الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«جنوب السودان».. في انتظار الدعم الأميركي

20 ابريل 2014 01:05
جيف ميلينجتون دبلوماسي أميركي شارك في مفاوضات السلام بين شمال وجنوب السودان أدى الفساد والجشع السياسي الذي استشرى في جنوب السودان منذ استقلاله إلى إصابة العديد من مؤيديه بحالة من الارتباك والإحباط. كما اختفى الصفاء الأخلاقي الذي اتسم به صراع طويل من أجل الاستقلال، خاصة عقب الانهيار السياسي الذي حدث في سبتمبر واندلاع القتال والعنف الطائفي. ومع ذلك، فإن المسؤولية التي نشعر بها تجاه شعب جنوب السودان لا تزال واضحة. رغم أن هذا الشعب ليس لديه أدنى ذنب في ما يحدث حاليا، فإن الناس يعانون بشدة، حيث لقي ما يقرب من 10 آلاف شخص حتفهم، بينما أجبر مليون آخرون على النزوح من منازلهم. والأمر الأكثر خطورة، ووفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، فإن ما يقرب من 3.7 مليون شخص في جنوب السودان معرضون حالياً لخطر حدوث مجاعة، ولا يمكننا التخلي عنهم. وقد استجابت الولايات المتحدة لهذه الأزمة بسرعة غير عادية، حيث أوضحت واشنطن أنها لن تسمح بتكرار الإبادة الجماعية التي وقعت في رواندا، ومن ثم فقد بذل «دونالد بوث،» المبعوث الأميركي للسودان وجنوب السودان، جهوداً حثيثة لدعم عملية السلام في المنطقة. وبالرغم من التحديات الصعبة، فقد تم إحراز بعض التقدم المشجع، حيث يشكل اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في شهر يناير الماضي، ومحادثات سلام أديس أبابا أساساً لحل دائم. ومع ذلك، فقد أدى تركيز الإدارة الأميركية على المفاوضات إلى تحول تركيزنا من جنوب السودان إلى أديس أبابا. وتم خفض عدد العاملين بالسفارة الأميركية في جوبا بشكل كبير ما أوجد إحساساً بالتخلي عن شعب جنوب السودان. ودون التقليل من دعمنا لعملية السلام وتنفيذ اتفاق إطلاق النار المراقب والقادر على الاستمرار، فإن هناك مجالين يمكن للولايات المتحدة العمل مباشرة من خلالهما لتلبية احتياجات الناس في هذا البلد. لقد أخذت الولايات المتحدة زمام المبادرة لتنظيم الاستجابة الدولية للأزمة من خلال تقديم مساعدات إغاثة طارئة بقيمة 130 مليون دولار منذ شهر ديسمبر الماضي. ورغم ذلك، فقد قوضت الإدارة هذا الدعم من خلال عدم السماح لمتخصصي الإغاثة بهيئة المعونة الأميركية بالذهاب إلى جنوب السودان للعمل مع فريق الطوارئ. كما قامت الإدارة بسحب معظم المسؤولين الأميركيين في شهر يناير، وما زالت تفرض قيوداً على الراغبين بالعودة. هذا الغياب يضعف جهود الإغاثة ويفاقم معاناة هؤلاء الذين تأثروا بالقتال الأخير. ونظرا لضخامة الأزمة الإنسانية التي تتكشف في السودان، فيجب على الإدارة الأميركية مراجعة سياساتها الحالية، مع الاحتفاظ بالقيود المحكمة لحين الحاجة إليها، والسماح لموظفي الإغاثة الأميركيين بالعودة إلى جنوب السودان بشكل دائم، حيث تشتد الحاجة لوجودهم. وقد حددت الإدارة بشكل صحيح السياسات التي ينتهجها بعض المسؤولين بحكومة جنوب السودان لتقييد المشاركة السياسية باعتبار ذلك أحد العوامل المهمة التي أدت إلى اندلاع العنف. ولمعالجة هذا الأمر، تحبذ الإدارة مشاركة بعض ممثلي المجتمع المدني في محادثات أديس أبابا، وتعمل مع شركة «آيكوم» وغيرها لدعم التطوير التنظيمي لمؤسسات المجتمع المدني مثل جماعة «مواطنون من أجل السلام والعدالة». مثل هذه الجهود تجعل الحكومة والمتمردين يشعرون بعدم الارتياح ، لكنها يجب أن تستمر. وعلاوة على ذلك، ينبغي على الولايات المتحدة الانخراط بشكل أكبر وواضح في جهود طويلة الأمد تهدف إلى توسيع العملية السياسية في جنوب السودان. وفي هذه الصدد، يجب علينا الاستفادة من المصداقية التي نحظى بها بين شعب جنوب السودان وصورتنا كدولة صديقة ومؤيدة للديمقراطية. وينبغي أيضاً الاستفادة من هذه النوايا الحسنة من خلال تعيين شخص ذي مكانة رفيعة لتنسيق جهود الحكومة الأميركية لتعزيز الإصلاح السياسي وتوسيع المشاركة الشعبية. شعب جنوب السودان في حاجة لأن يرى مشاركتنا ودعمنا بصورة مباشرة. كما أن هناك أيضاً حاجة إلى تنفيذ سياسة من شقين: الأول هو دعم مراجعة دستورية شاملة مع إعطاء أوامر واضحة بصياغة دستور جديد لفترة ما بعد استقلال جنوب السودان. وإذا تم ذلك بشكل صحيح، فإن الدستور الجديد سيحدد الآليات ووسائل الحماية اللازمة للقيام بعملية سياسية واضحة وشفافة. أما الشق الثاني فيتمثل في العمل بنشاط لتقديم برنامج حقيقي لتعزيز الأحزاب السياسية المحلية وآليات المشاركة. ومن ناحية أخرى، فإن المنظمات الشعبية القوية تعتبر هي السبيل للمشاركة الشعبية والشفافة. ونحن لدينا خبرة كبيرة بداخل الحكومة لبناء المؤسسات المحلية. وثمة شركاء لديهم الاستعداد للمساهمة، وهم من العاملين بالمعهد الديمقراطي الوطني، والمعهد الجمهوري الدولي والمؤسسة الدولية للنظم الانتخابية. وكل هذه المنظمات لديها الخبرة للعمل في الأوضاع الصعبة وغير المستقرة، ونحن ينبغي أن نعزز مشاركتهم في جنوب السودان. ويجب أن يكون الهدف الرئيسي لجهودنا، مساعدة شريحة كبيرة من منظمات المجتمع المدني والقوى السياسية الوليدة ولكننا يجب أن نعمل في الوقت نفسه بشكل وثيق مع قادة «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، التي قادت صراعاً طويلاً من أجل الاستقلال، لكن التحول من حركة ثورية إلى حزب سياسي كان صعباً. لذا يتعين علينا مساعدتهم لاستكمال الرحلة. وتهدف التوصيات التي قدمتها إلى أن تتم الجهود المبذولة لدعم عملية السلام، والأهم من ذلك أنها تضعنا جنبا إلى جنب مع شعب جنوب السودان في كفاحه من أجل الوجود. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©