الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نفط العراق... محور انقسام عربي - كردي

7 ابريل 2012
يفاقم خلاف حول اتفاقات نفطية في العراق انقساماً سياسياً مريراً بين الزعماء الأكراد والعرب، مما دفع بحجج يتم الدفع بها منذ وقت طويل حول الحكم الذاتي والسيطرة على الموارد إلى الواجهة من جديد في هذا البلد الغني بالنفط. وتتعلق المشكلة الأكبر في هذا النزاع بصفقة وُقعت العام الماضي ومنحت بموجبها السلطاتُ في المنطقة الكردية التي تتمتع بحكم ذاتي في شمال العراق شركةَ "إكسون موبيل" ترخيصاً للتنقيب في ست مناطق، غير أن الصفقة أثارت غضب الزعماء في بغداد الذين لم يتفقوا من قبل بشأن الطريقة التي تستطيع بها المنطقة الكردية تطوير مواردها. والواقع أن ثمة قانوناً مقترحاً خاصاً بالمحروقات لتنظيم وتقنين الحفر والمبيعات ولكنه مجمد منذ 2007 بسبب تصارع الكتل السياسية العراقية في ما بينها حول بنوده. غير أنه مع تحسن الأوضاع الأمنية منذ 2009، بات من الممكن على نحو متزايد لشركات النفط الأجنبية أن تعمل هنا. وفي هذا الإطار، أبرمت الحكومة في بغداد اتفاقات مع شركات نفط دولية، مثل إكسون موبيل، تركز على حقول النفط في جنوب البلاد، بعيداً عن المناطق الكردية في الشمال. وبشكل عام، تقوم السلطات الكردية ببيع النفط والغاز المستخرج من أراضيها عبر الحكومة في بغداد مقابل حصة سنوية من ميزانية العراق، غير أن المشاكل المتعلقة بالإجراءات والتدابير عديدة، وهذا الأسبوع فقط أعلنت الحكومة الكردية أنها ستعلق صادراتها لأن الحكومة في بغداد لا تفي بالتزاماتها في ما يتعلق بدفع المال لشركات النفط العاملة في المناطق الكردية. وعلاوة على ذلك، هناك عدد من الشركات الصغيرة، ومن بينها شركة "دي إن أو" النرويجية، التي تتجاهل الإطار القانوني الهش وتوقع اتفاقات مباشرة مع حكومة كردستان المحلية، وهي اتفاقات كان يتم التسامح معها من قبل الزعماء في بغداد حتى الآن، غير أن تسامح بغداد بلغ مداه في أكتوبر الماضي عندما أصبحت إكسون موبيل أولَ شركة عاملة في الجنوب توقع أيضاً اتفاقاً مع السلطات الكردية. ومما زاد من الشعور بالاستياء في بغداد أن ثلاثاً من المناطق الست التي من المقرر أن تقوم إكسون موبيل بتطويرها توجد في مناطق متنازع عليها، حيث تطالب بها كل من الحكومتين في بغداد وأربيل. هذا وقد أغضب اتفاق "إكسون موبيل" على ما يقال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وترك حكومته أمام اختيار صعب: السماح للاتفاق بالمضي قدماً وإضفاء الشرعية على سوق نفط كردية مستقلة، أو طرد إكسون موبيل من حقل "غرب القرنة" النفطي العملاق في الجنوب والمجازفة بخسارة عقد بالغ الأهمية. وفي هذا السياق، يقول "علي الصفار"، الخبير في الشؤون النفطية: "إن إكسون موبيل كانت تعتقد أنهم سيفعلون ذلك، أن الحكومة العراقية ستقرر أنهم أكبر من أن يتم التغلب عليهم، وأن معياراً جديداً سيوضع"، مضيفاً "ولكن بالنظر إلى حساسية الأراضي التي وقعوا عليها، فإن الأمر سيكون صعباً دائماً". ويذكر أن "إكسون موبيل" رفضت التعليق على الوضع. وفي أواخر العام الماضي، كانت الحكومةُ قد أخبرت شركةَ إكسون موبيل أن اتفاقها مع كردستان يخرق بنود عقد الشركة الخاص بتطوير حقل غرب القرنة، حسب نائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني. غير أن الإجراء الرسمي الوحيد الذي اتخذته الحكومة حتى الآن هو حرمان الشركة من المشاركة في مناقصة على حقول غاز الشهر المقبل. ويقول مسؤولون وزاريون في بغداد إن "إكسون موبيل" أخبرتهم الشهر الماضي أن الشركة ستعلق عملياتها في المنطقة الكردية؛ ولكن فؤاد حسين، وهو مسؤول كردي رفيع، شدد على أن الشركة تقوم حالياً بفتح مكتب لها في إربيل وتخطط لعملياتها. والجدير بالذكر هنا أن العلاقات بين أربيل وبغداد كانت متوترة حتى قبل أن يندلع الخلاف حول صفقة إكسون موبيل من جديد. فيوم الخميس الماضي، ألقى الرئيس الكردي مسعود بارزاني خطاباً لاذعاً في واشنطن انتقد فيه المالكي باعتباره سلطوياً. وقال بارزاني: "إن العراق يواجه مشكلة خطيرة"، مشدداً على أن الاتفاقات النفطية المبرمة في منطقة كردستان التي تتمتع بالحكم الذاتي قانونية. ومن جانبه، شعر المالكي بالغضب بسبب رفض السلطات الكردية تسليم طارق الهاشمي، نائب الرئيس الذي فر إلى المنطقة الكردية بعد صدور مذكرة لتوقيفه. والجدير بالذكر هنا أن الهاشمي، المطلوب بتهم تتعلق بالإرهاب ينفيها، سافر إلى السعودية يوم الأربعاء. والواقع أن حقول النفط والغاز في المنطقة الكردية تمثل جزءاً صغيراً فقط من ثروة العراق الكبيرة في مجال المحروقات، غير أن البعض في بغداد يخشى أن توفر هذه الثروة يوماً ما ما يكفي من الأرباح لتشجيع القوى الانفصالية في كردستان. ولكن الشهرستاني يشدد على أنه لن يسمح بحدوث ذلك ويقول: "إذا أدير النفط من قبل مناطق مختلفة وأصبح مصدرَ نزاع وحرب بين العراقيين، فإن البلد لن يدمَّر فحسب، ولكن أياً منها لن يستفيد من كل هذه الموارد". أليس فوردهام ودان مورس - بغداد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©