الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لعب الأطفال البوابة السحرية للتعلم واكتساب المهارات والخبرات

لعب الأطفال البوابة السحرية للتعلم واكتساب المهارات والخبرات
8 ابريل 2013 20:12
لعل لهو الطفل في بدايته الأولى مع الحياة هو الوسيلة الوحيدة والممكنة التي يمكن من خلالها أن يتعلم شيئاً ممكناً. ومع تطور نمو الطفل في جوانبه المختلفة ـ الجسدي والحركي والعقلي واللغوي والوجداني والانفعالي - تتطور مهاراته بالتدرج ذاته، ويستطيع أن يستمتع باللعب واللهو، ويستطيع أن يكتسب من خلالهما في الوقت نفسه كثيراً من المهارات الأخرى والخبرات التي تعينه على التوافق والتكيف مع العالم من حوله، ويستطيع أن يكتشف نفسه ويتعرف على البيئة من حوله، ومن خلال ممارسته هذا النشاط المفضل لديه ـ اللعب ـ يستطيع الوالدان أن يستثمرا اللعب في تعليمه وإكسابه كثيراً من المهارات والخبرات والعادات السلوكية الإيجابية، وتنمية مهاراته وقدرته على التعلم. ومن ثم يصبح اللعب وسيطاً تربوياً مؤثراً يعمل بدرجة كبيرة على تشكيل وبلورة شخصية الطفل. خورشيد حرفوش (أبوظبي) ـ تؤكد الدراسات التربوية أهمية لعب الطفل في اكتسابه المعرفة ومهارات التواصل، إذا ما أحسن استثماره وتنظيمه. ولما كان اللعب ـ كسلوك ونشاط بشري يقترن بالطفولة ـ ، ذهبت كثير من النظريات التربوية إلى محاولة تفسير الأبعاد النفسية «السيكولوجية» للطفل من خلال لعبه، ومنها يمكن استنتاج وفهم ما يفكرون فيه، وما يشعرون به من خلال لعبهم التمثيلي الحر، أو من خلال الدمى والمكعبات والألوان والصلصال أوغيرها. فالألعاب التعليمية متى أحسن تخطيطها وتنظيمها والإشراف عليها، يمكن لها أن تسهم وتؤدي دوراً فعالا في فاعلية وتنظيم عملية التعلم. ومن ثم .. كيف يمكن أن نعلم الطفل من خلال ألعابه؟ وماذا يمكن أن يُكسبه الوالدان أوالمربون من مهارات ؟ توظيف اللعب تشير الأخصائية النفسية سوسن حلاوي إلى أن هناك أنواعاً متعددة للعب الأطفال، وبتنوعها ترتبط بالمرحلة العمرية للطفل نفسه، فهناك الألعاب التلقائية التي تأتي بشكل حر، وقد يعتبرها البعض نوعاً من العبث البريء أو اللهو الذي يستغرق الوقت، وهناك الألعاب التمثيلية، التي يتقمص فيها الطفل دوراً ما لأشخاص أو حيوانات أو طيور ويقوم بتقليدها، أو تقليد أصواتها وحركاتها، كأن يقلد طريقة كلام الأب، أو صوت الطائرة أو القطار، أو يقلد صوت الطيور، ثم هناك الألعاب التركيبية التي تأتي في مرحلة لاحقة، حيث يستمتع بجمع المكعبات والأشياء، ويبعثرها ويعيد تركيبها في أشكال ونماذج جديدة، وقد يستعين فيها بنماذج مرسومة، أو من وحي خياله، وهي ألعاب تفيد كثيراً في تنمية ذكائه وقدراته وملكة التخيل والإحساس بالجمال عنده، وأيضا هناك الألعاب الفنية كالرسم والتلوين، أو القص واللصق، وتشكيل الحروف والكلمات ورسم الأشياء من خياله أو بالنقل، وهي مرحلة قد يستخدم فيها الطفل التعبير الرمزي. ثم تأتي الألعاب الترويحية والرياضية، كألعاب البحث والاختفاء والجري والقفز والتسلق والكرة وغيرها، بعد ذلك تأتي الألعاب الثقافية التي تعتمد على المعارف والمعلومات واكتساب اللغة، وهي تناسب مرحلة الطفولة المتأخرة، ويمكن من خلالها إكساب الطفل مهارة القراءة والمطالعة الحرة، ومن الممكن أن تستثمر إلى حد كبير في جذب الطفل نحو معارف وخبرات ومهارات وسلوكيات وقيم إيجابية عديدة». خصائص اللعب ترى الدكتورة مديحة عزمي، المشرفة العامة على الأنشطة بمدارس النهضة الوطنية للبنات، أن استثمار اللعب في تعلم الطفل لا يمكن أن يؤتي ثماره إلا من خلال فهم الخصائص المميزة للعب الأطفال، باعتبار اللعب عملية نمو، ومن خلاله نرى ما يطرأ على الطفل من نمو وتطور في الجوانب الستة للنمو، وهي الجانب الجسدي والحركي والعقلي واللغوي والوجداني والانفعالي، ومع النمو الطبيعي يصبح الطفل في حالة منافسة ذاتية، حيث تتنافس أنشطة اللعب من الناحيتين»الكمية والكيفية» مع تطور نموه. وتكمل عزمي: «من الناحية الجسمية يعد اللعب نشاطا حركيا ضروريا في حياة الطفل، لأنه ينمي العضلات ويقوي الجسم ويصرف الطاقة الزائدة عنده، ومن الناحية العقلية، يساعده على أن يدرك عالمه الخارجي وكلما تقدم الطفل في العمر استطاع أن ينمي كثيرا من المهارات أثناء ممارسته لألعابٍ وأنشطةٍ معينة . أما من الناحية الاجتماعية، فاللعب يساعده على تعلم النظام، والعمل مع الجماعة، ويؤمن بروح الجماعية، واحترامها ويدرك قيمة العمل الجماعي والمصلحة العامة، ومن الناحية الخلقية يسهم اللعب في تكوين النظام الأخلاقي المعنوي لشخصية الطفل. كما أنه من الناحية التربوية، لا يكتسب اللعب قيمة تربوية إلا إذا استطعنا توجيهه على هذا الأساس، لأنه لا يمكننا أن نترك عملية نمو الأطفال للمصادفة. ومن ثم لا يمكننا أن نهمل العوامل المؤثرة في لعب الأطفال، كالحالة الجسمية، لأن الأطفال الأصحاء بدنيا يلعبون أكثر من الأطفال معتلي الصحة والمستوى العقلي، حيث يتأثر لعب الطفل منذ المهد بمستوي ذكائه، كذلك الجنس «ذكور ـ إناث»، حيث يلعب جنس الطفل دورا كبيرا في نشاط لعبه ، إلا أن الفروق بين الجنسين لا تتضح خلال السنوات الأولى من حياة الأطفال، وأيضاً العوامل البيئة، حيث يتأثر الأطفال في لعبهم بعامل المكان في السنوات الأولى، ويكون للبيئة التي يعيشون فيها تأثير واضح في الطريقة التي يلعبون بها. وأخيراً هناك العامل الاجتماعي والثقافي، لأن الطفل يتأثر بثقافة المجتمع وما يسوده من عادات وقيم وتقاليد». وتوضح ميثاء الهرمودي «معلمة» جوانب مهمة من الأهمية مراعاتها في لعب الأطفال، وحتى يمكن للعب أن يسهم في عملية التعلم واكتساب الخبرات لدى الطفل، وتقول «على الكبار مراعاة كيفية اختيار الألعاب وفق الأهداف التربوية والتعليمية المحددة، وأن تكون في الوقت نفسه ألعاب مثيرة وممتعة يقبل عليها الطفل بحب وشغف، وأن تكون اللعبة سهلة وآمنة وواضحة وغير معقدة، ومناسبة لعمر وخبرات وقدرات وميول الطفل ذاته، وأن تشعره بالحرية والاستقلالية في اللعب. ومن ثم يمكن اختيار الدمى، أو ألعاب أدوات الصيد، السيارات والقطارات، العرائس، وأشكال الحيوانات، والآلات، وأدوات الزينة ، أو الألعاب الحركية، كألعاب الرمي والقذف، والفك والتركيب، وألعاب السباقات والقفز والمصارعة والتوازن والتأرجح والجري، والكرة، وحسب عمر الطفل. كما يمكن اختيار ألعاب الذكاء مثل الفوازير، وحل المشكلات والألغاز، والألعاب التمثيلية، وألعاب الغناء والرقص والتمثيل وتقليد الأغاني والأناشيد، وألعاب التخمين، ثم القصص والألعاب الثقافية في مرحلة لاحقة». دور المعلم أما عن دور المعلم أو المعلمة في رياض الأطفال، أو في مدارس الحلقة الأولى، فتقول مريم سعيد «معلمة» بروضة الزهور في أبوظبي «من أهم أدوار المعلمة اختيار الألعاب المناسبة لكل فئة عمرية، والتخطيط السليم لاستغلال هذه الألعاب، والنشاطات لخدمة الأهداف التربوية التي تتناسب وقدرات واحتياجات الطفل، مع توضيح قواعد اللعبة للأطفال، وترتيب المجموعات وتحديد الأدوار لكل طفل، مع تقديم المساعدة والتدخل في الوقت المناسب، وتقويم مدى فعالية اللعب في تحقيق الأهداف التي حددت. فاللعب له فوائد، ومن خلاله يمكن للطفل أن يؤكد ذاته من خلال التفوق على الآخرين فردياً وفي نطاق الجماعة، ويتعلم التعاون واحترام حقوق الآخرين، ويتعلم احترام القوانين والقواعد ويلتزم بها، ويساعد في نمو الذاكرة والتفكير والإدراك والتخيل، و يكتسب الثقة بالنفس والاعتماد عليها ويسهل اكتشاف قدراته واختبارها. وتكمل مريم سعيد: «اللعب أداة تربوية تساعد في إحداث تفاعل الطفل مع عناصر البيئة من حوله لغرض التعلم ونمو الشخصية والسلوك، فاللعب وسيلة تعليمية تقرب المفاهيم وتساعد في إدراك معاني الأشياء المحسوسة أو المجردة، وهو ما يجب أن تهتم به المعلمة، فالطفل لا يدرك ـ على سبيل المثال ـ معنى «التعاون» أو «النظام» إلا من خلال توضيحها أثناء اللعب الجماعي والتواصل الإيجابي مع الأطفال الآخرين. اللعب أساس تنمية الإدراك وكيفية التركيز يوضح الدكتور بنيامين سبوك ، خبير علم نفس النمو سيكولوجية اللعب عند الأطفال، ويقول:» كلما تعرّف الأطفال على المزيد من أشكال اللعب المختلفة، من ألعاب الاكتشاف مرورًا بألعاب الإدراك، ومن ألعاب البناء والتركيب وألعاب الظلال وتمثيل الأدوار، ومن الكثير من ألعاب الحركة والموسيقى حتى ألعاب الأساطير وألعاب تمثيل المشاهد الحيوية، ازدادت مقدرتهم على اللعب، وبالتالي مقدرتهم على التعلـُّم. فالإكثار من اللعب في مرحلة الطفولة يشكل أساس تنمية الإدراك وكيفية التركيز وحب التعلّم، الذي ينمي الطفل من خلاله إمكانية تشكيل وتخزين وعي مهم بالذات يأخذ شكل صور ذهنية وحوارات ذاتية وتطبيقات عملية. وهذه تشكل بدورها أساسًا لأفكار مجرّدة باعتبارها نقطة الانطلاق لتنمية التفكير والتحفيز على التعلّم. بينما يؤدي الفضول الطفولي وحب الاكتشاف وما يرتبط بهما من سعادة أثناء اللعب إلى تنشيط هرمون السعادة «الدوبامين» في الدماغ، الأمر الذي يضفي على الأشياء والأحداث من حولنا أهمية تتصف بالديمومة. إن الاهتمام الكبير باللعب يمهد لنشوء وصلات بين خلايا عصبية في المخ تحقق مهارات معينة، نذكر منها القدرة على التحمل والتركيز والاستعداد لبذل الجهد والبحث عن حلول. هذه الوصلات التي تنشأ في المخ تكون بدورها في المراحل اللاحقة من الحياة حاسمة بشأن إقدام الطفل على التعامل مع المهام الجديدة ومدى حماسته لفعل ذلك ومدى قدرته على التعلّم من خلال التركيز ومدى نشاطه للاستفادة من نتائج ما تعلمه. فاللعب يساعد الطفل على تشكيل وصلات متعددة المستويات في المخ وبلورة دماغ قادر على التعلـُّم طوال الحياة».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©