الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصين وحفل الزيف الأولمبي

16 أغسطس 2008 23:50
لم تعرف للصين سياسات تذكر فيما يتصل بنجماتها من صغار الفتيات· إلا أن مشكلة بكين مع الإناث بدت واضحة ومربكة في الأسبوع الماضي· فعلى سبيل المثال أثير الكثير من الجدل حول أعمار عدد كبير من الفتيات الصينيات المشاركات في منافسات ألعاب القوى، ولا يزال هناك من يلح على مطالبة اللجنة الأولمبية الدولية بالتحقيق في أعمار اللاعبات الصينيات اللائي يعتقد أنهن دون السادسة عشرة، وهي السن القانونية التي حددتها اللجنة الأولمبية للمشاركة· غير أن هذه المطالبة تراجعت كثيراً الآن خلف الفضيحة التي أحاطت بمشاركة الطفلة ''لين مياوكي'' البالغة من العمر 9 سنوات، وهي التي قدمت على أنها مؤدية لفقرة ''أغنية للوطن الأم'' في حفل مراسم افتتاح الأولمبياد· فقد تبين لاحقاً أن الصوت الفعلي الذي ردد تلك الأغنية الوطنية هو صوت ''يانج بيي'' البالغة من العمر 7 سنوات، هذه الطفلة ذات الصوت الساحر والوجه الدائري الجميل، والأسنان الطفولية البيضاء غير المتراصة كما ينبغي· وكانت الترتيبات الأولى قد اعتمدت الطفلة ''بيي'' لأداء الأغنية حتى غيرت اللجنة الأولمبية الصينية المنظمة للاحتفال رأيها في اختيار ''بيي'' بحجة أنها ليست جميلة بما يكفي للقيام بذلك الدور· وحين تبين للجنة المنظمة أن ''مياوكي'' التي اختيرت بديلة لها تفتقر إلى المهارات الصوتية المطلوبة لأداء الأغنية، قررت المزج بينهما، بحيث تظهر ''مياوكي'' أمام حشد الجمهور الأولمبي البالغ عدده 91 ألفاً، وخاصة أن لمياوكي وجهاً إعلانياً تلفزيونياً معروفاً، بينما تقوم ''بيي'' بالأداء الصوتي للأغنية على خلفية وجه زميلتها وشفاهها المتحركة التي تعطي إيحاءً بأنها هي التي تؤدي الأغنية فعلاً· وربما كانت ''مياوكي'' تقوم بالأداء الصوتي، إلا أن الميكروفون لم يكن قد أدير في وضع التشغيل حينها! وما أن كشفت الصحافة الصينية عن هذه الحقيقة، حتى علت الانتقادات الموجهة لممارسات النظام الشيوعي الشمولي، وتحولت هذه الفضيحة الأولمبية إلى مادة خصبة لتعليقات المدونين الإلكترونيين بصفة خاصة· يشار في هذه المناسبة إلى أن اللجنة الأولمبية الصينية واجهت سلفاً الانتقادات بسبب كونها استخدمت التكنولوجيا الرقمية الداعمة للألعاب النارية التي صاحبت حفل مراسم الافتتاح· والآن ها هي تواجه حملة نقد أشد عنفاً بسبب ما رأى فيه المعلقون تضحية من قبل اللجنة بكرامة الطفلة ''مياوكي'' استجابة لمعايير ومتطلبات الجمال الزائفة التي فرضتها على اللجنة عصبية نزعتها الوطنية· ورداً على هذه الانتقادات قال تشين جيانج المدير الموسيقي لحفل الافتتاح: ''على الطفلة الظاهرة في شاشة الكاميرا أن تكون خالية من العيوب الشكلية، وكذلك من العيوب الداخلية وعيوب التعبير· وقد كان ما حدث خدمة للمصالح الوطنية للصين''· ولكن ما الذي يعنيه هذا التبرير الأجوف بحق؟ لا غرابة أن استشعر الأميركيون قدراً كبيراً من العار والحرج لهذا الزيف الذي صاحب عرض الافتتاح· وهذا مما لا يمكن له أن يحدث عندنا هنا في أميركا مطلقاً· فلو أننا اخترنا طفلة جميلة مثل ''مياوكي'' لأداء أغنية في حفلنا الافتتاحي الأولمبي، لفعلنا ذلك دون أن نكترث لحقيقة أنها ليست موهوبة بما يكفي لأداء الأغنية صوتياً· وهناك من رأى في هذا السلوك الصيني الغريب، دليلاً على السياسات الشمولية الخانقة التي ينتهجها النظام الشيوعي الحاكم، بينما رأى فيه آخرون دليلاً على تقليد الصين الأعمى لكل ما له علاقة بالرأسمالية الأميركية وقيمها· وربما تستعير الصين من بلادنا ما هو ضحل في قيمها وثقافتها، بما في ذلك تحرج بكين من تقديم طفلة معوجة الأسنان رمزاً لجميع أطفالها، في محاكاة منها لمعايير الجمال البشري التي فرضتها الثقافة الشعبية السائدة عندنا· ولكن ينسى أصحاب هذا الرأي حقيقة أساسية تميز بين بلادنا والصين· فعلى رغم ولع الأميركيين إلى حد الهوس بإتقان مثل هذه العروض وخلوها من العيوب، إلا أنهم مولعون في الوقت نفسه بأن تحتفظ العروض بصدقها وحقيقتها، بعيداً عن الزيف والخداع· وهذا ما لم تحرص عليه الصين بمسخها لعرض افتتاحها وإساءتها لأطفالها الأبرياء· ميجان داوم محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©