السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

“هوية الروح”.. الشرق والغرب يلتقيان عند محمود درويش

“هوية الروح”.. الشرق والغرب يلتقيان عند محمود درويش
24 أكتوبر 2009 23:54
أشاد معالي الشيخ الدكتور ماجد بن سعيد النعيمي رئيس الديوان الأميري في عجمان بالمستوى الفني المتميز لفيلم “هوية الروح” الذي عرض لأول مرة بدولة الإمارات في سينما “سيني ستار- سيتي سنتر” بعجمان مساء الخميس الماضي، والذي نظمته دائرة الثقافة والإعلام في عجمان بالتعاون مع شركة “آرتس ألاينس برودكشنز” البريطانية المتخصصة في إنتاج العروض السينمائية والفنية ومركز جمعة الماجد للثقافة والتراث بمناسبة الذكرى الأولى لرحيل الشاعر محمود درويش. وأكد معاليه أن عرض الفيلم في إطار المشروع الثقافي للدائرة “جاء ليخدم الثقافة وينهض بها إلى آفاق أوسع وأكثر حداثة”، مثمنا جهود كل القائمين على هذا المشروع الثقافي السينمائي الاستثنائي. وقال: إن فكرة تقديم عمل جديد وغير مألوف تمثل ركنا أساسيا في أدبيات الفن السابع، مشيرا إلى أهمية عقد لقاءات تعريفية للجمهور بأهمية السينما ودورها في بناء الوعي بالواقع والحياة وهو الأساس الذي يعمل عليه الكتّاب والمخرجون. وأضاف أنه من خلال متابعاته لأنشطة الدائرة، يلحظ أن هناك توجها نحو دعم المبدعين في مختلف مراحل الإنتاج السينمائي، مشيراً إلى مشروع “نادي سينما عجمان” الذي أطلق في 2007 واستضاف عددا من الأفلام بالتعاون مع جهات ثقافية عديدة وملحقيات ثقافية بالسفارات العربية لدى الدولة، ومهرجان الإبداع الفني الجامعي والذي سيكون في نسخته الثانية في أبريل المقبل فرصة لاختبار إمكانية دعم الموهوبين من شباب الجامعات في مشروعاتهم الإنتاجية المرتبطة بمجال الفيديو. وكانت الاحتفالية التي شهدها عدد من المستشارين الثقافيين بسفارات الدول العربية لدى الدولة وحشد من السينمائيين والأدباء ومسؤولي الجهات الثقافية والدوائر المحلية بعجمان قد بدأت بافتتاح معرض صور محمود درويش ومؤلفاته وما كتب عنه. وألقى عبد الله الشحي مدير مسرح عجمان الوطني كلمة الدائرة الثقافية التي قال فيها: “انه لمن حسن طوالع أيامنا، أن ترسل فلسطين إلى عجمان، تحفة سينمائية قل نظيرها في دنيانا العربية”. وأضاف: “إن محمود درويش، ولد شاعرا منشدا، وشاعرا ممثلا، كما سنسير معه في شريط “هوية الروح”، ومثلما يبقى معنا بعدما نغادر هذه الصالة، فيها روح الهوية”. وفي ختام كلمة الدائرة الثقافية وجه الشحي الشكر إلى صاحب السمو الشيخ حميد بن راشد النعيمي عضو المجلس الأعلى حاكم عجمان على توجيهاته القيمة في عملنا، وإلى سمو الشيخ عمار بن حميد النعيمي، ولي عهد عجمان على متابعته الدائمة لكل أنشطة الدائرة، والى الشيخ عبدالعزيز بن حميد النعيمي، رئيس دائرة الثقافة والإعلام بعجمان، الذي حوّل توجيهات سمو الحاكم، وولي العهد إلى “خريطة عمل ثقافية” في إمارة عجمان. وخلال الاحتفالية كرم الشيخ الدكتور ماجد النعيمي مارتينا رود منتجة فيلم “هوية الروح”، وكريس ويليام المدير الفني للفيلم، وشيرين عثمان منسقة مشروع الفيلم في الوطن العربي. وبدأ الفيلم، الذي عرض في خمس شاشات متجاورة وفقا لنظام صوتي خاص وبحيث تعرض كل شاشة مضمونها بالتناغم الدقيق والشفيف مع الأخرى، بمنارتين على الجهتين من ضفاف بحر يشير الطراز المعماري لأحدهما إلى أنها شرقية فيما الأخرى غربية، أي أنه التقاء ضفتين متباعدتين إنما يقربهما الشعر. القراءة الشعرية هنا ليست توديعا من محمود درويش الذي كان يشعر أثناء تصوير الفيلم باقتراب النهايات، إنما هو الاحتفاء بالشعر وتكريمه بقراءة شعر سواه أيضا لا شعره فحسب، وهي واحدة من طرائق عديدة للاحتفاء بالشعر كان يسلكها محمود درويش مع الآخرين. لكنّ القيمة الأساسية، في هذا الفيلم، المشغول بصريا على نحو مثير للإدهاش، ليست قيمة الترفع عن مقاومة الظلم والاستسلام له إنما تلك اللحظة التي ينبغي على المرء خلالها أن يكون أرفع من عدوه وأرفع من ذاته، هذا التعالي هو الكبرياء الشخصي فحسب الذي تعجز المعرفة عن توصيفه. بدا محمود درويش أكثر حزنا مما اعتاد عليه الذين يعرفون قراءته الشعرية، هو الذي يتخلص من ارتباكه من الجمهور وخوفه منه بنوع من ممارسة السطوة، تحديدا في نهاية قراءته قصيدة “تيرييه فيجن” وما واجهه من مصير كما لو أنه يتوقع حدوث ذلك له هو بالتأكيد. كان محمود درويش مغرما بما هو ملحمي، وكانت القصيدة ملحمية بنيتها الأساسية قائمة على السرد الحكائي إلى حدّ أنه كان يحكي لنا، جمهور حاضري “هوية الروح”، حكاية وافية بتفاصيلها وتطورها الدرامي الذي يتعزز غالبا بموسيقى انبنت على جملة موسيقية كلاسيكية جعلت من حضور محمود درويش حضورا “عاديا” غير مبالغ فيه لممثل قادر على أن يملأ دوره في الفيلم تماما، من ناحية درامية، ففي المتخيل الحكائي لكلامه كنا نرى الشخصيات الأخرى التي توازي في حضورها حضور شاعرين كبيرين من ثقافتين مختلفتين. لكن من ناحية واقعية، كان محمود درويش، الذي يجدّف الآن في محيط يجدّف فيه شعراء من عالم يبدأ بامرئ القيس وطرفة ابن العبد والمتنبي ولا يتوقف عند لوركا وهنريك آبسن أو هوميروس أو سواه من شعراء الأغارقة المعاصرين، يحتفي بالشعر بوصفه الأقدر شأنا على الإعلاء من قيمة الإنسان بوصفه كذلك جوهريا.
المصدر: جهاد هديب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©