الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أسطول الحرية.. وقرصنة الاحتلال

أسطول الحرية.. وقرصنة الاحتلال
10 يونيو 2010 20:59
أخرج الإمام أحمد في مسنده بسنده عن ذي الأصابع قال: “قلت يا رسول الله إن ابتُلِينَا بعدكَ بالبقاءِ أينَ تأُمرنا؟ قَالَ: عليكَ ببيتِ المقدس فلَعلَّه أن يُنْشَأَ لك ذرَّية يغدون إلى ذلك المسجد ويروحون”،(أخرجه الإمام أحمد بن حنبل). إن فلسطين عامة، وبيت المقدس خاصة هي الملجأ وقت اشتداد المحن والكروب، وفلسطين أرض وقف إسلامي بأرضها، ومساجدها، ومصلياتها، ومقابرها... إلخ، ومن الجدير بالذكر أن فلسطين أخذت مكانتها من القدس، والقدس أخذت مكانتها من المسجد الأقصى المبارك: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} “سورة الإسراء الآية 1”. لقد تناقلت وسائل الإعلام المختلفة الوضع الخطير والاعتداء الإجرامي الذي قامت به قوات الاحتلال الإسرائيلي على أسطول الحرية قبل عدة أيام، حيث استشهد عدد من المتضامنين، كما أصيب العشرات منهم بجروح مختلفة، وتم احتجاز جميع طواقم السفن. إن هؤلاء المتضامنين والذين يبلغ عددهم (750) جاءوا من أربعين دولة بينهم شخصيات برلمانية وسياسية وإعلامية، جاءوا للتضامن مع أهالي قطاع غزة المحاصر، يحملون معهم الغذاء والدواء والكساء، والكراسي المتحركة للجرحى، والبيوت الجاهزة لمن هدمت بيوتهم، جراء الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة في العام الماضي. كما أن هؤلاء المتضامنين هم من العرب والمسلمين وأحرار العالم جاءوا بسفن مدنية، حيث تم الاعتداء عليهم في المياه الدولية، وقد جاءوا للتضامن مع إخوتهم في العروبة والإسلام والإنسانية في قطاع غزة المحاصر. إن هذا الاعتداء الإجرامي خرق للقانون الدولي وانتهاك صارخ لأبسط الأعراف الإنسانية، ويجب أن لا يمر هذا الاعتداء الهمجي دون أن تتحمل إسرائيل عواقب تصرفاتها، كما يدل هذا الاعتداء الإجرامي على العقلية التي تفكر بها سلطات الاحتلال، حيث إنها تتصرف بوحشية وهمجية شديدتين، وأن هذه الجريمة تأتي ضمن مسلسل الجرائم الذي تقوم به سلطات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني. إن هذا الاعتداء الإسرائيلي رسالة إسرائيلية واضحة للمجتمع الدولي بأنها لا تعبأ بالقرارات والاستنكارات الدولية، وأن إسرائيل فوق القانون، كما أنها تضرب عرض الحائط بكل القوانين والأعراف الدولية. إن ما فعلته قوات الاحتلال الإسرائيلي من اعتداء همجي على سفن أسطول الحرية فجر يوم الاثنين الماضي، هو ما تفعله نفسه صباح مساء ضد أبناء الشعب الفلسطيني المرابط. إن بلادنا فلسطين تتعرض لهجمة شرسة على أيدي المحتلين، فهم يعملون ليل نهار على تهويد مدينة القدس، بعد أن عزلوها عن محيطها الفلسطيني من خلال جدار الفصل العنصري، كما طردوا آلاف المقدسيين، وفرضوا عليهم الضرائب الباهظة، وهدموا عشرات البيوت في شعفاط وسلوان والشيخ جراح وغيرها من الأماكن، وما تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلي يومياً من قتل للمواطنين، وهدم للبيوت وتدمير للمصانع والمؤسسات، وتجريف للأراضي الزراعية، ومحاربة العمال في لقمة عيشهم، وفرض الحصار على الشعب الفلسطيني ليس عنا ببعيد، ناهيك عن الحرب الأخيرة التي تعرض لها قطاع غزة، حيث ارتكبت سلطات الاحتلال مجزرة كبيرة في القطاع لن ينساها التاريخ أبداً، فقد أهلكت الحرث والنسل، وأصابت البشر والشجر والحجر، حيث ارتقى أكثر من ألف وخمسمائة شهيد نصفهم من الأطفال والنساء، وبلغ عدد الجرحى والمصابين أكثر من ستة آلاف جريح نصفهم من الأطفال والنساء، كما دمرت قوات الاحتلال الإسرائيلي آلاف المنازل تدميراً كاملاً أوجزئياً، كما تم تدمير عدد من المساجد والمدارس والمصانع والجامعات والمستشفيات والوزارات، ناهيك عن بناء آلاف الوحدات الاستيطانية واستقدام آلاف المستوطنين من أجل إحداث تغيير ديموغرافي في المدينة لصالح اليهود. كما يتعرض المسجد الأقصى المبارك في هذه الأيام لمؤامرات عديدة تسببت في تقويض بنيانه وزعزعة أركانه جراء الحفريات الإسرائيلية، وكذلك محاولات السلطات الإسرائيلية إقامة ما يُسمّى بالهيكل المزعوم بدلاً منه، حيث تم بناء وافتتاح كنيس الخراب بجوار المسجد الأقصى المبارك، وكذلك التخطيط لبناء أكبر كنيس يكون ملاصقاً للمسجد الأقصى المبارك، وكذلك منع المصلين من الوصول إليه، ومنع ترميمه، وما حريق المسجد الأقصى المبارك عام 1969م، ومجزرة الأقصى عام 1990م عنا ببعيد، وكذلك مصادرة سلطات الاحتلال لآلاف الدونمات لإحكام السيطرة على المدينة المقدسة، وما إقامة الحدائق التوراتية في المدينة المقدسة من أجل تزييف التاريخ عنا ببعيد. كما لم تسلم المساجد من الاعتداءات الإسرائيلية، حيث أغلق العديد منها، وتم تحويل بعضها إلى مقاهي ومتاحف وغير ذلك، كما وأحرق الكثير منها كما حدث في ياسوف، وفي قرية اللبن الشرقية جنوب نابلس، وكضم المسجد الإبراهيمي بالخليل ومسجد بلال بن رباح ببيت لحم إلى قائمة التراث اليهودي. كما أن المقابر الإسلامية في مدينة القدس بصفة خاصة وفلسطين بصفة عامة لم تسلم من اعتداءات سلطات الاحتلال عليها، حيث قامت سلطات الاحتلال بتجريف القبور في مقبرة مأمن الله، وتحطيم شواهد عشرات القبور الأخرى في المقبرة وجمع هياكلها العظمية ودفنها في قبر جماعي، وذلك من أجل إقامة ما يسمى بـ”متحف التسامح” على أرض المقبرة، كما تم تحويل عدد من المقابر الإسلامية إلى حظائر للأبقار والأغنام ومتاحف وأماكن للَّهو والفجور. إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي ما كانت لتجرؤ على ارتكاب مثل هذه الجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية تجاه أبناء الشعب الفلسطيني ومقدساته، لولا تقاعس المجتمع الدولي عن محاسبتها عن جرائم الحرب المتكررة التي ترتكبها ضد المدنيين الفلسطينيين، ومن يتضامن معهم، ونحن في ظل هذا الوضع الخطير نرى من الواجب علينا توجيه عدد من الرسائـل إلـى: رسالة إلى المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان.. إن جرائم الاحتلال موثقة، وانتهاكاته الصارخة لحقوق الإنسان واتفاقية جنيف الرابعة واضحة، واستخدامه للأسلحة المحرمة دولياً ظاهرة للعيان، وقصفه لأسطول الحرية، والاعتداء الإجرامي على المتضامنين مما أدى إلى استشهاد وجرح العشرات منهم، وكذلك ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من قتل واعتقال وهدم للبيوت، وما تتعرض له مدينة القدس بصفة عامة والمسجد الأقصى المبارك بصفة خاصة، من جرائم ظاهر للعيان وبدون لبس، فماذا تنتظرون يا قادة المجتمع الدولي لمحاكمة قادة الاحتلال على جرائمهم؟! أين حقوق الإنسان يا دعاة الحضارة والتقدم؟! وأين حقوق الإنسان أيتها المنظمات الإنسانية الدولية؟! فها هو الشعب الفلسطيني وكل أحرار العالم ينتظرون اليوم الذي يرون فيه قادة الاحتلال يُحاكمون على جرائمهم التي ارتكبت بحق هؤلاء المتضامنين، وكذلك بحق أطفالنا ونسائنا وشيوخنا ومقدساتنا، مع العلم أن شعبنا الفلسطيني يقدر كل موقف دولي يدين جرائم المحتلين، ويقف مع المظلوم ضد الظالم. - رسالة إلى جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي.. كما نوجه رسالة إلى جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي نطالبهما بضرورة أخذ موقف حازم وفاعل من سلطات الاحتلال الإسرائيلي جراء هذه الجريمة النكراء، وأن لا يقفوا مكتوفي الأيدي ضد إرهاب الدولة المنظم والعلني على أناس أبرياء وشعب أعزل، وعلى متضامنين جاءوا للتضامن سلمياً مع إخوانهم المحاصرين في غزة. شكر وتقدير أود أن أوجه أسمى آيات الشكر والتقدير إلى هؤلاء المتضامنين الذين جاءوا من أربعين دولة، للتضامن مع أهلنا في قطاع غزة، وتعرضوا للقرصنة الإسرائيلية، وقدموا الشهداء والجرحى، كما وتعرضوا لشتى أنواع العذاب. كما نتقدم بأصدق التعازي والمواساة إلى أسر الشهداء وذويهم، ونتمنى الشفاء العاجل للجرحى، والحرية للأسرى والمعتقلين. كما نشكر دولة الإمارات العربية المتحدة على دعمها المتواصل للقضية الفلسطينية والقدس والمقدسات، وما إقامة الوحدات السكنية في حي بيت حنينا بالمدينة المقدسة عنا ببعيد، حيث إن ذلك يساهم في صمود المقدسيين وثباتهم فوق أرضهم، وهذا يضاف إلى الأعمال الخيرية المتعددة لدولة الإمارات العربية المتحدة في جميع أنحاء فلسطين، فجزاهم الله خير الجزاء. الشيخ الدكتور يوسف جمعة سلامة خطيـب المسـجد الأقصـى المبـارك www.yo sefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©