السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رفيعة غباش: شخصيتي العربية نشأت وتشكلت في دبي واستكملت بنيتها في مصر

رفيعة غباش: شخصيتي العربية نشأت وتشكلت في دبي واستكملت بنيتها في مصر
24 أكتوبر 2009 23:18
في ذاكرة الرواة تسطع صور عديدة من الرائدات والأعلام الأوائل في حياة الإمارات وترد أسماؤهن على ألسنة هؤلاء الرواة في مختلف مجالات الحياة وقيمها، ولكن بفضل الإعلام والجامعات والمراكز الثقافية بدأت أسماء من الجيل الجديد تنتشر وتشكل منارات في طريق العلم والعمل لخدمة المجتمع وبناء الوطن ومستقبل أبنائه، ومن هذا الجيل المستنير تقف الدكتورة رفيعة عبيد غباش علامة مضيئة في طليعة السيدات اللواتي وضعن بصماتهن على صفحة الزمن وانطبعت أسماؤهن في ذاكرة الأجيال. التقتها “الاتحاد” وحدثتنا عن تجربتها العلمية المتميزة.. بيئة صالحة في البداية، تقول د. رفيعة: “أولاً، من الناحية العلمية في كل مجتمع يوجد 5 % متفوقون وأذكياء، وهنالك كذلك 5 % ذوو قدرات محدودة. ومن تبقى من المجتمع وهو 90 % في المنطقة الوسطى. الذكاء تنميه البيئة، متمثلة بالأسرة والمدرسة والمجتمع من حوله، وهذه كلها تشكل جزئيات عند الإنسان، فمن لديه القدرة على التقاط الأشياء المفيدة، لا بد أن يتفوق في علمه وعمله ويظهر عليه التميز، وبعد ذلك تأتي أمور أخرى مساعدة. لو نظرنا إلى القياديين الفاعلين، يكون لهم دور في المدرسة أو الجامعة أو في مجالات الإدارة والبناء والخدمة الاجتماعية، وأدوارهم هذه مؤشرات لأهمية القيادة في مؤسسات الدولة والمجتمع. لكننا اليوم نرى أن بعض الكفاءات توضع في مكان يجعلهم غير فاعلين كأنهم غير موجودين أو كأنهم في موقع يعجزون فيه عن القيام بالدور المجدي والمناسب، وفي هذه الحالة يكون الآخر الذي يملك الخبرة والموهبة هو القادر على التغيير والعمل الأفضل”. والنقطة الأهم في موضوع التميز تقول الدكتورة غباش: “حين ينعم الله على الإنسان ببيئة صالحة وأسرة متميزة ونشأة في جو ثقافي واجتماعي غني لا بد أن ينعكس على قدرات ذلك الإنسان. وأنا أشعر أن الله أنعم علي بكل ذلك. (أمي لوتا) وجدي حسين بن ناصر، ونشأته في بيئة اجتماعية وثقافية، كان لها تأثير واضح في شخصيته المتميزة، وقد كتب عنه مذكرات. يعني من جانب الجينات فهي متوافرة، لكن هذه الجينات لا تعني شيئاً إن لم يكن هناك معرفة وثقافة وجو عائلي للرعاية والحوار، كما أن تعلمي المبكر لقراءة القرآن الكريم من عمر أربع سنوات، كان لذلك كله دور كبير في نشأتي. كانت مدرسة من أسرتنا عززت من قدراتي للغة في ذلك الوقت، لم أدركها في وقتها، لكن ظهر تأثيرها علي في ما بعد. كان اهتمامي في الاطلاع والقراءة والمتابعة للمقالات التي تنشر في العديد من الكتب والمجلات مثل روز اليوسف، آخر ساعة وغيرها في الستينات”. وتؤكد د. غباش أهمية رعاية العائلة لأبنائها: “أهلنا كانوا يتابعوننا في المدرسة، ويغرسون في نفوسنا القيم ويعملون على تعزيز هذه القيم وإبراز نماذج فيها القدوة سواء من الناس الصالحين أو القيادات السياسية. ونحن من جيل محظوظ، حيث نشأنا في زمن الشيخ زايد في الإمارات وعبدالناصر في مصر، وكذلك قضية فلسطين كانت مركز النضال العربي، وأولئك القادة العظام كانوا يحملون رسالة، أضاءت لنا الطريق وملأتنا بالطموح والتحدي. كان العمل رسالة عززت عندنا الانتماء العربي. لكن العمل اليوم تحول إلى وظيفة”. وتواصل حديث التحصيل الأكاديمي: “توجهت لدراسة الطب في مصر، ولم تكن القاهرة عاصمة مصر فقط وإنما هي منارة إشعاع على الأمة العربية كلها وكانت تمتاز ببيئة علمية واجتماعية غنية يتعلم الإنسان فيها الكثير. وبعد ذلك انتقلت، إلى لندن للتخصص والدراسات العليا وهناك صقلت تجربتي بالمناخ الأكاديمي، وزودتني التجربة الجديدة بالكثير من الخبرة والمعرفة والاطلاع، فضلاً عن اختصاصي العلمي. ولأن شخصيتي العربية نشأت وتشكلت في دبي واستكملت بنيتها في مصر، فإن الأجواء الأوربية زادتني تمسك بالقيم والتقاليد التي نشأت فيها”. أهم الروافد أما عن تراكم الخبرة والمعرفة، فتوضح د. غباش قائلة: “في كل مرحلة كان عندي عضوية في المجتمع المدني، وهذا من أهم الروافد التي أدت إلى الخبرة والتراكم، حيث في وقت قصير وجدت نفسي أمام مسؤوليات مهمة تنتظر الإنجاز، وموضوعات شائقة مع من أتعامل معهم في المعرفة والاطلاع. كل هذا يؤدي لبناء السياسة القيادية الصحيحة، فقد حرصت كثيراً عندما توليت رئاسة الجامعة، بأن جعلت هذا الموقع جانباً، واتجهت إلى تطوير المؤسسة، وذلك خلال الدورتين اللتين قضيتهما في إدارة جامعة الخليج. وقد استطعت، والحمد لله، في هذه الفترة تحقيق قدر من الاستقلال المادي للجامعة، والتوسع في بعض البرامج العلمية، كما حصلت كلية الطب والعلوم الطبية على جائزة أفضل كلية طب في الوطن العربي، وأدى ذلك إلى وضع الجامعة من بين الجامعات العالمية”. ومن أهم الأسباب لتميز المرأة في الإمارات، تقول د. غباش: “بالنسبة لوضع المرأة اليوم، هناك عوامل كثيرة أدت إلى تحسين موقع المرأة في الإمارات، وهو موقع موجود من القديم، خاصة أن الرجال يتغيبون بسبب أعمالهم سواء في موسم الغوص أو الأسفار خارج البلاد، في تلك الحالات كانت المرأة هي التي تقوم بعمل الأب والأم معاً، استجابة فورية وتعود د. رفيعة بالذاكرة إلى تلك الأيام، فتقول: “نظراً لتميز الكثير من النساء، أنا كنت أعرف نفسي: رفيعة بنت عوشة حسين. وهناك عدد كبير من النساء كان حضورهن متميزاً، وفي تربية أسرهن كن متميزات، لذلك جاء التطور في الأسرة وتنمية قدراتها بشكل طبيعي له جذور متينة جاءت من التربية، بالإضافة إلى تعزيز ذلك بالعلم والتعليم ورعاية القيادة السياسية ودعم المجتمع. وكانت مقولة الشيخ زايد الحكيمة تركز على أهمية التعليم، وحين يدعو إلى عمل المرأة يترجم هذا القول إلى موضعه في المجتمع، وهذا قد يستدعي في ظروف عادية سنوات ليقبل المجتمع بهذا التغير، ولكن الدعوة التي تأتي من القائد تكون لها استجابة فورية مباشرة. وقد أغدق الكثير على التعليم والصحة، ومازال كل شيء يتقدم وينجز لصالح المرأة والأسرة، والمجتمع كله. وبفضل هذه العناية والرعاية استفاد الجميع، وامتازت الإمارات بالتوازن بين الأصالة والحداثة. فالمرأة تعمل في كل المجالات الثقافية والإدارية والصحية والاقتصادية، وهي في الوقت ذاته مازالت محافظة على تقاليدها، وتراثها، فالمرأة عقلها متحرر ومقبل على المستجدات في الحياة العلمية والاجتماعية”. ليس كامرأة وتختم الدكتورة رفيعة عبيد غباش الحديث قائلة: “إن حقوق الإنسان، سواء كان رجلاً أو امرأة، حقوق اكتسبها من خلال إدراكه لهذه الحقوق، وليست ممنوحة له من أي جهة. تلك المفاهيم رسختها والدتي في تكويني النفسي، لذا فقد تصرفت كإنسان وليس كامرأة عندما تسلمت رئاسة جامعة الخليج في البحرين، وتلك في حد ذاتها تجربة عميقة على المستوى الإنساني والثقافي والأكاديمي وكذلك السياسي، فقد أُتيح لي أن أعيش تجربتين: تجربة التحول الديمقراطي الذي دعا إليه جلالة الملك حمد ملك البحرين، وتجربة تمكين المرأة بشكل فعلي من خلال النموذج الذي قدمته صاحبة السمو الشيخة سبيكة بنت إبراهيم رئيسة المجلس الأعلى للمرأة في البحرين. أما الأساس لنجاحي الشخصي، فإني أرتئيه وأرجعه إلى تخصصي في الطب النفسي الذي أتاح لي فهم الإنسان لدواخله وأفكاره وسلوكياته تلك التي نراها والتي لا يراها الشخص العادي، وقد وظفت فهمي بهذا الإطار في عملي”.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©