الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اليابان.. أسباب ندرة العنف

27 يوليو 2016 22:38
وسط موجة كبيرة من عمليات القتل الجماعي في شتى أرجاء العالم، يلفت ما حدث في اليابان الانتباه بشكل خاص. ففي صباح يوم الثلاثاء الماضي هاجم رجل يدعى «ساتوشي يوماتسو» داراً لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة في بلدة «ساجاميهارا»، التي تبعد 35 ميلاً غربي طوكيو. وقتل الرجل المسلح بثلاث سكاكين 19 شخصاً، وأصاب كثيرين آخرين قبل أن يذهب إلى نقطة شرطة ويسلم نفسه. وما لفت الانتباه بشدة إلى هجوم «يوماتسو» هو وقوعه في اليابان. فاليابان على خلاف كثير من المجتمعات الحديثة الأخرى نجت إلى حد كبير من عمليات القتل الجماعي التي أصابت دولاً أخرى في السنوات القليلة الماضية. والهجوم الذي وقع يوم الثلاثاء هو أسوأ حادث قتل جماعي منذ الحرب العالمية الثانية. ويؤكد «تيرواكي سوجيموتو» البالغ من العمر 66 عاماً ويعيش بالقرب من دار رعاية أصحاب الاحتياجات الخاصة لـ«واشنطن بوست»: هذا النوع من الحوادث لم يُسمع به من قبل في اليابان. لكن اليابان لم تنج من مثل هذا العنف تماماً. فقد قُتلت امرأة وأصيب ثلاثة بجروح في حادثة طعن في وقت مبكر من العام الجاري في شمال اليابان. والعام الماضي لقي خمس أشخاص حتفهم في هجوم بسكين في جزيرة «أواجي» بين جزيرتي هونشو وشيكوكو. وأسفر هجوم آخر بسكين عن مقتل ثمانية أطفال في مدرسة ابتدائية في أوساكا عام 2001. وأدى حريق تخريبي إلى مقتل 16 شخصاً في أوساكا عام 2008، بينما قاد رجل شاحنة واصطدم بها في حشد من الناس في طوكيو في العام نفسه قبل أن يستخدم سكيناً لمهاجمة الناس مما تمخض في نهاية المطاف عن قتل تسعة أشخاص. ووقع هجوم مشابه استُخدم فيه أيضاً سكين وسيارة في عام 1999 تمخض عن مقتل خمسة أشخاص. وهناك أيضاً بالطبع إطلاق طائفة «أوم شنريكيو» لغاز السارين في شبكة قطارات الإنفاق في طوكيو مما أدى إلى مقتل 13 شخصاً وإصابة الآلاف. لكن بصفة عامة، العنف الجماعي نادر في اليابان، وحوادث القتل نادرة أيضاً. والعام الماضي وقعت 933 حادثة قتل في اليابان التي يقطنها 127.3 مليون نسمة. وتمثل الحصيلة تقلصاً عن 1054 حادثة قتل سجلها عام 2014. والولايات المتحدة يزيد عدد سكانها على ضعف عدد سكان اليابان، لكن إحصاءات مكتب التحقيقات الاتحادي (إف. بي. أي.) لعام 2014 وهي أحدث السنوات المتاح عنها بيانات في هذا الشأن تشير إلى وقوع 11961 حادثة قتل أي أكثر من 11 ضعفاً عن عمليات القتل التي وقعت في اليابان في العام نفسه. وحين أصدر مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة تقريراً بشان معدلات القتل على مستوى العالم عام 2014 خص التقرير بالذكر المعدل المنخفض في اليابان. وكتب مؤلفو التقرير «تناقص معدل القتل في اليابان باطراد منذ عام 1955، دون تقلبات كبيرة، ليصل إلى واحد من أدنى المستويات في العالم... ومعدل القتل في البلاد يرتبط بمجتمع مستقر ومزدهر مع انخفاض مستويات عدم المساواة وارتفاع مستويات التنمية». وأشار مكتب الأمم المتحدة إلى عدد من النظريات التي تفسر ندرة وقوع حوادث القتل في اليابان، ومنها أن 98 في المئة من حوادث القتل يتم حسمها، إضافة إلى انتشار الرخاء والرفض العام للعنف بعد الحرب العالمية الثانية. وحتى جماعات الجريمة المنظمة مثل عصابة «ياكوزا» يُقال إنها تتجنب المواجهات العنيفة وتبتكر وسائل غير عنيفة لابتزاز أهدافها. وما قد يثير اهتمام الأميركيين هو ندرة انتشار الأسلحة النارية في اليابان. والبلاد بها اشتراطات صارمة لامتلاك الأسلحة النارية وعقوبات قاسية لمن ينتهكون القواعد. ونتيجة لهذا هناك عدد قليل من المسدسات في البلاد والنسبة تبلغ 0.6 مسدس لكل 100 شخص، مقارنة بنسبة 101 مسدس لكل 100 شخص في الولايات المتحدة. ولم يقتل إلا شخص واحد في اليابان بإطلاق النار عام 2015، مقارنة بمقتل أكثر من 13000 ألف شخص بإطلاق النار. ووفقاً لبعض الإحصاءات قتل 475 شخصاً في عمليات إطلاق النار الجماعية وحدها في الولايات المتحدة العام الماضي. وما حدث في «ساجاميهارا» يبين أنه حتى بغير استخدام مسدسات يمكن وقوع هجمات كثيرة القتلى. ومن شأن هذا أن يثير قلق اليابانيين في قضية تبدو مربكة في عدد من الجوانب. وفي نهاية المطاف، يبدو أن الهجوم على منشأة الرعاية الصحية سببه مشكلات شخصية ومحلية. وحوافز الجريمة كشف عنها القاتل نفسه الذي كان يعمل مديراً في دار رعاية. فقد أخبر «يوماتسو» الشرطة بعد أن سلم نفسه «من الأفضل أن يختفي ذو الاحتياجات الخاصة». *محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©