الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السجاد اليدوي تسجل التاريخ بخيوط مغزولة

السجاد اليدوي تسجل التاريخ بخيوط مغزولة
11 ابريل 2011 21:19
السجاد قطعة أشبه بلوحة فنية تحمل في طياتها فكرة ما ورموزاً وألواناً ممزوجة نستدل بها على عوالم وأحداث ومواقف جلبت من الحضارات القديمة وتراث الشعوب وثقافتهم التي تناقلها جيل بعد جيل، فنسج السجاد بخيوط ناعمة، وحياكته بأنامل الحرفيين تم عبر سنوات ليست بالقليلة حتى غدى تحفة ذات قيمة مادية عالية، يبحث عنها هواة القطع النادرة، الذين يقدرون مدى ما تحمله من جودة وأصالة ودقة الصنع ودلالات تاريخية. السجاد قطعة مهمة وتحفة تختزن في طياتها الحكايات الروايات لتكون نافذة نطل من خلالها على تفاصيل من الحياة، تفاصيل تتجلى بين خيوطها الحريرية الطبيعية التي غزلت بكل إتقان ودقة. وحول تاريخ صناعة السجاد تشير بعض الدراسات أن الصينيين هم أول من صنع السجاد وانتقل منهم إلى اليابان ثم الفرس، مما جعل الشرق وجهة الباحثين عن السجاد، وانتقل السجاد إلى أوروبا خلال القرن الثاني والثالث عشر أثناء الحروب الصليبية، وكانت إسبانيا هي أول دولة تنتج السجاد ثم توالت بعدها الدول الأوروبية الأخرى. كبريطانيا وفرنسا. يطلعنا عادل الأزرق أحد المتخصصين في تجارة السجاد العجمي عن هذه التحفة الجمالية التي لا تخلو منها المنازل. ويقول “إن السجاد الشرقي عالم يتشابك فيه التاريخ والحضارة والإبداع والفن، وكل قطعة منه تعكس خصوصية وذوقاً لكل أمة من الأمم، بحيث يستشف منه الطابع القومي الذي ينتمي إليه ذلك السجاد من حيث الألوان والخطوط الزخرفية المستوحاة من البيئة المحيطة بالحرفي. والسجاد اليدوي له صناع مهرة في كل من إيران وتركيا باكستان وأفغانستان الهند والصين، إلى جانب مصر والعديد من الدول العالم، وبغض النظر عن الجهد والوقت الذي يستنزفه هذا العمل إلا أنه وقبل كل شيء يحتاج إلى ذوق فني وحس مرهف عبر ما يبدعه من ترانيم تعود بنا إلى مفردات الماضي وجمالياته. اختلاف السجاد وحول الاختلاف بين أنواع السجاد يقول الأزرق “تختلف النقوش والزخارف من مكان إلى آخر، فنجد السجاد الصيني تشيع فيه الخطوط غير المستمرة والمتكسرة، في حين نلاحظ في السجاد العجمي كثرة الخطوط المنحنية والمدورة. ومن المعروف أن أنواع العقدة في السجاد تختلف باختلاف بلد الصنع، وتشتهر السجادات الإيرانية بإبداع ألوانها وتناسقها وحس توزيعها، بالإضافة إلى متانة الصنعة وتشكيلاتها الفنية. ومن حيث تكوينها النسيجي فهي مكونة من ثلاثة أجزاء رئيسية، أولها “الشلة”، وهي الخيوط التي توجد في أطراف السجادة، وعادة ما تصنع من الصوف الممزوج بالحرير، وثانيها “سطح السجاد الظاهر”، ويكون من الحرير أو الصوف، وأخيراً “الخامة”، وهي لب السجاد الداخلي والجزء المهم الذي يصنع من الحرير الخالص أو القطن أو الصوف. أدوات صناعة السجاد يتم نسج العقد في السجاد الأعجمي بواسطة آله، أما الخيوط التي يتشكل منها جسد السجادة فهي عمودية أو أفقية مخترقة، وتسمى الخيوط داخل تلك العقدة “الطريق”، وهناك أدوات عدة تستخدم في حياكة السجاد كالنول الخشبي، ومشط الحديد، ومقص، وقطعة أخرى على شكل مطرقة، رأسها مفتوح كالشوكة لتسليك الخيط، وهذا ما يعكس البساطة مع الدقة المتناهية في التصنيع. وتعتبر الشراريب، والتي تشكل طرف القاعدة الأسـاسية لشـبكة الخيوط، الدليل الحسي على حياكتها يدوياً، كما أنها تضفي على السجادة قيمة جمالية. وتكثر في السجاد الإيراني الزخرفة النباتية والحيوانات إلى جانب الشخوص. السجاد التركي ويضيف الأزرق قائلاً: يعتبر السجاد التركي النموذج الأساسي للسجاد الحديث، وتتميز قطعه بوبرها المخملي المستقل عن الرقعة، وتعد بعض أنواع السجاد التركي من أشهر السجاجيد التي عرفها العالم، كما أبدع الأتراك في الأصباغ التي أعطت رونقاً خاصاً وطابعاً متميزاً لسجاداتهم، فهم برعوا في اشتقاق الأصباغ من النباتات وجذورها، وتميز قطع السجاد التركي بزخارفها التي تتوسط السجادة ويحيط به إطار قوامه أشرطة تختلف في العدد والعرض حسب نوع السجادة، فنجد الزخارف الهندسية المكررة في صفوف ومناطق منظمة من العمل، إلى جانب استخدام الرسوم الحيوانات والطيور المشكلة من مجموعة إضلاع وزوايا. ويأتي بعد ذلك السجاد القوقازي، والذي تأثر بروح الزخرفة التركية، وهي الأشكال الزخرفية المركبة، تسوده النماذج الهندسية الكبيرة مع استمرار أشكال الحيوانات في أعمالهم. ونجد السجاد الهندي فقد اتخذ طابعة من الفنون الإيرانية، وما يميز الفن الهندي هو الاتجاه نحو الواقعية في تصاميمهم للسجاد، حيث نجد النــماذج والزخارف الزهرية والألوان ذات الأشكال الكثيرة والمتعددة. طريقة الصنع وعن حرفة صناعة السجاد يتابع الأزرق “هذه الصنعة بحاجة إلى مهارة ودقة وصبر من قبل الحرفي حتى يظهر العمل متكاملاً ومتجانساً وبمتانة جيدة، وطريقة تنفيذ قطعة من السجاد يتم من خلال وضع الفكرة أو الرسمة على مخطط ما على شكال زخارف هندسية أو نباتية وفق لذوق الفنان، ثم يتم تحديد الألوان التي تستخدم في العمل، عندها تؤخذ الخيوط حريرية أو صوفيه إلى الجهة التي يتم صبغها حتى يتم تحدد كمية الألوان، وفقاً لمساحة السجادة. ويقوم النساج بالحياكة وفقاً لطبيعة ما يريد. قيمة السجادة ويضيف الأزرق أنه عادة ما تقاس قيمة السجاد بنوعية الفكرة، والتي تحملها، فالسجادة التي تصور ملحمة تاريخية، وتروي حكاية أسطورية، وتنسج على مساحتها عدد من الأشعار والأقوال، هذه السجادات تعد من النفائس، نظراً للمدة الطويلة التي قد يستغرقها النساج، وهو يقوم بالعمل. والصنف الآخر، وهي التي تصور الطبيعة الساحرة من خلال تصوير مشاهد الطبيعة الخلابة من بعض المدن، ثم تأتي السجاد التي تحمل النقوش والزخارف بأنواعها النباتية والهندسية، والتي نجدها أكثر رواجاً وانتشاراً. وعادة ما تحدد سعر السجادة وقيمتها من حيث الحجم ودقة الصنع والغرز وشكل التصميم، إلى جانب موطن القطعة، وما يحمله من دقة في الرسم مما نجده يحمل تفاصيل متعددة. وكلما كانت عقدة السجادة أكثر زادت قيمتها الشرائية. أبرز قطع السجاد وبجانب السجاد اليدوي يمتلك عادل الأزرق سجادة تحاكي الفصول الأربعة، وهي سجادة إيرانية تم شغلها من جهتين، فيمكن أن توضع على كلا الوجهين، وتحتوي على ألفين غرزة في الإنش المربع، والسجادة الخضراء نفذت على يد عائلة واحدة استغرق العمل فيه 9 سنوات، وتبلغ قيمتها ثلاثمائة وثمانين ألف درهم، وسجادة أخرى تضم سوراً من القران الكريم تم صناعته من وبر الأرنب، والخيوط مطلية قليلاً بماء الذهب، وتم تنفيذها على يد عائلة واحدة، وأيضاً سجادة من الحرير عمرها 300 سنة تبلغ قيمتها نصف مليون. الاعتناء بالسجاد تبقى عملية الاعتناء بالسجاد اليدوي هي الشغل الشاغل، فكثيراً ما تتساءل سيدة المنزل أو الأشخاص الذين يقتنون هذه التحفة الفريدة، عن طريقة العناية بالسجاد لتبقى محافظة على شكلها وبريقها ووبرها، يشير الأزرق: أنه بفضل عدم وضع السجادة في الأماكن التي تتعرض لكثرة المشي عليها، حتى لا تستهلك يفضل تغير مكانها من وقت إلى آخر، كما أن الغسيل المستمر يعرض السجاد للتلف ويتعب وبر السجاد اليدوي، فالمدة المثالية لغسيل السجاد الشرقي كل خمس سنوات هذا في حال إذا ما كانت السجادة مفروشة على الأرض، والغسيل الخطأ من الممكن أن يعرض عقد السجاد للتلف ويطفئ لمعتها وبريقها، ومن المهم جداً أن يتم استخدام مساحيق التنظيف الطبيعية الخالية من المواد الكيميائية التي من الممكن أن تلحق بالسجاد اليدوي بعض الأضرار. كما أن عملية ضرب السجاد من شأنها أيضاً أن تضعف من خامته، فينصح هنا باستخدام المكنسة الكهربائية بتمريرها برفق وبعكس اتجاه الوبر. ويمكن تعريض السجاد لأشعة الشمس في السنة مرتين للتخلص من الرطوبة، كما يمكن أن توضع قطعة من اللاصق على ظهر السجاد، وذلك لتثبيته حتى لا يتحرك. وبعض من السجاد يمكن أن يأخذ مكانه على مساحة من الجدار في ردهات المنزل.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©