الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سعيد العلجيم.. يتحكم في السوق السمك ولا يعرف القراءة والكتابة !

سعيد العلجيم.. يتحكم في السوق السمك ولا يعرف القراءة والكتابة !
27 أكتوبر 2009 23:52
قبل أذان الفجر، يستيقظ سعيد راشد علي العلجيم، فيستعد على عجل يرتدي ثيابه ثم يتوجه قاصداً سوق السمك بميناء أبوظبي، يصلّي صلاة الفجر في جماعة، ثم يخرج ليجد السوق قد اكتظ بالباعة والمشترين يقفون أمام سلال ملأى بالأسماك وشتى أصناف الأحياء البحرية التي توضع على المائدة الإماراتية. بين سلال المأكولات البحرية مختلفة الأنواع يتنقل العلجيم يعاين الأصناف.. يقف أمام إحدى السلال منادياً بأعلى صوته 450، 460، 470، 480، ثم يتوقف ليرسي العطاء على المشتري الذي وافق على السعر، ثم ينتقل إلى السلة الأخرى منادياً بسعر آخر 570، 580، 590، 600 ومن خلفه موظف يكتب آخر سعر وضعه “الدلّال”. يصبح العلجيم في هذه اللحظات سيد السوق وسيد الموقف أيضاً، فهو “الدلّال” الذي يعاين البضاعة، وهو أيضاً من يحدد الأسعار، يقول في ذلك: “من خلال خبرتي الطويلة في السوق أضع الأسعار، وكل ذلك يتوقف على نوع الصنف، والكمية المتوافرة منه في السوق، فكلما كانت الكمية أكبر كلما انخفض السعر، وتكون الأسعار مرتفعة يوم لايكون هناك (لنش)، أي كلما شحت الكمية، ولكن بحسب خبرتي في البحر وأصنافه تبقى أسماك (الهامور والكنعد والروبيان) أفضل وأجود منتجات البحر”. دون استراحة ساعتان من العمل الحثيث والجدل المستمر، والتنقل بين السلال المعروضة في مزاد السمك يقضيها العلجيم يومياً دون توقف أو حتى استراحة أو نيل إجازة قصيرة، لكن ما يخفف عنه هو أن العمل يستمر لفترة قصيرة جداً لا تزيد عن ساعتين في أكثر الأحوال، بعدها يعود إلى أعماله وأشغاله الأخرى، يقول: “منذ 65 عاماً، وحتى الآن وأنا أعمل في سوق السمك، وقد تنقلت في العمل في أكثر من سوق بالمنطقة، حيث عملت في سوق البحرين للسمك، وكذلك في سوق السمك بالكويت، كما عملت في الغوص أيضاً، بعدها عملت في الجيش وتقاعدت منه، وأنا اليوم عمري 72 عاماً، ومازلت أعمل في سوق السمك بالإمارات وسوف أظل أعمل فيه ما دمت قادراً على ذلك، فالعمل لا يستغرق مني الكثير من الوقت، بعدها أعود للاطمئنان على أشغالي الأخرى فاطمئن على (الماكينات) الخاصة بالبحر خاصتي، ثم أعود إلى المنزل فأتابع بعض الأمور هناك”. نوم قليل عمل كثير يواصل العلجيم نهاره بلا كلل أو ملل أو نيل استراحة قصيرة أو قيلولة قصيرة من النوم، بل يعمل على مدار الساعة، مؤدياً أعماله، ثم يأوي إلى فراشه ليلاً، ليستيقظ قبل صلاة الفجر ويتوجه مرة أخرى إلى سوق السمك لبدء يوم عمل جديد. يقول: “لا أنام خلال النهار ولا حتى لمدة قصيرة، وأواظب على صلاتي خاصة الصلاة الوسطى، أما بالنسبة للنوم فلا أنام سوى ساعتين أو أكثر قليلاً، وهذا ما يزعج أبنائي الذين يريدون مني التوقف عن العمل، لكنني لا أُطيق الجلوس في البيت دون أن أعمل شيئاً”. عن أولاده يتحدث العلجيم مفتخراً، ويقول: “لديّ 7 أولاد و3 بنات، ولقد علمتهم جميعاً، والأولاد كلهم يعملون في وظائف مهمة، أحدهم يعمل في الجيش وآخر في الشرطة وآخر في الجوازات، وهناك من لا يزال على مقاعد الدراسة، لكن جميعهم والحمد لله متعلمون، وأنا سعيد بذلك لاسيما أنني لم أتعلم، وكنت أتمنى لو أنني أستطيع القراءة والكتابة، لكن أحمد الله أنني تمكنت من تعليم أبنائي ومنحتهم ما حرمت منه”. بين الماضي والمستقبل يحنّ العلجيم في حديثه إلى الأيام السالفة كثيراً، يقول في هذا: “عندما كان الواحد منا يتغيّب عن إحدى الصلوات في المسجد كان الجميع يتساءل عن سبب غيابه عسى أن يكون المانع خيراً، أما اليوم فالواحد منا يمرض ويدخل المستشفى ولا أحد يسأل عنه! زمان أول كان هنالك تراحم وتكافل بين الناس، واليوم الناس لا تعرف بعضها البعض.. زمان أول كانت الحياة أحلى والناس أفضل”. العمل في سوق السمك في مهنة “دلّال” يسعد العلجيم ويجعله في قمة الرضا، فهو يشعره بأنه مازال فاعلاً في مجتمعه وله دور مهم فيه، حين يجلس وحده يتفكّر في الأيام الجميلة الماضية، غير آبه بالمستقبل لا القريب ولا البعيد، فالمستقبل بيد الله وحده، يقول مبتسماً: “لا أفكر بالمستقبل أبداً، ولا أفكر بشيء أبداً، ولو كنت فكرت به لكنت (رحت)”- يقصد بذلك أنه لو فكّر بالمستقبل لما كانت صحته جيدة مثلما هي اليوم ولما عاش حتى هذه اللحظات.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©