الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«تحرير أزواد»... مكاسب في شمال مالي

«تحرير أزواد»... مكاسب في شمال مالي
7 ابريل 2012
لم يستغرق ذلك سوى بضعة أشهر من القتال كي يتمكن المتمردون الأزواديون في مالي، والذين عركتهم المعارك في صفوف قوات الراحل القذافي، من بسط سيطرتهم الكاملة على أجزاء واسعة من شمال مالي، محققين هدفهم الذي سعوا إليه طيلة عقود عديدة بإقامة دولتهم المستقلة على هذه الأرض، والتي يعتبرونها وطنهم التاريخي. وحتى في حال فشل المتمردون في كسب التأييد الدولي والاعتراف العالمي، يبقى الواقع أن نجاحهم على أرض المعركة أدى بالفعل إلى تقسيم البلد الواقع في غرب أفريقيا، ولا يبدو أنه بإمكان الطغمة العسكرية الحاكمة، ولا قادة الدول المجاورة، إعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل المكاسب الأخيرة لطوارق مالي. فبعد الانقلاب العسكري الذي أطاح في شهر مارس المنصرم بالحكومة المدنية المنتخبة ديمقراطياً في مالي، سيطر طوارق مالي على المدن الرئيسية في الشمال، وهي كيدال وجاو وتيمبكتو، مكتسحين منطقة الشمال المالي بأكملها أمام تراجع الجيش إلى الجنوب. لكن الفوضى التي عمت شمال البلاد غذّت المخاوف من احتمال استغلال المسلحين الإسلاميين للنجاحات التي حققها الثوار للدفع بأجندتهم الخاصة، وتمسك النخبة العسكرية في مالي بالحكم، فضلاً عن تفاقم مشاكل الفقر وتهريب المخدرات في المنطقة الصحراوية. وكان الانقلاب الذي شهدته مالي مؤخراً قد جاء بسبب استياء الجيش من فشل الحكومة في تسليحه ومده بالمعدات لمواجهة حركة الطوارق المسلحة جيداً في الشمال والمعروفة باسم "الحركة الوطنية لتحرير أزواد". وفي ردها على الانقلاب، فرضت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا عقوبات يوم الاثنين الماضي على مالي تشمل فرض حصار على البلد المغلق جغرافياً، وهو الأمر الذي سيحرم مالي من الوقود والمال الضروري لدفع رواتب الجنود والموظفين. وقد حذرت المنظمات الإنسانية من تفاقم الوضع الإنساني المتردي أصلاً في غرب أفريقيا وتفشي المجاعة في حال فُرض حصار على مالي. ويرى المراقبون أنه حتى بدون انقلاب عسكري في مالي، ودون الفراغ الحالي في السلطة، كان المتمردون الطوارق سينجحون في اجتياح الشمال. ويضيف "جيريمي كينان"، أستاذ الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن، أن المقاومة العسكرية المالية انهارت تماماً حتى قبل الإطاحة بالحكومة المالية، مع نفاد ذخيرة الجنود في حالات عديدة. وفيما كان الناس في العاصمة المالية باماكو يصطفون للحصول على الطعام والوقود يوم الثلاثاء الماضي أكد الخبير الاقتصادي، مصطفى دوميا، أن البلاد تعيش حالة من الخوف وانهيار المعنويات، قائلاً: "الوضع هادئ حالياً في العاصمة، لكن السكان يشعرون بالخوف، فالاقتصاد لم يعد يعمل، والجميع يدرك بأننا مقبلون على أوقات صعبة. إننا نواجه خطر كارثة إنسانية محققة". وبينما تتخوف منظمة "اليونيسكو" من تدمير أحد أهم مواقع التراث الإنساني في مالي، وهو المدينة التاريخية تيمبكتو التي تزخر بمساجدها الطينية، يتوجس المراقبون الغربيون من العناصر المتشددة المرتبطة بتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، والتي يبدو أنها دخلت مع المتمردين. فـ"القاعدة" التي لا تربطها علاقات مع ثوار الطوارق كانت مسؤولة عن عمليات خطف وقتل للأجانب وتدمير للقطاع السياحي في المنطقة. كما أن تنظيم "أنصار الدين" المرتبط بها يحمل أجندة تختلف عن تلك التي تدعمها "الحركة الوطنية لتحرير أزواد"، بحيث التركيز لديهم على فرض الشريعة في عموم مالي. ومع أن أنصار الدين التي يقودها "إياد آغ أغالي"، انقضّت على المدن التي دخلتها الحركة في الشمال، ورفعت رايتها السوداء وأخبرت الجميع بأنها ستفرض الشريعة، إلا أن أستاذ الدراسات الأفريقية، "كينان"، أكد أن "أنصار الدين" الذين لا يتجاوز عددهم بضعة مئات لم يلعبوا دوراً مهماً في اجتياح الشمال المالي. ويبدو أن انقلابيي مالي بإقدامهم على إطاحة الرئيس المنتخب توماني توري، كانوا يتوقعون أن فعلهم ذلك سيلقى تأييداً في المنطقة، وأن الدول المجاورة ستهب لمساعدة مالي لدحر المتمردين الطوارق. لكن بدلاً من ذلك، طالب قادة المنطقة بإعادة السلطة إلى المدنيين، متعهدين بإرسال ما بين ألفين وثلاثة آلاف جندي لمساعدة الحكومة المالية فقط إذا عاد الحكم المدني. وفي غضون ذلك لا يبدو أن الجيش المالي قادر على إخراج المتمردين الطوارق من الشمال، لاسيما وأن العديد من المتمردين حاربوا إلى جانب القذافي خلال الثورة الليبية وعادوا إلى مالي مدججين بأسلحة ثقيلة، مطلقين تمردهم الأخير في شهر يناير الماضي. وبعد سيطرتها على أزواد، أعلنت قيادة الطوارق أنه لا نية لها للزحف على باقي المناطق المالية. وفي هذا السياق يقول الخبير الاقتصادي، دوميا: "لا تستطيع مالي هزيمة الطوارق، فالقوات المسلحة لا تتوافر على المعدات الكافية، بل حتى لو امتلكوا السلاح فإن معنوياتهم متدنية على نحو كبير". ويحذر المراقبون من أنه في حال أرسلت الدول المجاورة قوات إلى مالي لمحاربة الطوارق فإن ذلك قد يتسبب في مزيد من الفوضى بالمنطقة. ويضيف "كينان" أن ذلك من شأنه "إشعال مواجهة كبيرة في الإقليم، بحيث سيتعامل معها الطوارق وكأنها حرب عرقية ضدهم، وقد نرى قدوم الطوارق من دول أخرى للانضمام إلى الحرب، بل إن قوات من دول غرب أفريقيا قد تتعرض للإهانة إذا ما دخلت في مواجهات مع الطوارق المتمرسين في ساحات القتال والمستعدين للموت". روبين ديكسون وجين لابوس محللان سياسيان أميركيان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©