السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

التربية الأخلاقية.. «حارس بوابة» القيم والتقاليد

التربية الأخلاقية.. «حارس بوابة» القيم والتقاليد
28 يوليو 2016 18:14
طه حسيب (أبوظبي) إطلاق ديوان ولي عهد أبوظبي، وبتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، مبادرة تدعم العملية التعليمية بمادة «التربية الأخلاقية» في المناهج والمقررات الدراسية، بالتعاون والتنسيق مع وزارة التربية والتعليم ومجلس أبوظبي للتعليم وبقية المؤسسات ذات الصلة، يساهم في غرس القيم النبيلة في نفوس الجيل الجديد. وتطوير التعليم لم يعد هماً مشتركاً لكثير من الدول النامية والاقتصاديات الصاعدة في العالم، بل لا يزال هاجساً متواصلاً لصناع القرار في الدول المتقدمة. ومن هذا الإطار، أصدرت الحكومة اليابانية في الأول من أبريل عام 2015 وثيقة توجيهات تتمحور حول نقل القيم الراقية والحميدة التي كانت سائدة في حقبة «إيدو» (1603-1688)، التي تعتبر آخر الفترات في تاريخ اليابان القديم والتي سبقت عهد «ميجي» الذي يعتبر وفق الدراسات التاريخية بداية التاريخ الحديث لليابان. الحكومة اليابانية قررت تدريس هذه القيم ضمن مادة أساسية في المدارس بحلول عام 2018. ولم تأت الدعوة لتدرس هذه المادة من فراغ، بل جاءت من إدراك المعنيين بالتعليم في اليابان لوجود علاقة بين تدني المستوى الأخلاقي لتلاميذ المدارس الابتدائية وارتفاع معدلات الجريمة بين صغار السن أو «الأحداث». وتتضمن المادة الجديدة تفاصيل سلوكية دقيقة مثل طريقة المشي ومستوى الصوت ارتفاعاً وانخفاضاً عن الحديث واختيار الكلمات عند محادثة أشخاص من فئات عمرية أكبر. وإلى الآن لا تزال مادة «إيدو»- نسبة إلى الحقبة التي تميزت بقيمها النبيلة- اختيارية في المدارس اليابانية، لكنها ستصبح، بعد قرار الحكومة اليابانية، إجبارية عام 2018، وفي الوقت الراهن هناك مادة «الطريق إلى الأخلاق» يتم تدريسها لتلاميذ المرحلة الابتدائية من الصف الأول إلى الصف السادس الابتدائي، تتمحور حول طريقة التعامل مع الآخرين.. ويبدو أن اليابانيين يريدون العودة إلى هذه القيم التي تهتم أساساً بطريقة التعامل مع الناس التي تنعكس إيجابياً في حال كانت سليمة وراقية، على أخلاق الفرد وسلوكه داخل المجتمع. اهتمام مبكر وعلى الرغم من أن وزارة التعليم اليابانية أدخلت التربية الأخلاقية كمادة اختيارية ضمن المناهج الدراسية في ستينيات القرن الماضي، فإن حكومة رئيس الوزراء «شينزو آبي» جددت الاهتمام بها عندما أعلنت في عام 2008 إطلاق برنامج «تربية أخلاقية» جديد في المدارس في محاولة للتعامل مع المشكلات الاجتماعية بين شبابها. وعلى الرغم من أن دروس التربية الأخلاقية تحتل حصة واحدة في الأسبوع مدتها ساعة، فإنها تمثل أهمية محورية في التعليم الياباني، فهي مطبقة في كل مراحل التعليم الإلزامي، وتوجه اتجاهات الطلاب، وعاداتهم وسلوكياتهم، بما يتسق مع نظام القيم الياباني. ومن الواضح أن تطوير التعليم وفق المنظور الياباني، لا يتوقف فقط عند المناهج ومحتواها ومدى مواكبتها للتطور التقني في عالمنا، بل يمتد لجوانب أخرى مهمة تتعلق بالأمور التربوية والسلوكية، وفي التجربة اليابانية، هناك اهتمام بترسيخ قيم أخلاقية راقية، يسعى النظام التعليمي لترسيخها لدى أطفال المدارس مثل قيم النظافة والتعاون مع الآخرين. ومن يتمعن في يوميات المدارس اليابانية، يجد أن الأطفال يشاركون يومياً في تنظيف مدارسهم بالتعاون مع مدرسييهم، وذلك لمدة ربع ساعة، وهذا سلوك يرسخ قيمة التواضع والتعاون والانتماء والحرص على النظافة، كما أن مدير المدرسة يقوم بتذوق الطعام قبل تقديمه للتلاميذ بنصف ساعة، حرصاً على سلامتهم. واللافت أيضاً أن المدارس اليابانية تكرس سلوكيات إيجابية لتلاميذها منذ نعومة أظافرهم، على سبيل المثال، يأخذ التلميذ ضمن أدواته المدرسية فرشاة أسنان كي يتعود على استخدامها بعد كل وجبة، وهذا من شأنه تنمية وعي مبكر لدى التلاميذ بالصحة وأهمية الحفاظ على نظافة الأسنان. يرتكز دور التربية الأخلاقية في اليابان على القيام بمهمة «حارس بوابة» القيم والتقاليد المحافظة واستمراريتها، وفي الوقت ذاته منوط بها إعداد الطلاب للتفاعل والتكيف مع العولمة وكل المستجدات على الساحة العالمية. دواعي الاهتمام بالأخلاق ويبدو أن السب وراء الاهتمام بالتربية الأخلاقية يعود إلى زيادة معدلات التنمر بين الطلاب، وارتفاع معدلات العزلة الاجتماعية بين الناشئة، وهو ما دفع الحكومة في طوكيو إلى التحرك، سواء بإطلاق مبادرات أو قرارات تضمن الحفاظ على القيم داخل المدارس. ويشار إلى أن وزارة التعليم اليابانية قد عززت التربية الأخلاقية بين كل من طلاب المدارس وآبائهم في محاولة للتصدي للمشكلات الاجتماعية التي يعاني منها التلاميذ، والسعي لدمج الناشئة الذين أصبحوا منعزلين بسبب ارتفاع شعبية ألعاب الفيديو والإنترنت والرسوم المتحركة. ولدى اليابانيين إدراك للتداعيات السلبية الناجمة عن استخدام الأطفال للهواتف المتحركة، خاصة دورها في جرائم الأحداث والتنمر، بهدف وضع إرشادات لاستخدامها في المدارس. محاور «التربية الأخلاقية» ويتسم مفهوم التربية الأخلاقية في اليابان بالوضوح، إذ يتضمن 28 موضوعاً في ستة فئات تغطي مستوى التعليم الأساسي. ومن بين هذه الموضوعات: أهمية النظام والتعاون وعمق التفكير والمشاركة والسلوكيات واحترام الممتلكات العامة. وتتناول أيضاً ضرورة التحمل والجد في العمل وعلو الطموح، إلى جانب الحرية والعدالة والنزاهة والحقوق والواجبات والثقة. وتركز كذلك على مكان الفرد في المجتمع، لاسيما الأسرة والمدرسة والدولة والعالم.  
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©