الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

زايد مدرسة نهل منها الإماراتيون خصال الحكمة والعطاء

زايد مدرسة نهل منها الإماراتيون خصال الحكمة والعطاء
6 مايو 2018 00:48
عمر الأحمد (أبوظبي) أكد معالي الدكتور زكي نسيبة، وزير دولة، أن الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، كان النعمة التي وهبها الله لشعب المنطقة، فكان غيثاً على الأرض اليابسة القاحلة لتعشب وتخرج طيباتها، وسفينة النجاة التي أبحرت بالأمة إلى بر الأمان، والمكافأة على صبر أبناء المنطقة في الأيام العصيبة، واستجابة لدعاء الأتقياء، والأمنيات التي تحققت وغيرت الواقع لتصبح هذه البقعة المصفرّة بطبيعة حالها الصحراوية إلى جنة من جنان الأرض، يتمنى زيارتها سكان أقاصي شرق الأرض وغربها. وفي حواره مع «الاتحاد» بمكتبه بوزارة الخارجية والتعاون الدولي، ذكر معالي زكي نسيبة، أن «زايد» كان مدرسة، نهل منها شعب الإمارات خصال الحكمة والتسامح والرحمة والعطاء والكرم، ونظام حكم حضاري تتلمذ على يديه أبناؤه الكرام، ليستمروا على نهجه على صعد عدة، منها إسعاد الشعب، والمحافظة على الموارد، وبناء الإنسان، وتعزيز العلاقات السياسية المتميزة مع المجتمع الدولي. وأشار معاليه، إلى أن بناء الإنسان عند «زايد»، عنصر رئيس في نظرته الاستراتيجية لشعبه، وكان لديه إيمان عميق بأهمية العمل من أجل مصلحتهم ومساعدة الشعوب الأخرى، خاصة العربية، مضيفاً أنه، طيب الله ثراه، كان مقتنعاً بأن الثروات الطبيعية أمانة في عنقه تسخر للمحتاجين لها، مؤمناً بضرورة تعويض الشعب عن ما عاناه اقتصادياً في الماضي، لافتاً إلى أن «زايد» كان يستشعر لهفة شعبه لسماع أنباء عن وحدة الرأي بين القادة من أجل قيام دولة تحرص على مصالحهم وأمنهم واستقرارهم، وذلك لحرصه على بناء الإنسان، معتبراً إياه الثروة الحقيقة للبلاد. وقال معاليه: «حتى عندما كان، طيب الله ثراه، ممثلاً للحاكم في منطقة العين في ظل فقر الموارد، كان يحرص على فتح، ولو مدرسة واحدة، حاثاً الآباء على إرسال أبنائهم، وبعد قيام الاتحاد أمر بصرف رواتب للأسر التي ترسل أبناءها للمدارس»، مشيراً معاليه إلى سعي وحرص القائد المؤسس على إسعاد الإنسان، والعمل على رفاهيته وأمنه واستقراره. نهج التسامح وتحدث معالي الدكتور زكي نسيبة، عن إيمان الشيخ زايد، طيب الله ثراه، بأهمية «التسامح» ودوره الحيوي، حيث ذكر معاليه أن التسامح بالنسبة لـ زايد ركيزة من ركائز الفكر الإنساني، وأساس نظرة دولة الإمارات تجاه العالم، كان يؤمن إيماناً عميقاً أن البشر أسرة واحدة مخلوقين على وجه الأرض، ليتعاونوا فيما بينهم، ومتساوون في الحقوق والواجبات، ويجب احترام جميع أطيافهم، وأن الخالق وضع الإنسان خليفة على الأرض لكي يعمرها، وأن الخالق وهبه مكانة سامية، ويجب احترامه ومساعدته على عمل الخير ومعاونته في تعزيز أصول التحاور والتعاون، لافتاً إلى أن هذه الثقافة غرسها زايد في شعبه. وأكد معالي زكي نسيبة، أن المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، استطاع تأسيس مدرسة للتسامح، كما استطاع إيصال رسالة التسامح واحترام مختلف المعتقدات والحضارات والثقافات إلى العالم، مضيفاً أن الوالد المؤسس، طيب الله ثراه، كان يؤمن أن على الإنسان العمل على الانفتاح على العالم وعدم الانغلاق في بوتقة ضيقة، جنباً إلى جنب مع الاحتفاظ بالأصالة، واستشهد معاليه بمقولة للوالد الشيخ زايد: «علينا بناء جسور التعاون والتعارف مع شعوب العالم قاطبة، وأن نُدخل «العصرنة» إلى مدننا، لأننا نحتاج إلى ما يقدمه العصر الحديث من خدمات كالطب والتعليم، مع الاحتفاظ بتراثنا وتقاليدنا وأصالتنا». رجل البيئة وتطرق معالي زكي نسيبة إلى اهتمام المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، بالبيئة، حيث أوضح معاليه أن اهتمام الشيخ زايد بالبيئة بدأ منذ صباه في العين، مستشهداً بما ذكره كاتب بريطاني متخصص في الشرق الأوسط، زار مدينة العين في الخمسينيات واجتمع بالشيخ زايد، وكتب عنه أنه يعرف كل نبتة وكل شجرة في هذه المنطقة. وذكر معاليه أنه عندما أتت فرق التنقيب عن النفط، استعانوا بالشيخ زايد للتعرف إلى بعض المناطق التي فيها علامات ظهور النفط، كما ذكر أن المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، عندما سمع عن بعثة الآثار الدنماركية التي زارت البحرين، عمل ومعه الشيخ شخبوط على استدعاء هذه الفرقة، لثقته بوجود معالم حضارة قديمة يعود تاريخها إلى 5 آلاف سنة. وأضاف معاليه: «إن الشيخ زايد كان يشعر بالبيئة، وكان يقتدي بالأجداد في محافظتهم عليها، قبل أن تصبح قضية دولية مشاعة، لذلك خصصت له أوسمة دولية». وأشار معاليه إلى أن المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، كان يهوى الصيد، ولكن بحدود للمحافظة على الطبيعة، وذكر أن الشيخ زايد، طيب الله ثراه، اعتراه الحزن لموت عدد كبير من الغزلان، ما جعله يسن قوانين تراعي تكاثر تلك الحيوانات. وأضاف معاليه قائلاً: «عمل، طيب الله ثراه، على استعادة الحيوانات التي انقرضت مثل المها العربي، وعلى تخصيص مناطق واسعة للطبيعة كحدائق عامة، وحرص على زراعة الأشجار في كل مكان، حتى عندما كان يأتي الخبراء الأجانب ليؤكدوا استحالة الزراعة في جزيرة أبوظبي بسبب تربتها المالحة، لم يستمع لهم، بل أتى بتربة جديدة ووضعها على التربة الموجودة وزرعها». ما يفرحه وما يحزنه وتحدث معاليه عن عاطفية «زايد» ومشاعره، وكيف كان يشعر بعمق بكل ما يعتري من حوله، حيث قال: «الوالد زايد كان يتأثر إذا وجد محتاجاً استعصى عليه أمر، سواء من علاج أو فاقة، أو إذا وجد أسرة أو شعباً بأكمله يحتاج إلى مساعدة، كما كان يشعر بسعادة غامرة في مد يد المساعدة إليه، وبالتالي فإن سعادة الشيخ زايد كانت فعلاً هي بإسعاد الآخرين». وذكر معاليه قصة أحد الدبلوماسيين البريطانيين الذي استغرب سعادة وفرح من حول «زايد» رغم الظروف القاهرة، وذلك أثناء زيارته في مدينة العين في الخمسينيات. وأكد معاليه أن المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، كان يستدين من أصدقائه، ومن التجار، لكي يهب الناس ويعطيهم، وأنه كان يرهن حلي أسرته من أجل مد يد المساعدة. وأوضح معاليه أن القائد زايد كان لديه حب الاستطلاع وشغف لتعلم المزيد، على الرغم من أن تعليمه كان محدوداً في إطار ما كان متوافراً في تلك السنوات. وقال: «زايد كان يحب السيرة النبوية والشعر، كما كان لديه ولع بالتاريخ، فكان ملماً بتاريخ القبائل والمنطقة، وكان حريصاً على تعلم تاريخ الحضارات، كما كان لديه حب التعرف على الآخرين، فكانت كل حياته لقاءات متجددة مع مختلف البشر، سواء من أهل المدن أو البادية أو العرب أو الأجانب، وكذلك لقاءاته الرحالة ورجال الإعلام والدين، كما كان يسافر إلى دول عربية وأجنبية، بالإضافة إلى شغفه بالاستماع إلى الآخرين والإنصات لهم، وإذا اجتمعت كل هذه الصفات في شخص واحد، تجد لديه ذخر تراكمي ضخم من المعلومات والمعرفة بالطبيعة الإنسانية والتاريخ، لتصبح حياته كلها رحلة علم يتعلم ويُعلم من حوله بما كسبه من تراكم معرفي». وذكر معالي زكي نسيبة أن المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، كان يؤثر في من يتحدث إليهم من رؤساء دول من مختلف الثقافات، وذلك من غزير علمه، وأسلوب خطابة أخاذ. السياسة الخارجية وأكد معالي الدكتور نسيبة أن السياسة الخارجية لدولة الإمارات نهج أسسه زايد بأعلى معايير الحكمة، وقدوة مثالية لبقية الدول، وأن سياسته كانت تقوم على العمل بكل الطرق السياسية من أجل تقوية العلاقات وتطويرها لبناء علاقات استراتيجية تقوم على مصالح أمنية واقتصادية واستراتيجية متبادلة، وفي الوقت ذاته الاستعداد للوقوف بحزم عندما تحتم الضرورة، مشيراً إلى أن تلك السياسة ساعدت في نجاح الإمارات بأن تحظى بشبكة واسعة من العلاقات العربية والإقليمية والدولية. وذكر أن دولة الإمارات عندما تأسست كان جميع المراقبين، بمن فيهم البريطانيون، على قناعة أن الاتحاد لن يستطيع البقاء بسبب ولادته في ظروف صعبة وجو سياسي مضطرب، وتضارب على مصادر النفط الاستراتيجية، وعلاقات متوترة بين الدول الإقليمية، إلا أن «زايد» استطاع أن يبحر بهذه الدولة الناشئة إلى مرافئ الأمن والسلام والازدهار بفضل حكمته وعبقريته السياسية، لافتاً أن المؤسس عمل على سياسة خارجية محورية في نجاح الدولة لإقامة العلاقات والشراكات الاستراتيجية مع دول الإقليم والعالم، وأن هذه السياسة قامت على الحنكة وبعد النظر والرؤية الصلبة بالنسبة لمصالح الدولة، والحفاظ على سيادتها وأمنها. ولفت إلى أن المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، كان يعمل دائماً على حل جميع القضايا بالطرق السلمية، وعدم اللجوء إلى القوة والدفاع عن القضايا بالطرق الدبلوماسية، واستدل معاليه بحنكة «زايد» في التعامل مع قضية احتلال الجزر الإماراتية، حيث أكد أن زايد كان دائماً يقول إن الجزر «حق من حقوقنا»، وسنحتكم إلى القانون والمنظمات الدولية والمفاوضات، وفق أسس العدالة والشرعية، لافتاً إلى أنه في الوقت ذاته كان يقف صلباً عندما تكون هناك حاجة للدفاع عن حقوق مهدورة، ضارباً مثلاً بموقفه من غزو الكويت بأن كان أول من هب من أجل حشد تحالف دولي لصد العدوان على الكويت. «رجل الصحراء» حين تحدث معالي زكي نسيبة عن الخصال التي أثرت في تكوين شخصية المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، استشهد بما قاله الرحالة والسياسيون الذي كانوا يبدون إعجابهم بالوالد زايد، حيث يرون فيه «رجل الصحراء» المعروف بالأخلاق السامية التي تدل على الرقي الإنساني، واستشهد معاليه بوصف لـ «أرشي لامب» الدبلوماسي البريطاني السابق، كتبه في تقرير له عندما زار المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، قبل حكمه لأبوظبي، حيث قال: «شاهدت ابن الصحراء الأمير العربي يمشي بين الناس، وكأن نسائم الجنة تتناثر من عباءته «البشت»».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©