فنان بريطاني يعرض شاعرية الطبيعة وسحرها

تشكل الطبيعة العُمانية الساحرة مادة غنية لمعرض “كراسة الرسم العمانية” للفنان البريطاني بول ووردزورث الذي أقيم مؤخرا في دبي، إذ يركز المعرض على الجمال المدهش والمثير في المكان، حيث يزخر المكان العماني بالخيال والشاعرية والألوان النضرة، والمناظر الموحية، المحفزة لتقديم عمل فني رائع. ففي أربعة وثلاثين عملاً متنوع الأحجام، يعرض بول ووردزورث صورا حميمة من جبال عمان وطبيعتها وعمارتها الجميلة، حيث نجد الفنان يستحضر أجواء النخيل والبيوت القديمة والمساجد بمآذنها وقبابها، كما تظهر في القليل من أعمال المعرض صور لأشخاص بلا ملامح، وكذلك يحضر البحر بمراكبه الصغيرة، لتبدو صورة عُمان المدهشة في هذا المعرض الذي احتضنته “مجلس غاليري” طوال الشهر الماضي. الفنان في معرض “كراسة الرسم العمانية” يقدم رؤية خاصة في استخدام اللون بقوة، وهو يمزج ألوانه ببساطة تلائم بساطة المشهد، الذي يلعب فيه اللون دورا أساسيا، خصوصا اللون الأخضر الذي يصور الطبيعة والمشاهد الواسعة التي تلتقطها عين الفنان، كما أن ألوانه تتجاور بالبساطة نفسها، فالأخضر لا يتضارب مع الأزرق والأحمر، بل تتخلق بين الأوان علاقات جدا حميمة، تجعل المشهد طبيعيا، مع قدر من التجريد الذي يحافظ على درجة من التعبير. كما تلتقي في الأعمال المعرضة الطبيعة الصاخبة في الأرض، مع سماء صاخبة أيضا، وتسجل الريشة ذلك باللون والحركة والكتلة أفضل تسجيل. فنرى الأشجار المتمايلة مع العواصف، ضمن منظومة ألوان صاخبة كذلك، وفي ذلك تنويع على الطبيعة بين الهادئ والصاخب، مما يجعل المشاهد يقف أمام مجموعة من الأعمال المتناغمة في ألوانها وتكويناتها، ودفئها وحرارتها. وفي المعرض أيضا تحضر البيئات العُمانية المتعددة، البحر والجبل والصحراء والخضرة، مستغلا ألوان الطبيعة أفضل استغلال، وبهذا تحضر الألوان فيما يشبه عرسا لونيا، وتتغير الطبيعة في لوحات الفنان مع تغير أشكاله، مع مقدار عال من الشاعرية والشفافية، حتى وهو يستخدم اللون بكثافة، فإن شفافية اللون تظل هي الغالبة. وفي هذا كله، ورغم الطابع الانطباعي للأعمال المعروضة، وما تنطوي عليه من ملامح المكان الحقيقي، إلا أن ريشة الفنان وألوانه تظل قادرة على الانزياح بالصورة عن واقعيتها، فهو يحذف ويضيف من لمساته الخاصة التي تجعلنا أمام مكان تحلم به أو متخيل لشدة ما يتميز به أسلوب الفنان من هذا الجمع بين الواقعية والتجريد، بما يخلق الانطباع بمكان جديد، مكان آخر غير المكان الواقعي الذي نعرف.