السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محطة «قم»... هل تعيد تقييم «النووي» الإيراني؟

24 أكتوبر 2009 23:21
في وقت مبكر من اليوم الأحد، سيحل المفتشون الأمميون بالقاعدة العسكرية المتواجدة بمدينة "قم" الإيرانية لإلقاء نظرة هي الأولى من نوعها على إحدى أشد الأسرار النووية حراسة في إيران. وبعد أقل من شهر على إعلان وجود المحطة النووية في "قم" يعتقد العديد من مسؤولي الاستخبارات الأميركيين والأوروبيين أن الموقع كان موجهاً وبشكل واضح إلى إنتاج يورانيوم عالي التخصيب لتصنيع الأسلحة النووية، وقد جاءت محطة "قم" النووية لتضعف التقييم الأساسي الذي أجرته الاستخبارات الأميركية للبرنامج النووي الإيراني، الذي خلص إلى أن طهران تخلت عن تخصيب اليورانيوم سراً، وذلك حسب مسؤولين أميركيين سابقين منخرطين في المباحثات رفيعة المستوى مع إيران. فقد استنتج تقييم مهم للاستخبارات الأميركية في عام 2007 بأن عمليات المعالجة السرية لليورانيوم "قد أوقفت على الأرجح" في العام 2003 ، ولم تُستأنف منذ ذلك الوقت، لكن اليوم وفي ظل الأدلة الجديدة التي كشفتها محطة "قم" تعمل الأجهزة الاستخباراتية على مراجعة التقييمات السابقة سواء تقييم عام 2003، أو تقدير الاستخبارات الوطنية للعام 2007، وعن هذا الموضوع قال مسؤول أميركي رفض الإفصاح عن هويته "لقد غيرت قم تفكير العديد من الناس، لا سيما إمكانية وجود أنشطة تخصيب عسكرية". وفي لقاءات مع مسؤولين في الاستخبارات الأميركية، وبعض الأجهزة في الدول الحليفة أكدوا أن مراقبة محطة "قم" كانت أطول وأشمل مما تم إقراره في السابق، بحيث شملت المراقبة وضع خطط مفصلة عن كيفية اشتغال الموقع والطريقة التي ستركب بها أجهزة الطرد المركزي، هذا بالإضافة إلى المعلومات المرصودة التي كشفت بيانات ذات أهمية بالغة مثل عزم إيران وضع عدد لا يتجاوز ثلاثة آلاف جهاز طرد مركزي لتشغيل المحطة، وهو عدد أصغر من أن ينتج الوقود الكافي لتشغيل محطة لإنتاج الكهرباء، لكنه يكفي لتزويد إيران بكميات معقولة سنوياً لتصنيع ما يقارب ثلاث قنابل ذرية. هذه المعطيات الجديدة حول التطور الحاصل في آراء أجهزة الاستخبارات حول منشأة "قم"، تم التعرف عليها من خلال لقاءات أجريت مع مسؤولين حكوميين واستخباراتيين في الولايات المتحدة وأوروبا الوسطى، فضلا عن بعض بلدان الشرق الأوسط. وفي هذا السياق يعترف هؤلاء المسؤولون بأن موقع "قم" لم يدخل العمل بعد، وبأنه لم يشهد تخصيب اليورانيوم منذ الوقت الذي كُشف فيه الموقع في الشهر الماضي، لكنهم يلحون من جهة أخرى على أن الموقع مهيأ أصلا لأغراض عسكرية. وكانت إيران قد أخطرت رسمياً الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا عن وجود محطة "قم" في رسالة بتاريخ 21 سبتمبر الماضي، وذلك عندما علمت أن الولايات المتحدة أخذت علماً بالموضوع فسارعت إلى الكشف عن المنشأة لاستباق التهم التي قد توجه إليها بإدارة برنامج نووي سري. لكن الرئيس الإيراني أصر على أن محطة "قم"، هي جزء من البرنامج النووي السلمي لطهران ... وقال "علي أكبر صالح"، الذي يترأس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية إن المنشأة بنيت تحت الأرض لحمايتها من الهجمات الأجنبية، وأيضاً لعدم تبذير الأموال، موضحاً ذلك بقوله "كان الهدف هو صيانة المنشأة وخفض كلفة إقامة نظام حماية معقد". وعلى مدى الخمس سنوات الماضية كانت محطة "قم" إحدى الأسرار الأكثر حراسة في إيران لكن في الوقت نفسه كانت من أكثر المواقع مراقبة على وجه الأرض، فهي من جانب موقع مثالي لإخفاء منشأة نووية عن الأنظار، فمدينة "قم" القريبة من المحطة كانت منذ العصور الوسطى أحد المراكز الشيعية المهمة لما تحويه من مدارس دينية ومزارات يقصدها الشيعة، وتبعد المحطة الأخرى المعروفة في إيران، ناتانز، بستين ميلا عن "قم"، فيما تتواجد قاعدتين عسكريتين لصواريخ "شهاب" متوسطة المدى في ضواحي المدينة الدينية مع تمركز إحداهما في المناطق الجبلية على بعد عشرة أميال شمال المدينة، وليس معروفاً حتى اليوم متى أُنشئت المحطة، إلا أن مسؤولي الاستخبارات انخرطوا في مراقبة الموقع ودراسته منذ العام 2004 ، لا سيما بعدما أقدمت جماعة إيرانية معارضة على كشف أنفاق مدينة "قم" في العام 2005 خلال مؤتمر صحفي وقامت لاحقاً بتزويد تلك المعلومات إلى مسؤولين في الأمم المتحدة، لكن العمل الحقيقي قامت به أجهزة الاستخبارات الغربية التي اعتمدت على الأقمار الاصطناعية وتعاون بعض الأجهزة في المنطقة التي تلقت أجهزة تنصت متطورة من وكالة الاستخبارات المركزية للحصول على المعلومات. ولعل ما يزيد في شكوك الغرب كمية اليورانيوم التي يمكن إنتاجها، فمع أن إيران أكدت لجوءها إلى أجهزة طرد مركزي متطورة قادرة على تخصيب اليورانيوم بوتيرة سريعة ومضاعفة، إلا أنه حتى بوجود تلك الأجهزة لن تستطيع المحطة إنتاج ما يكفي من اليورانيوم منخفض التخصيب لتشغيل محطة نووية مدنية، لكن في حال تم تحويل اليورانيوم لأغراض عسكرية، فهو يكفي لتصنيع ثلاث قنابل ذرية في السنة. وإذا كان من الصعب على إيران اليوم تحويل محطة قم لإنتاج اليورانيوم لأغراض عسكرية بسبب سهولة كشف ذلك من قبل المفتشين يبقى السؤال الذي أثاره أحد مسؤولي الاستخبارات في الشرق الأوسط عما إذا كانت لدى إيران محطات أخرى سرية؟ ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
المصدر: فيينا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©