الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

وهم الربيع

24 يناير 2016 23:38
في أحيانٍ ليست بالقليلة أغبط جيلاً سبق ولادة ما يسمى الربيع العربي ولم ير ما أنتج من عصابات إرهابية انتشرت في أوصال الوطن العربي أسرع من انتشار النار في الهشيم، فلم يتعامل مع صور الحرق والغرق والسرقة والتعذيب والتجويع، لم يستنشق نسمات ذلك الربيع الخانقة للأحياء من بني البشر، لم يؤمن يوماً بتآمر حكومة إسلامية على الوطن العربي لتنفيذ مآربها السياسية وقيامها في سبيل ما تبتغي بالإرهاب والتجويع والتجسس والتفجير والتخريب. جيل لم يدر بباله يوماً أن جماعة إرهابية تدعى «داعش» تدعي الإسلام ستقوى شوكتها جراء أحداث الربيع، ستقوم بتفجير المساجد عند قيام المسلمين بأداء فريضة الصلاة من دون اكتراث لحرمة مكان الصلاة أو توقيتها، متجاهلة تكبيرة الإحرام التي كبرها أولئك المصلون معلنين أنهم أمام الأكبر سبحانه، من دون اعتبار لتشويه صورة الإسلام ومعتنقيه لدى الجاهلين بهذه الديانة وتعاليمها السمحة التي جاءت لتحث على السلام. ذلك الجيل الذي رحمه الله سبحانه من الشهادة على هذا العصر، لم يصب بالعقد السياسية عند محاولته متابعة مسرح الأحداث أو تحليله لما يجري، فما هو سوى عدو واحد لا يمت إلى الإسلام بصلة اعتدى على دولة إسلامية باغتصاب أراضيها محاولاً التوسع عبرها إلى دول مجاورة، وما زال ذلك الجيل يعي أنه بمنأى عن تلك الأحداث والتطورات مهما تفاعل معها واستاء لما يحدث لإخوته في فلسطين. وقد يقول قائل: من الطبيعي ألا يشعر الإماراتيون المنعمون بما عاناه الإخوة في البلاد العربية الذين طالما تكبدوا الظلم والفقر وصعوبة مواجهة متطلبات الحياة، حتى بلغت بهم المعاناة الانتحار حرقاً والتخلص من حياة بلا أمل في تغييرها سوى ذلك الربيع الزائف. لا أحد ينكر أننا لم نعرف المعاناة يوماً منذ قيام الاتحاد ولله الحمد والمنة، ولحكامنا الشكر والعرفان بما قدموا لتوفير سبل الحياة المثالية كما ينشدها الإنسان الكريم، لكننا وبلسان أولئك العرب الذين باركوا ولادة الربيع العربي وصفقوا لمن ساهم في خروجه للحياة الميتة أيقنا معهم أن ما كان عليه إخوتنا المنكوبون في البلاد العربية المختلفة أفضل حالاً وألم شملاً وأوفر أمناً وأحقن دماً مما آل إليه مصيرهم في دولهم بعد الربيع المزعوم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©