الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التعريف بالإسلام

26 أكتوبر 2009 00:08
شهد هذا الشهر إصدار تقرير ألّفته مجموعة من المسلمين البريطانيين عنوانه "وضع الإسلام في السياق البريطاني". وقد سعى العلماء والممارسون الذين ساهموا في التقرير، الذي نشرته جامعة كامبريدج، للإجابة على سؤال مخادع ببساطته: ماذا يعني أن تعيش كمسلم في بريطانيا اليوم؟ إحدى المشاكل التي تواجهها مجموعات المسلمين عند صياغة مجالات قلقهم أمام جمهور علماني بالدرجة الأولى، هي أن ما يقوله أحد الطرفين ليس هو بالضرورة ما يسمعه الطرف الآخر. فتعابير إسلامية مثل "الشريعة" و"الجهاد" و"الخلافة"... تعني للأذان الغربية العلمانية غير ما تعنيه للمسلم. لهذا يناقش التقرير مسألة استخدام الانجليزية بدلا من الإصرار على استخدام التعابير القرآنية عند الانخراط في نقاشات عامة حول الإسلام. ويرى أن استخدام "لغة أخلاقية مشتركة" سيتجنّب إعطاء "الانطباع الزائف" بأن القيم العلمانية والإسلامية تتعارض مع بعضها بعضاً. ورغم أهمية هذه النقطة فإنها لا تعني أن المسلمين عامة يفقدون الأمل بالتعابير الإسلامية ويسلّمونها فعلياً للمتطرفين على الجانبين. لكن من غير الواضح كيف يمكن استعادة استخدام التعابير القرآنية في الخيال العام، فيما يتم استخدام اللغة الإنجليزية فقط. ويحاول مؤلفو التقرير كذلك تفسير كيف يمكن للإسلام أن يكون مفهوماً بشكل صادق على أنه متناغم مع الدولة العلمانية. ويرى أن الفصل بين السلطتين، المادية والروحانية، قد يكون أقرب إلى مستوى المثالية الإسلامية. وقد اعتبر بعض أنصار الإسلام السياسي في القرن العشرين أن سيادة الله تعالى تتمثل من خلال دمج إطار سياسي تدعي فيه مجموعة أو فرد واحد السلطة الإلهية للتصرف نيابة عن الله تعالى، وهو مفهوم لا يتناغم مطلقاً مع الديمقراطية العلمانية. إلا أن التقرير يشير إلى شخصيات بارزة في التاريخ السياسي، مثل الإمام مالك بن أنس، وأحمد بن حنبل، يؤمنان بأن الدولة لا يجب أن تطالب بالسلطة الإلهية، وإنما يجب مساءلتها وفق المعايير الشرعية. ولا شك أن المسلمين البريطانيين يدعمون التعددية الثقافية العلمانية، لأنها توفر لهم حرية ممارسة دينهم، لذلك فالتقرير يتعامل مع قضايا شائكة، مثل الردة والشذوذ الجنسي، بعقلية منفتحة. ويصرّح كتابه بالقول إنه رغم إيمانهم بأن الإسلام لا يحب أعمالا كهذه، لكنه يفرض معاملة الذين يرتكبونها باحترام وكرامة. ويدّعي التقرير كذلك أنه يتوجب فهم الأصولية الدينية بأسلوب أفضل. ويرى أن التطرف العنيف ظاهرة اجتماعية وسياسية في أعماقها وليست دينية صرفة. وربما يُنظَر إلى التقرير كخطوة مهمة نحو تعبير متسامح عن الإسلام برز دائماً وبشكل تاريخي عندما كانت هناك مشاركة إيجابية قوية بين المسلمين وغير المسلمين، كما حصل في عصور ازدهار الإسلام. ويعكس التقرير الحد الذي وصل إليه اليوم التفكير الإسلامي البريطاني في تياره الرئيس، فهو أكثر تقدمية مما ظنه الكثيرون. كذلك فالآراء التي يطرحها التقرير هي مما يتوجب على المجتمع المدني الإسلامي الأوسع والإعلام أن يأخذاها ويرحبان بها. قد يرى المحافظون الدينيون الذين اعتادوا تمثل العنف أن يروا في هذا التقرير برهاناً على أن الحكومة قامت بتمويله. لكن المؤلفين يأتون من خلفيات دينية متنوعة. وسوف يتم قياس نجاح هذا التقرير على الأمد الأبعد من حيث قدرته على الوصول تدريجياً إلى القطاعات الأقل أهمية. وعلى المدى الأبعد، سيتم قياس مدى نجاح هذا التقرير من حيث آثاره التي ترشح إلى الطبقات السفلى في مجال التأثير على أفكار الناشطين المسلمين الأصغر عمراً وتضييق فجوات عدم التفاهم مع مجتمع أكثر اتساعاً. عضو مؤسس بمجلس أمناء «سيتي سيركل» وهي شبكة للمسلمين البريطانين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كومون جراوند»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©