مونديال الخوف

قبل حوالي السنتين، سألت صديقاً كان عائداً لتوه من جنوب أفريقيا «شو رأيك البلد تستحق الزيارة؟» فأجابني وهو يبتسم : «إذا كنت مستغنياً عن حياتك نعم ، جنوب أفريقيا من أجمل بلاد الدنيا في النهار، لكنها من أخطرها عندما يحل الظلام». ولعل الكثير منكم سمع ملاحظات مشابهة عن جنوب أفريقيا، بأنها كما يقال بلد إجرام، ترتفع فيه معدلات الجريمة ، ومن الممكن أن يفقد فيه الإنسان حياته لأتفه الأسباب . قد تكون هذه أمور حقيقية، وقد تكون فيها نسبة كبيرة من المبالغة، لكنها بالتأكيد وصلت إلى قمتها هذه الأيام مع استضافة البلد للمونديال والذي لم يعد يفصلنا عن انطلاقته غير ساعات قليلة. شرطة جنوب أفريقيا ، لم تترك مناسبة إلا وأكدت فيها أن المخاوف الأمنية مبالغ فيها بشدة، لا تنكر وجود الجرائم لكنها مثلما تقول جرائم محصورة في مناطق محدودة من مدن الصفيح وتطال في معظمها قاطني هذه المناطق من الفقراء ، ولا تصل إلى المدن الكبرى . في كل الأحوال، اقتنعنا بما تقوله شرطة جنوب أفريقيا أم لم نقتنع، أعتقد أن الحديث عن الأمن والمخاوف الناتجة عنه سوف يتلاشى مع انطلاق المباريات اليوم ، وسيصبح كل واحد مشغولاً بالغناء على ليلاه . المنتخبات المرشحة للفوز ستظل جماهيرها تعد الأيام للنهاية على أمل حمل الكأس، والمنتخبات التي تبحث عن المفاجآت ستظل تمني النفس بالفوز على منتخب كبير أو الوصول إلى الأدوار المتقدمة. الجماهير التي لم تتأهل منتخباتها، ستظل تراقب وتضرب كفاً بكف وهي تشاهد المنتخبات الضعيفة في البطولة وتردد : مش حرام هؤلاء يشاركون ونحن لا ، وعندما تشاهد المنتخبات القوية ستردد: أحسن ما تأهلنا، بدل البهدلة! وأصحاب العمل في مختلف أنحاء العالم ، سيعدون الأيام والساعات لكي تمر بسرعة وينتهي المونديال بأقل الخسائر في أعمالهم، إذ يشتهر المونديال بأنه مناسبة للتسيب الوظيفي، يتمرد فيه الموظفون على أعمالهم وتكثر الغيابات وحالات الانسلال خلسة لمتابعة المباريات . في هولندا ذكرت وزارة العمل، أن مليوني موظف تقدموا بطلبات إجازة مؤقتة خلال المونديال، والرقم يعادل ربع موظفي البلد بالتمام والكمال، وحسب الوزارة فإن هولندا لا تسجل مثل هذه المعدلات القياسية في الغياب إلا في حالات الأوبئة ! سيف الشامسي | Saif.alshamsi@admedia.ae