الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أفغانستان··· مقاربة خاطئة لـ حرب صحيحة

أفغانستان··· مقاربة خاطئة لـ حرب صحيحة
16 أغسطس 2008 00:40
يختلف باراك أوباما وجون ماكين حول كثير من القضايا، ولكنهما يتفقان على شيء واحد: التعهد بزيادة عديد القوات الأميركية في أفغانستان· فالسيناتور ماكين يرغب في نقل القوات من الشرق الأوسط إلى أفغانستان شريطة تحقيق تقدم في العراق، والسيناتور أوباما يذهب أبعد من ذلك، ويجادل بأن رفع عديد القوات الأميركية بالعراق العام الماضي أو ''الزيادة'' مثلما باتت تعرف، كان ينبغي أن يحدث في أفغانستان وليس العراق، وبأن أفغانستان هي ''الجبهة المركزية''، وبأنه يجب إعادة بنائها من القاعدة إلى القمة على غرار ''خطة مارشال''· لقد كانت الإطاحة بنظام ''طالبان'' بعد الحادي عشر من سبتمبر أمراً عادلاً وعقلانياً، وتمت بطريقة فعالة ومناسبة: على مدى ستة أسابيع فقط في أواخر ،2001 وعبر مئات من عناصر العمليات الخاصة في الميدان، والدعم الجوي الأميركي ودعم حلفائنا في تحالف الشمال· غير أنه منذ ذلك الوقت كبرت المهمة وتعقدت، فاليوم يوجد 71000 جندي من قوات ''الناتو'' في أفغانستان، ومع ذلك، تزداد الأمور سوءاً أكثر من أي وقت مضى، حيث تضاعفت الهجمات المسلحة على القوات الدولية والمتعاقدين المدنيين عشر مرات في 2007 مقارنة مع ،2004 وشمل هذا الارتفاع كل أشكال العنف، من القنابل التي تزرع على حافة الطريق إلى الانتحاريين· وعلاوة على ذلك، فإن حليفنا الرئيسي في بداية الحرب، ''تحالف الشمال''، كان يسيطر أواخر 2001 على مناطق أكبر من البلاد مقارنة مع ما يسيطر عليه حليفنا الرئيس الأفغاني فعلياً اليوم· الأكيد أنه ينبغي على الولايات المتحدة أن تعاقب الأشخاص الذين يهاجمونها وأولئك الذين يمنحونهم المأوى؛ ولهذا السبب في الواقـــع حظيت حرب أفغانستان دائمــــاً بالدعــــم الشعبي· ولكـــن أهدافنـــا الأولـــى -الإطاحة بنظام ''طالبان'' والقضاء على ''القاعدة''- أنجِزت في حدود الممكن بالنظر إلى الحدود غير المراقبة التي تتقاسمها أفغانستان مع باكستان· وهكذا، فإن المهمة التي تزداد حجماً يوماً بعد يوم في أفغانستان، تستند إلى تصور أربع مصالح أميركية: منع الإرهابيين العالميين من الحصول على ملاذ آمن، وإظهار القوة الأميركية في جزء حساس من العالم، ودعم جهود تحديث العقلية الإسلامية، ووقف صادرات الهيروين· مما لا شك فيه أن منع الإرهابيين من الحصول على ملاذ آمن - في أفغانستان وفي كل مكان آخر- مصلحة أميركية من الطراز الأول، غير أن تحقيقهــــا لا يتطلــــب غزو مناطـــــق واسعـــة من الأراضي الأفغانية، ولا زيادة في عديد القوات هناك -ولا حتى الحفاظ على عدد القوات الذي يتوافر عليه ''الناتو'' في أفغانستان اليوم· فمحاربة الإرهاب ليســـت حول الاحتلال، ولكنهـــا تتركز في الجمع بين العمل الاستخباراتي وقدرات عسكرية متخصصة· رغم أن ''طالبــــان'' تسترجـــع قوتها، غير أنهــــا لا تستطيـــع منح ''القاعدة'' مـــلاذاً آمنــــاً حقيقيــــاً إلا في حال أعاد مقاتلوها بسط سيطرتهم على كابول· والحال أن آمالهـــم في العـــودة إلى السلطة صغيرة طالما أننا ندرب الجيش الأفغاني، وندعم الدولة الأفغانية بسخاء، ونحافظ على عملياتنا الاستخباراتية وقدراتنا بخصوص الضربات الجراحية· وعلى أي حال، فإن مصالح جهود محاربة الإرهاب الأميركية في أفغانستان تجادل فيما يبدو لصالح شيء أكثر محدودية من التزامنا الحالي هناك: ربما 20000 جندي غربي على الأكثر· أما على المدى البعيد، فينبغي أن ينظر إلى أفغانستان باعتباره البلد البعيد والفقير وغير القابل للحكم، مثلما هو في الواقع، وذلك على الرغم من أنه بلد له تاريخ من العلاقات مع ''القاعدة'' ومجاور لقاعدة عمليات أسامة بن لادن الحالية، باكستان· ولكن مع ذلك، فإن وجوداً أميركياً صغيراً جداً يعمل عبر السفارات ومنظمات المساعدات يستطيع جمع المعلومات الاستخباراتية اللازمة للسماح للقوات الخاصة بالقضاء على التهديدات الإرهابية متى وقعت· ولكن ماذا عن السبب الثاني الذي يشار إليه لتعليل وجودنا في أفغانستان: إظهار القوة الأميركية في منطقة غير مستقرة؟ صحيح أن الحفاظ على وجود مسلح في منطقة من العالم محاذية لباكستان وإيران (والصين تقريباً) ينطوي مما لا شك فيه على قيمة كبيرة، لكن كل ما يلزم لتحقيق هذا الهدف هو مطار تحت تصرفنا، وعدد كاف من جنود القوات الخاصة لتحقيق أهداف عسكرية محدودة، وحكومة متعاونة في كابول· ثم إنه من غير الواضح لماذا ينبغي أن تكون أفغانستان هي الشريك الضروري في هذا، فالولايات المتحدة تتوافر على إمكانية استخدام قواعد أكثر أمنا وأقل كلفة وأهم من الناحية الاستراتيجية في أماكن أخرى داخل آسيا، مثل أوزبكستان ومنغوليا· أما بالنسبة لجهود الوصول إلى إسلام حديث وعقلاني، فإن أهمية أفغانستان في هذا الباب ضئيلة· فهي منطقة معزولة ونائية من البلاد الإسلامية· فالرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) وصحابته لم يقوموا بفتح هناك، مثلما لم يعلنوا الدعوة هناك· وعلاوة على ذلك، لم تقم هناك حضارة إسلامية عظيمة، مثل الخلافة في بغداد· وخلافاً للعراق، لا توجد هناك أضرحة لأئمة شيعة· ثم إن هزم الفكر السني المتشدد بشكله ''الطالباني'' هو غير ذي قيمة كبيرة· أما الحجة الأخيرة لتوسيع حرب أفغانستان -وقف زراعة الخشخاش- فهي حجة ضعيفة وواهية أيضاً· وإذا لم يكن أحد من المرشحين الرئاسيين قد أشار إلى استعمال الهيروين كموضوع داخلي ملح، فيمكن القول إن هناك سبباً أضعف ليكون موضوعاً دولياً رئيسياً· وعلى أي حال، فالإقبال على الهيروين ليس خطأ الفلاحين الأفغان الذين سيعانون مادياً كثيراً بسبب جهودنا لمنعه· ثم إن الديمقراطيات الليبرالية لا يمكنها الفوز في جهود محاربة التمرد ضد رغبة السكان المحليين، وحرمان المزارعين الفقراء في جنوب وشرق أفغانستان من مصدر عيشهم ليس الطريقة المناسبة قطعاً لإقناع الأفغان بالوقوف إلى جانبنا· لقد شكل غزو أفغانستان نجاحاً تكتيكياً عظيماً والخطوة الاستراتيجية الصحيحة، غير أنه منذ ذلك الوقت، يبدو كما لو أن الولايات المتحدة تحاول تحويل هذا النزاع إلى ''فيتنام'' القرن الحادي والعشرين· وحسب تقديرات الجنرال ''دان ماكنيل''، الذي كان قائد قوات ''الناتو'' في أفغانستان إلى أن غادر في يونيو الماضي، فإن وضع ''لا بد من الفوز'' في أفغانستان يعني نشر ضعف ما أُرسل إلى العراق من جنود في أوج فترة ''الزيادة'' بثلاث مرات· وعليه، فإذا كان الأميركيون يعتقدون حقاً -مثلما يجادل بذلك أوباما على الخصوص- بأن أفغانستان هي الحرب الصحيحة والمكان المناسب لبناء الدولة، فيجب عليهم في تلك الحالة أن يدركوا الكلفة التي يتطلبها ذلك والحظوظ القليلة لنجاحه· بارتل بريز بول محرر الشؤون الخارجية في مجلة بروسبيكت البريطانية ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©