاعد الرجل وبعده بخمس تقاعدت زوجته، واستقرا وحدهما بعد أن تكللت رحلة كفاحهما بتعليم وتخرج بناتهما الثلاث وزواجهن واستقرارهن مع أزواجهن ويشعران بارتياح لهذه النتائج، فالحياة ميسورة، وليست هناك التزامات تذكر غير مصروفاتهما العادية، ومطالبهما ليست كثيرة والبنات كل واحدة منهن لديها ما يكفيها من زوجها، والاتصالات والزيارات بينهم لا تنقطع، خاصة مع الابنة الصغرى التي تقيم على بعد أمتار منهما، تعرف عنهما كل همسة وحركة وسكنة، فأول شيء يفعلانه بعد الاستيقاظ في الصباح هو الاتصال بها، وآخر شيء قبل النوم أيضا وهكذا بالنهار، لكن اليوم لم يحدث أي شيء من ذلك فلا أحد يرد على هاتف المنزل، والموبايل مغلق، وهذا ليس من المعتاد أبدا عند الأب والأم، فاضطربت أعصاب الابنة ولم تجد مبررا لذلك. كلما حاولت أن تستبعد فكرة تعرض والديها لمكروه تعاودها مرة أخرى بإلحاح خاصة عندما لم تجد تفسيرا، وتتزايد هواجسها مع ما يدور برأسها من احتمالات كلها سيئة، بل كل واحد منها أسوأ من الآخر، إذا لا يوجد أبدا ما يمنع أبيها وأمها من الرد على الهاتف، أو ما يدفعهما لإغلاق الموبايل، فأطلقت ساقيها للريح اعتقادا منها أنها ستكون أسرع من السيارة لشدة لهفتها وقلقها، وهي مازالت تحاول تكرار الاتصالات والنتيجة واحدة، قدماها غير قادرتين على حملها، فقد كادت تفقد قواها من الهلع ومن المجهول الذي لا تعرفه فصعدت درجات السلم وتكاد أنفاسها تتوقف، وفقد جسدها الدماء، واصفر الوجه، كانت تبحث عن مكان المفتاح في باب الشقة، حتى اهتدت إليه بصعوبة بسبب الرجفة التي سرت في أوصالها وافقدتها السيطرة على أطرافها، دخلت وليتها ما دخلت، فإن ما رأت كان اسوأ من كل ما تخيلت على الإطلاق، شقة أبيها وأمها التي كانت نموذجاً للنظام والنظافة مقلوبة رأساً على عقب كأنها مقلب قمامة، لا يوجد شيء في مكانه، والأكثر سوءاً المشهد الذي لم يزر خيالها أبدا، في الغرفة الأولى أبوها ملقى على ظهره على الأرض وعلى فمه لاصق ويداه موثوقتان، ورأسه ينزف وقد لطخت الدماء وجهه حتى كادت تخفي ملامحه، واكتست الأرض بلون الدم الذي سال على الأرض وتناثر هنا وهناك على المفروشات وقطع الأثاث، أما في الغرفة الثانية، فالمشهد لا يقل بشاعة، جثة الأم بنفس الطريقة، وجميع الملابس ملقاه، وكل الأشياء مبعثرة، صرخت إلى أن حضر الجيران وتجمعوا على صوتها وسقطت مغشياً عليها، وتم إبلاغ الشرطة. إنه أمر دبر بليل، يبدو من الوهلة الأولى أن الجريمة النكراء بسبب السرقة، فكل الأموال والمجوهرات والأشياء الثمينة تم الاستيلاء عليها، لكن الذي لا سبب له هو الانتقام، فلا يوجد ما ما يدعو إليه، فالقتيلان عجوزان ضعيفان، الزوج تخطى السبعين من عمره والزوجة تعدت الخامسة والستين وليس لديهما قوة تخيف أحدا، ولا مقاومة تذكر وكان يكفي الجاني أن يحصل على ما يريد دون أن يقتلهما، لكن هذا في حد ذاته كان تساؤلا مفيدا لرجال الشرطة، لأنهم تأكدوا أن اللصوص القتلة دخلوا الشقة بشكل طبيعي، فكل منافذها سليمة، فإما أنهم طرقوا الباب وفتح لهم، أو انهم دخلوا بمفتاح مصطنع، وهم في كل الأحوال يعرفون الزوجين القتيلين، والقتيلان يعرفانهم وهذا هو السبب الرئيسي للتخلص منهما قبل اتمام عملية السرقة، حتى تقيد الجريمة ضد مجهول ولا يتم التوصل إليهم. وبعد جمع المعلومات والتحقيقات وانتشار الشرطيين السريين، وفحص ما يزيد على مئة شخص من المترددين على القتيلين، انحصرت الشبهات في الخادمة وأشارت إليها أدلة الاتهام بقوة، لأنها اختفت بعد الجريمة تماماً ولم يعثر لها على أثر، وهناك مبررات لارتكابها الجريمة، لأن القتيلين حسب ما ذكرت ابنتهما ضبطا الخادمة قبل شهر وهي تسرق بعض الأموال فطرداها، وعندما ألقي القبض عليها ارتجفت كأنها عصفور مبلل أراد أن يتخلص من الماء، وتلعثمت وحاولت الإنكار قبل أي سؤال أو توجيه اتهام، وعندما عثر بمنزلها على المسروقات لم تجد مفرا من الاعتراف بالتفصيل، بعدما تحجرت الدموع في عينيها، قالت: منذ سنوات طويلة وأنا صبية في الخامسة عشرة التحقت بالعمل خادمة لدى هذه الأسرة، ألبي طلبات البنات الثلاث قبل زواجهن وأنا اشعر بالغيرة منهن والحقد عليهن، وأتساءل دائما ما الفرق بيني وبينهن كي أكون خادمة وهن يحصلن على كل شيء بسهولة؟ رغم أنهن كن يعاملنني كأختهن، إلى أن تزوجن واحدة تلو الأخرى وظللت أخدم الرجل وزوجته ولم يبخلا عليًّ يوما بمال أو بأي شيء تريده أسرتي، ورغم ذلك كنت أسرق أموالهما بطريقتين، الأولى بالمغالاة في أسعار الأشياء التي اشتريها من احتياجات المنزل، والثانية احصل على كل ما تبقى واستولي على كل ما يقع تحت يدي بحيث لا يشعران به، وربما يعرفان ولا يحاسباني. وفي آخر مرة وجدت مبلغاً كبيراً، سال لعابي عليه وسرقته، لكن قبل أن أغادر اكتشفا اختفاءه وعثرا عليه بين ملابسي وعندما واجهاني لم أرد، وهذه المرة لم يسامحاني، وشعرا بالخطر، فقررا الاستغناء عن خدماتي هكذا قالا لي بلهجة مهذبة لكنني اعتبرت ذلك طردا وإهانة لكرامتي، فقررت الثأر والانتقام، ومر حوالي شهر لم أنم فيه جيدا من كثرة التفكير، حتى جاءتني الفكرة الشيطانية، توجهت إلى صديقي الذي يتمنى أن أطلب منه شيئا حتى ينال الرضا واخبرته بما دبرت ووضعت معه الخطة. توجهت معه وطرقنا الباب فخرج إلينا الرجل يبدو عليه أنه كان في لحظات الاستعداد للنوم، فانهلت على يده اقبلها، وأمطره بوابل من الاعتذار عن الخطأ الماضي، وقد كان حييا حتى أنه لم يوجه لي أي كلمة لوم او توبيخ ودون أن يدعونا دخلنا حتى لا يغلق باب الحوار قبل أن نحقق مأربنا، وأغلقنا الباب ونحن نواصل الاعتذارات، حتى مل من كثرتها ويبدو عليه أنه غير مصدق أن اصل إلى هذه الدرجة من الأخلاق وكاد يعتذر هو عما بدر منهما ويندم على تصرفهما معي، وقبل أن يحدث هذا كان صديقي يعاجله بضربة على أم رأسه أفقدته الوعي وجره من قدمه إلى غرفة مجاورة، وقبل أن يجهز عليه استيقظت زوجته، فهرع اليها صديقي وعاجلها هي الأخرى بضربة قبل أن تدري أي شيء عما يحدث ثم قمنا بتكميمهما وربطهما بالحبال، وواصلنا الضربات في كل مكان حتى تأكدنا أنهما فارقا الحياة، ثم قمت بسرقة الأموال والمجوهرات التي اعرف مكانها بحكم عملي في البيت وبعثرنا كل المحتويات لإزاحة الشبهة وكي يبدو أن الجاني غريب.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©