الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«المركزي المصري» يدشن الحزمة الثالثة من الإصلاح المصرفي

«المركزي المصري» يدشن الحزمة الثالثة من الإصلاح المصرفي
8 ابريل 2012
محمود عبدالعظيم (القاهرة) - انتهى البنك المركزي المصري من دراسة مشروع متكامل يمثل الحزمة الثالثة من الإصلاح المصرفي وهو المشروع الذي يعيد رسم خريطة سوق الخدمات المالية في مصر على نحو أكثر تطورا. ويتضمن المشروع السماح بإنشاء شركات مالية جديدة تقدم العديد من الخدمات للسوق وهي خدمات تدخل في صميم عمل البنوك في الوقت الراهن وبما يؤدي إلى توسيع نطاق السوق وابتكار منتجات جديدة وجذب شرائح غير تقليدية من العملاء للقطاع المالي. ويسعى المركزي إلى تعزيز خطط المجتمع اللانقدي الذي يعتمد في تعاملاته على الخدمات المصرفية بدلا من التعاملات “الكاش” وتخفيف الأعباء على البنوك لاسيما في مجال خدمات الأفراد. ومن المنتظر اجراء سلسلة من التعديلات التشريعية للسماح بتطبيق هذا البرنامج وتشمل التعديلات قانون البنك المركزي وقانون سوق المال، الى جانب إصدار قانون جديد ينظم تمويل المشروعات الصغيرة حتى يتسنى بدء ظهور الكيانات المالية الجديدة المستهدفة خلال العام الجاري. ويأتي هذا البرنامج الإصلاحي استجابة لمطالب متزايدة من خبراء السوق بضرورة خلق كيانات مالية مساندة للبنوك وحتى لاتنفرد المصارف بهذا المجال، خاصة في ظل وجود عدد كبير من العملاء عجزت البنوك عن الوصول اليهم في المناطق الجغرافية المترامية الأطراف في الصعيد وريف الدلتا وتداول كميات كبيرة من الأموال خارج نطاق الجهاز المصرفي. وحسب معلومات حصلت عليها “الاتحاد” فإن الكيانات الجديدة سوف يتركز عملها على مجال التمويل المباشر للأفراد وتمويل المشروعات الصغيرة. بطاقات الائتمان ومن المنتظر أن تظهر شركات مالية متخصصة في إصدار بطاقات “الفيزا” و”الماستر” بدلا من قصر إصدار هذه البطاقات على البنوك مثلما هو متبع حاليا وفتح المجال أمام التوسع في إصدار أنواع جديدة من البطاقات التي يجري تداولها في السوق المحلية وفي خارج البلاد. أما الجزء الثاني من البرنامج فيتضمن السماح لشركات الخدمات المالية الأخرى القائمة بالسوق منذ سنوات وفي مقدمتها شركات التأجير التمويلي وشركات التمويل العقاري بتلقي الودائع من العملاء مما يمثل سابقة تاريخية في السوق المصرية حيث كانت عمليات تلقي الودائع من المواطنين تقتصر على وحدات الجهاز المصرفي. وسوف تكون عملية تلقي الودائع بالنسبة لهذه الشركات خاضعة لمجموعة من الضوابط، حيث إن المودع سوف يكون على علم وموافقة بتوظيف هذه الودائع في قطاعات محددة مثل مجال التمويل العقاري، وسوف تكون الودائع طويلة الأجل. وكذلك سوف يتم السماح لصناديق الاستثمار المتخصصة بتوظيف جانب من أموالها لدى هذه الشركات التي تعمل في التمويل المباشر لأنشطة قطاعية محددة. ومن المنتظر أن يتم إخضاع هذه الشركات حال السماح بتلقيها لودائع المواطنين، لرقابة مباشرة من البنك المركزي ضمانا لعدم تكرار تجربة توظيف الأموال التي شهدتها مصر منتصف ثمانينات القرن الماضي وأسفرت عن نتائج سلبية تضرر منها القطاع المالي وملايين المواطنين. التمويل العقاري يأتي هذا البرنامج الإصلاحي بهدف تخفيف الضغوط التي تواجهها شركات التمويل العقاري وشركات التأجير التمويلي وشركات التوريق مثل “كونتكت” وغيرها والتي تقوم بوظيفة تحويل المديونيات الى سندات لضمان تسييلها، حيث إن السماح لمثل هذه الكيانات بتلقي الودائع يساعدها على استمرار وتوسيع نشاطها مستقبلا لاسيما وأن هذه الشركات تواجه ضغوط حاليا بعد استنفاذ رأسمالها وقدرتها على الاقتراض من البنوك تمثل تلك الخطوة حلا لأزمتها ومساعدتها على الحصول على سيولة جديدة تمكنها من الاستمرار في أداء مهامها. وحسب خبراء مصرفيين، فإن هذه الخطوة من شأنها منح السوق أدوات جديدة سوف تسهم في توسيع نطاق السوق وتعميقها عبر ظهور منتجات متنوعة وتعزيز فرص المنافسة بين هذه الكيانات على تقديم خدمات مميزة وكسر احتكار البنوك لمجال الخدمات المالية حيث إن ظهور شركات جديدة في هذا المجال يعني مزيدا من الانفتاح على السوق العالمية وكذلك على الأسواق العربية - لاسيما الخليجية - التي بدأت تظهر فيها مثل هذه الشركات المتخصصة في تقديم نوع أو أكثر من الخدمات المالية. واعتبر هؤلاء الخبراء أن هذه الكيانات المالية الجديدة سوف تقدم حلا لصانع السياسة النقدية بتوفير سيولة هائمة خارج الجهاز المصرفي وفي شرايين الاقتصاد غير المنظم وإتاحة خيارات واسعة أمام البنك المركزي للتعامل مع الوضع الاقتصادي الراهن والذي يعاني من نقص السيولة. ويؤكد الخبير المصرفي حازم مدني رئيس قطاع العمليات في بنك الإسكندرية سابقا: أن هناك العديد من التجارب العالمية في هذا المجال أي أننا لن نخترع شيئا سبقتنا دول كثيرة اليه ففي أوروبا وأميركا لم تعد البنوك هي المسؤولة عن تقديم الخدمات المالية للأفراد بل أصبح ذلك مهمة الشركات بالدرجة الأساسية. وأضاف أن الشركات هي الأقدر على الوصول الى العملاء في المناطق البعيدة وكذلك فان الشركات تقدم مثل هذه الخدمات بتكلفة أقل أي أنها تنافسية وهناك بعض الخدمات المالية اذا قدمتها البنوك تكون مرتفعة التكلفة ومنها خدمات اصدار البطاقات وكذلك تمويل مشتريات السيارات والعقارات والمستلزمات الشخصية للأفراد. وقال إن هذه الخدمات يجب أن تتخلص منها البنوك وتستطيع البنوك أن تقرض الشركات المتخصصة في هذه المجالات عبر إتاحة خطوط ائتمان لها والتي تقوم هي بدروها بإعادة توظيفها في مجالات عملها. وزاد: قطاعات التجزئة في البنوك، على سبيل المثال، تواجه حاليا مشكلات فيما يتعلق بمتابعة عملاء البطاقات نظرا للعدد الضخم لهؤلاء العملاء أما إذا تم اسناد هذه المهمة الى شركات متخصصة فإن هذه الشركات سوف تكون مسؤولة عن إصدار البطاقة وإتاحة التمويل ومتابعة العميل وتحصيل المدفوعات ومن ثم تتخفف البنوك من أعبائها من ناحية وتستطيع الشركات الوصول الى عدد أكبر من العملاء من ناحية ثانية وبالتالي يتم توسيع السوق لتستفيد كل الأطراف. تعزيز المنافسة وقال مدني إن القطاع المالي في كل بلاد العالم لا تكون فيه البنوك اللاعب الوحيد بل يوجد الى جوارها لاعبين آخرين مثل شركات التوريق وشركات التمويل وغيرها، وبالتالي تكون البنوك في هذه البلدان هي قمة القطاع وليست هي القطاع نفسه مثلما هو الحال في مصر وبالتالي لابد من اعادة النظر في هذا الوضع الذي لم يعد قائما في أي من أسواق العالم . وأكد خالد الجبالي العضو المنتدب السابق لبنك باركليز مصر أهمية توسيع نطاق السوق لتلبية الاحتياجات المتزايدة من الخدمات المالية في المرحلة القادمة والظروف الحالية التي يمر بها الاقتصاد تحتم على كل الأطراف التفكير في آليات غير تقليدية آي بمنطق التفكير خارج الصندوق فهناك أزمة سيولة تزداد كل يوم وهناك اقتصاد غير رسمي شهد نموا كبيرا خاصة في العام الماضي وكل ذلك لن نستطيع التصدي له إلا عبر السماح بظهور كيانات مالية بجوار البنوك تسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للعملاء وتوسيع نطاق السوق بإدخال عملاء جدد واجتذاب أنشطة اقتصادية تندرج تحت الاقتصاد غير المنظم الى الاقتصاد الرسمي الأمر الذي يسهم في رفع معدلات النمو من ناحية ويسمح للمجتمع باستخدام فائض أمواله على نحو أكثر كفاءة. ويضيف الجبالي أن مخاوف الحكومة من السماح بظهور هذه الشركات ربما يكون عائدا للتجربة السلبية لشركات توظيف الأموال ولكن هذا مردود عليه بأن هذه الشركات يمكن أن تخضع لرقابة محكمة من البنك المركزي طالما تم السماح لها بتلقي ودائع المواطنين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©