السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوكرانيا··· وأصداء الحرب الجورجية

أوكرانيا··· وأصداء الحرب الجورجية
18 أغسطس 2008 01:12
على امتداد 17 عاماً الآن، واصلت الجمهوريات السوفيتية السابقة وعدد من بلدان المعسكر الاشتراكي بناء ديمقراطيتها نتيجة لزوال الهيمنة الروسية السابقة عليها إثر انهيار الاتحاد السوفييتي في مطلع عقد التسعينيات· إلا أن ما حدث في جورجيا الأسبوع الماضي، دفع هذه الجمهوريات والدول إلى إعادة النظر في اطمئنانها لزوال الهيمنة الروسية عليها· وبالنتيجة أعلنت بولندا عن توصلها يوم الخميس الماضي إلى صفقة عسكرية مشتركة مع الولايات المتحدة، يتم بموجبها نصب نظم دفاعية أميركية لاعتراض الصواريخ في أراضيها، بعد أشهر طويلة من المحادثات المشتركة بين وارسو وواشنطن· ورداً على هذا الإعلان صرح جنرال روسي قائلاً إن خطوة بولندا هذه ربما تجعل منها هدفاً لرد عسكري نووي روسي، ما أثار قلق المنطقة بأسرها· وربما ساد هذا القلق هنا في أوكرانيا أكثر من غيرها من دول حلف ''وارسو'' السابقة· فمنذ ثورتها ''البرتقالية'' التي صعدت مظاهراتها الشعبية الواسعة بالرئيس فيكتور يوشينكو الموالي للغرب إلى سدة الحكم في عام ،2004 ظلت أوكرانيا ''شوكة حوت'' في حلق موسكو يصعب عليها ابتلاعها، على الرغم من أن يوشينكو يعد أكثر هدوءاً وأقل استفزازاً لموسكو من جاره الرئيس الجورجي سكاشفيلي· ويسود اعتقاد واسع بين مواطني أوكرانيا بأن بلادهم سوف تكــــون الهــــدف التالي لموسكو· ذلــــك ما أكدتـــه تانيا مايدروك- وهي موظفة تعمـــل مساعدة بأحد المكاتب في العاصمة كييف- بقولها ''الآن الدور علينا''· فســـواء طالت المدة أم قصـــرت، فإن من المؤكد أن يصدر عن الرئيس يوشينكو ما يثير غضب موسكو··· وعندها سوف يحدث لنا ما حدث لجورجيا· والحقيقة أن كييف لم تفعل شيئاً يذكر لكسب ود موسكو منذ اشتعال الأزمة القوقازية الأخيرة· بل صرحت يوم الأربعاء الماضي عن اعتزامها فرض قيود على دخول سفن أسطول البحر الأسود الروسي إلى مياه ميناء سيفاستبول الواقع في شبه جزيرة كريميان· وفي يوم الجمعة الماضي، أصدرت وزارة الخارجية الأوكرانية بياناً عبرت فيه عن استعداد أوكرانيا للسماح للدول الغربية باستخدام نظام إنذارها الصاروخي المبكر· ومن رأي بيتر سيمنباي- المبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي لمنطقة جنوب القوقاز- أن ما حدث خلال الأسبوع الماضي، لم يكن صدمة كبيرة لجورجيا وحدها، وإنما للآخرين أيضاً· وبالنتيجة فإن من الطبيعي أن يرغب الكثيرون في المنطقة، في الإسراع بتوطيد علاقاتهم مع شركائهم الغربيين· فقد تصاعدت التوترات بين موسكو وكييف على مدى عدة سنوات· والسبب أن يوشينكو- شأنه شأن جاره الجورجي سكاشفيلي- يسعى هو الآخر إلى توطيد علاقاته مع الغرب، بما فيها انضمام بلاده إلى عضوية حلف ''الناتو''، التي قالت موسكو إنها تهدد أمنها القومي· وفي وقت مبكر من عام 2006 بادرت موسكو إلى قطع إمدادات الغاز الطبيعي عن أوكرانيا، في مناورة سياسية قوية منها قصدت بها إضعاف حكومة يوشينكو· لكن وعلى رغم تصاعد المخاوف من هجوم روسي محتمل على أوكرانيا، تظل هذه الأخيرة على صلة قوية بروسيا، سواء من حيث التاريخ والجغرافيا، أم من حيث الثقافة واللغة· ذلك أن الأقلية الروسية الأوكرانية التي تتمركز بشكل رئيسي في شرق البلاد وجنوبها، تمثل نسبة 17 في المائة من إجمالي السكان البالغ عددهم 46 مليون نسمة· وقد تمكن الكثير من الأوكرانيين المتحدثين للغة الروسية من مشاهدة الغزو الروسي الأخير لجورجيا عبر قنوات التلفزيون التي تفرض الحكومة الأوكرانية رقابة إعلامية عليها· ومما زاد الوضع السياسي الأوكراني تعقيداً في الآونة الأخيرة، تزايد الحس الوطني بين قطاعات أكبر من المجتمع، تربطها علاقات تجارية ثقافية قوية مع الغرب· لكن لدى سؤالنا للمواطنة الأوكرانية لينا ستيبنيفيسكا- وهي موظفة في إحدى شركات البناء والإنشاءات- عما إذا كانت ترى أن يكون مستقبل بلادها في ارتباطها بروسيا أم بالغرب، أجابت بتفضيلها لروسيا، قائلة إن روسيا وأوكرانيا ظلتا دولتين شقيقتين على امتداد التاريخ، وإن من الأفضل لهما أن تبقيا على هذا الارتباط وتؤازرا بعضهما البعض· وعلى رغم تأييده لانضمام أوكرانيا إلى عضوية حلف ''الناتو'' والاتحاد الأوروبي، فإن من رأي أناتولي جريتسينكو- وزير الدفاع السابق ورئيس لجنة الأمن الوطني في البرلمان الأوكراني حالياً- أنه ليس من السهل تجاهل العلاقة مع روسيا، طالما أن تأثيرها على أوكرانيا ليس متوقعاً له أن يزول قريباً ولا بعد قرن كامل من الآن· والأرجح أن يستيقظ الأوكرانيون يومياً على هذا الحضور الروسي في حياتهم، على حد رأيه· إلى ذلك تبدي دول منطقة البلطيق قلقاً متعاظماً إزاء ما تعنيه الهيمنة الروسية لمستقبل بلادهم، على رغم نيل هذه الدول لعضوية حلف ''الناتو'' منذ عقد تسعينيات القرن الماضي، ما يعني تمتعهم بقدر أكبر من الحماية قياساً إلى جورجيا وأوكرانيا· وعلى حد تصريح الرئيس الإستوني توماس هندريك إلفيز: ''فإن هناك قلقاً عاماً في شوارع بلادنا· وبالنظر إلى تاريخنا فنحن ندرك أسباب هذا القلق ودوافعه''· وفي حين استبعد الرئيس ''إلفيز'' احتمال تعرض إستونيا إلى غزو روسي، إلا أنه أكد خطورة عواقب السلوك الروسي في جورجيا مؤخراً، فيما يتصل بالحفاظ على الأمن والسلم العالميين· وفي هذا الصدد قال ''إليفيز'' معلقاً على الغزو الروسي الأخير لجورجيا ''فقد ساد الاعتقاد الناشئ من الترتيبات والتسويات السياسية التي شهدها عام 1991 في المنطقة، أن روسيا القديمة التي تفرض هيمنتها على جاراتها لم يعد لها وجود الآن''· وهذا هو الافتراض العام الذي بني عليه مجمل النظام الأمني الأوروبي عقب تلك الترتيبات والتسويات· يذكر أن إستونيا تصدرت دول المنطقة في تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة إلى جورجيا· بل بعثت إلى هناك باختصاصيين في أمن الشبكة الإلكترونية، وأبدت موافقتها على استضافة المواقع الجورجية التي تعرضت للهجوم من قبل موسكو· نيكولاس كوليش وسارة روهدين -أوكرانيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©