الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

باكستان ومشكلات ما بعد مشرف!

باكستان ومشكلات ما بعد مشرف!
18 أغسطس 2008 01:14
خلال فترة العامين الماضيين تقريباً، ظلت السلطة تتسرب تدريجياً من بين يدي الجنرال برويز مشرف، خاصة بعد أن مُني حزبه بهزيمة مباغتة في انتخابات شهر فبراير الماضي، مما أدى إلى تسريع عزلته· ولو كان مشرف قد تخلى عن منصبه طوعاً، عندما انقضت مدته الدستورية في نوفمبر ،2007 لكان قد حظي ببعض الاحترام· لكنه لم يفعل ذلك، بل فرض حالة الطوارئ على البلاد، وأقال كبير قضاة المحكمة العليا الذي تحدى سلطته· وفي الوقت الراهن يتعرض مشرف لضغوط شديدة كي يتنحى، بل يتعرض لتهديدات بالمحاكمة والعزل، ويلقى التجاهل من قبل رجاله الذين راكموا الأموال، واستولوا على الأراضي خلال فترة حكمه، والذين بدؤوا يحولون ولاءهم الآن إلى الحكام الجدد· ويذكر أن انتخابــات فبراير، قد وضعت حزب ''الشعب'' الباكستاني الذي يرأسه عاصف علي زرداري، زوج رئيسة وزراء باكستان الراحلة بينظير بوتو، على رأس تحالف حكومي هش، مع حزب ''الرابطة الإسلامية'' (جناح نواز شريف)، وهو ما يعني أن باكستان قد انتقلت من ديكتاتورية مشرف المهترئة، إلى ديمقراطية ائتلافية لا تقل اهتراءً· فما حدث عقب تلك الانتخابات بستة أشهر فقط، هو أن المُثل الانتخابية التي اعتنقها الشباب الطموح، وفقراء الأمة، وهي: القيم الأخلاقية في الممارسة السياسية، وحكم القانون، والفضيلة المدنية، والدعم الغذائي، وحرية التعبير، والمساواة في الفرص··· قد سقطت مرة أخرى عند أقدامهم، محطمة ومبعثرة· هناك أسباب لذلك، منها مثلاً أن زرداري ورجاله لا يحظون بأي قدر من الشعبية، وأن مشرف أقلّ شعبية منهم· فهؤلاء الرجال لم يتحركوا ضد مشرف إلا بعد أن أعلن الجنرال ''إشفاق كياني''، والذي كان مقرباً من الرئيس، أن الجيش لن يقدم على أي عمل عسكري لحماية قائده السابق· وقد اتخذت واشنطن موقفاً مماثلاً، بعد أن وجدت في كياني قائـــداً عسكريـــاً محترفـــاً، يديــــن لهــا بالــــولاء، ولديه الاستعــــداد لتنفيــــذ أوامرهـــــا· في بدايات هذا العام، كان الموقــف الذي يتبنــاه نائـــب وزيرة الخارجية الأميركية ''نجروبونتي''، هو ضرورة الاحتفاظ بمشرف في منصب الرئاسة إلى أن تنتهي ولاية بوش الحالية· وفي شهر يونيو حاولت ''آن باترسون''، السفيرة الأميركية لــدى باكستــــان، وعــــدد قليـــل مــــن الدبلوماسيين البريطانيين، التفاوض على صفقة بالنيابة عن مشرف، لكن تبين لهم أن الساسة الباكستانيين ليسوا على استعداد للمشاركة في التفاوض، مما جعل واشنطن تصل إلى قناعة مؤداها أن وقت رحيل مشرف قد حان· وسيؤدي رحيل مشرف عن الحكم إلى تسليط الضوء على المشكلات التي تواجه باكستان، ومن أهمها مشكلة الغذاء والطاقة· فالتضخم في باكستان خرج الآن عن نطاق السيطرة، ووصل إلى حدود 15% في مايو الماضي، بينما ارتفع سعر غاز الطهي بنسبة 30%· أما القمح الذي يمثل مادة غذائية رئيسية في باكستان فقد ارتفع بنسبة 20% منذ نوفمبر ·2007 وحسب مسح تم إجراؤه في يونيو الماضي فإن 86% من الباكستانيين يعانون حالياً من صعوبات متزايدة في توفير الدقيق يومياً، وهو أمر يلقون فيه باللوم على حكومتهم الجديدة· وهناك مشكلات أخرى لا تزال مستمرة في باكستان، منها أن الساسة الموجودين في الحكم حالياً منقسمون بشأن إعادة القضاة الذين أقالهم مشرف إلى وظائفهم مرة أخرى· فزرداري مثلاً لا يريد أن يرى كبير القضاة ''افتخار شودري'' الذي يتمتع بشعبية طاغية وينظر إليه على أنه الرجل الأكثر احتراماً في باكستان، وقد عاد إلى منصبه كرئيس للمحكمة العليا، خوفاً من عواقب ذلك عليه هو شخصياً، لاسيما على ضوء ما يتردد من اتهامات له بالفساد وتلقي رشى مقابل صفقات حكومية أثناء وجود زوجته الراحلة في الحكم· وهناك تسوية مقترحة لهذا النزاع حول عودة شودري، وهي تعيين الرجل في منصب الرئاسة الذي يحاول الائتلاف الحاكم أن يعيده إلى دوره البروتوكولي السابق· ليست هذه فقط هي المشكلات التي تواجه باكستان· فهناك أيضاً مشكلة هذا البلد الدائمة، وهي الجيش· فعندما قام يوسف رضا جيلاني، رئيس وزراء باكستان الضعيف وغير المتسق في سياساته، بزيارة للولايات المتحدة، تعرض أثناء اجتماع ضمه مع أعضاء مجلس العلاقات الخارجية إلى سؤال حول ما إذا كان هناك داخل الجيش الباكستاني ''قبول واسع النطاق لفكرة اضطلاع الجيش بدور أكثر محدودية''؟· كان رد جيلاني: ''إن الشعب في باكستان قد صوت ضد الديكتاتورية ولصالح الديمقراطية، وهذا يعني أن رئيس أركان الجيش الباكستاني في المستقبل، سيكون رجلاً على قدر كبير من الحرفية، وسيدعم الديمقراطية بشكل كامل''· ما قاله ''جيلاني'' لا يقنع أحداً بالطبع· فعلى مدى خمسين عاماً الماضية، كان اعتماد الولايات المتحدة على الجيش الباكستاني في المقام الأول، وكان هذا الجيش هو أداتها المفضلة، لا السياسيين· هذا الوضع لم يتغير الآن، بدليل أن السؤال الذي يتردد على ألسنة الجميع حالياً هو: متى يعود الجيش مجدداً إلى دفة الحكم؟ طارق علي مؤرخ بريطاني من أصل باكستاني، من مؤلفاته: المبارزة: باكستان على مسار طيران القوة الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©