السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«التخت الشرقي النسائي» يحيي التراث الموسيقي العربي

«التخت الشرقي النسائي» يحيي التراث الموسيقي العربي
11 ابريل 2011 21:21
حققت فرقة «التخت الشرقي النسائي» حضوراً إبداعياً كبيراً في الساحة السورية، وخطفت الاهتمام والتشجيع في العديد من الدول العربية والأجنبية التي قدمت حفلات خاصة فيها، حيث نقلت الغناء العربي الأصيل والموسيقى الشرقية الصافية بنفس أنثوي سحر الجمهور، وجعلت أكفه تلتهب بالتصفيق. فما هي حكاية هذه الفرقة؟ وكيف بدأت؟ وما هي أهدافها؟ وكيف استطاعت أن تحصد هذا النجاح الكبير، وهذا القدر من الاحترام والتشجيع؟. انطلقت فكرة إنشاء هذه الفرقة عام 2003م من قبل عازفات تخرجن من المعهد العالي للموسيقى بدمشق أبرزهن وفاء سفر وخصاب خالد وسيلفي سليمان، وأعلنت أن هدفها هو إحياء التراث الغنائي الشرقي منذ العصر العباسي وحتى الآن وإعادة الاعتبار لفن الطرب العربي الأصيل، حيث تقول خصاب خالد: إن هاجس الفرقة كان منذ البداية إحياء الموسيقى التي ترتقي بذائقة الجمهور، وتعيده إلى أجواء تراثنا الموسيقي الأصيل عبر التركيز على الموسيقى الشرقية وتكريسها كموسيقى أصيلة. وتشير خصاب إلى الفوضى السائدة الآن في الموسيقى والشوائب التي تعتريها، سواء من حيث الألحان أو الكلمات، بحيث لم نعد نسمع إلا الضجيج، والتوجه نحو صرعات الموسيقى الغربية، وبسبب هذه الفوضى الهجينة وضعنا في اعتبارنا العودة للموسيقى الشرقية بهويتها الأصيلة، وبكل ما تحمله من خصوصية وذائقة طربية. وتشير وفاء سفر ـ ابنة عازف الكمان الشهير عبد السلام سفر ـ إلى أن تشكيل الفرقة من النساء حصراً هو لإضفاء مسحة أنثوية خاصة على أدائنا الفني، والتأكيد على أن المرأة قادرة على إثبات حضورها على الساحة الفنية الموسيقية. ومن خلال هذه الخصوصية، فإن طموحنا أن نصبح نموذجاً لنساء العالم في سعيهن لبناء عالم أجمل. وتقرر وفاء أن السائد من الموسيقى الآن هو عبارة عن إيقاع سريع ضمن ألحان هابطة ليس إلا! وأن موسيقانا الشرقية الأصيلة يتم تغييبها عن الساحة، والحط من قيمتها، لذلك فإن فرقة التخت الشرقي النسائي تجعل من واجبها إنعاش الذائقة الطربية في الأذن العربية، وإعادة الاعتبار للموسيقا العربية. 35 حفلة وحضور قوي منذ انطلاقة الفرقة بدأت عملياً حفلاتها، فكي تعيد تعميم وإحياء الموسيقا الشرقية لا بد من أن تبدأ بالعزف للجمهور، وهكذا فقد كبرت الفرقة من خلال حفلاتها الخمس والثلاثين حتى الآن، والتي شملت أكثر من بلد عربي وأجنبي، عدا الحفلات داخل سوريا، وكانت أول مشاركة دولية للفرقة في أمستردام، وعبر مؤتمر الشرق الأوسط الموسيقي. كما عزفت الفرقة في مسرح بكين الكبير بالصين، وفي ألمانيا، أما محطتها في إيطاليا فقد كانت لافتة جداً، فقد أحيت الفرقة خمس حفلات على مسارح روما، وكانت القاعات تمتلئ عن آخرها ويبقى المئات خارج القاعة، وقد اضطرت الفرقة في إحدى هذه الحفلات إلى عزف مقطوعتين إضافيتين استجابة لطلب الجمهور وإلحاحه ـ كما تقول السيدة وفاء سفر ـ مضيفة: لقد أدهشنا الجمهور الإيطالي بعزفنا، كما أدهشته المغنية سيلفي سليمان بصوتها الجميل والقوي. وكانت هذه الحفلات خير معبر عن صورة المرأة العربية عموماً والسورية خصوصاً في أوروبا. كما أحيت الفرقة حفلات في الإمارات والبحرين ولبنان، وعلى مختلف المسارح السورية، كدار الأسد للثقافة والفنون، وقصر المؤتمرات، ومسرح كلية الفنون الجميلة، وبيت السباعي، والقاعة الشامية في المتحف الوطني بدمشق. وبهذه الحفلات المستمرة، مضت الفرقة في تكريس حضورها في المشهد الموسيقي السوري والعربي، وزاد عدد المشاركات فيها، فأصبحت تضم إحدى عشرة عازفة ومغنية هن: وفاء سفر (عازفة ناي)، وديمة موازيني (عازفة قانون)، ورحاب عازر (عازفة عود)، ورزان قصار (عازفة كمان)، وخصاب خالد (عازفة رق)، ورغد حداد (عازفة فيولا)، ورنا أجليقين (عازفة تشيللو)، وليلى صالح (عازفة كونتر باص)، إضافة إلى المغنيات سيلفي سليمان وميري بيطار وإيناس لطوف، وجميعهن خريجات المعهد العالي الموسيقي، وبعضهن مازلن طالبات فيه. خصوصية الموسيقا الشرقية يلاحظ أن فرقة التخت الشرقي النسائي لم تقتصر على الآلات الموسيقية المكونة للتخت الشرقي، وهي القانون والعود والناي والإيقاع، بل أضافت آلات وترية غربية تنسجم في روحها مع الموسيقا الشرقية كالكمان والتشيلو والكونترباص. تقول ديمة موازيني: إن الموسيقا الشرقية لها خصوصيتها المميزة التي تتصل بالروح والمشاعر الإنسانية، وهي تخلق حالة روحانية عند المتلقي، لذلك نحن لا نوافق على خلط الموسيقا العربية بموسيقا (الروك والبوب والجاز)، لأن هذا الخليط الهجين سيشوه موسيقانا، لذلك نحن نبتعد عن الإيقاعات الغربية، ونحصر اهتمامنا بالقوالب الشرقية، بدءاً من إعادة إحياء التراث القديم ومروراً بالأغنيات المعاصرة، وموسيقا وألحان عمالقة الغناء العربي كمحمد عبد الوهاب ومحمد القصبجي وفريد الأطرش وأم كلثوم، ومؤلفين موسيقيين مثل حسان سكاف. كما نهتم بالموشحات والتراث الشامي القديم. وتشير وفاء سفر إلى أن فرقة التخت الشرقي النسائي تختلف عن غيرها من الفرق المشابهة الذكورية أو المختلطة بأنها لا تهتم بالموسيقا والألحان السورية وحسب، بل هي تتناولها في جميع البلدان العربية. الفيولا وتؤكد رغد حداد أن الفرقة تعمل بشكل جماعي، فهي بمثابة ورشة يتشاور فيها الجميع حول ما يجب أن تقدمه من أعمال أصيلة وبشكل متقن، يعكس روح الإبداع عند عازفات الفرقة، وتشير إلى إدخال (الفيولا) في التخت، فترى أنه حقق التوازن الصوتي المطلوب في عزف الفرقة، بينما تشدد خصاب خالد على أن جميع عازفات الفرقة حريصات على الارتقاء بعملها، وتكريس حضورها الجماهيري. الأرض بتتكلم عربي آخر حفلات فرقة التخت الشرقي النسائي، والتي كرست نجاحاتها المتميزة كانت في عيد المرأة العالمي الذي صادف الثامن من مارس الماضي، وقد أقيمت في دار الأوبرا بدمشق تحت عنوان (تحية من دمشق إلى نساء فلسطين). وفي هذه الحفلة التي شهدها جمهور غفير، قدمت الفرقة عدداً من الأغنيات التراثية الفلسطينية مثل (رمانك يا حبيبي) وموال (يما ويل الهوا) و(يا ديرتي حملوه)، إضافة إلى معزوفات على مقام حجاز كار وأغنية فلسطينية للشيخ إمام، واختتمت الحفلة بأغنية سيد مكاوي (الأرض بتتكلم عربي) والتي أثارت حماسة الجمهور الذي صفق طويلاً. وتعلق ديمة موازيني على هذه الحفلة المميزة، وتقول: لقد أهديناها إلى نساء فلسطين، لأنهن يحظين منا بكل الحب والتقدير، وقد عبرنا عن أحاسيسنا بألحان شجية، وانطلقنا بمقطوعات سورية، ومن إحساسنا قدمنا على مقام دمشقي مقطوعات غنائية فلسطينية. هذه الحفلة كرست ومن دار الأوبرا في سوريا فرقة التخت الشرقي النسائي كفرقة منافسة تعلن أن احتكار الرجال للموسيقا قد ولى، وأن العازفات السوريات بدأن المسيرة الإبداعية لبناء عالم أجمل وموسيقا أرقى ببصمة أنثوي.
المصدر: دمشق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©