الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المتعاقدون ··· الجيش الموازي في العراق

المتعاقدون ··· الجيش الموازي في العراق
18 أغسطس 2008 21:02
ترقى تقاليد استعانة الجيش الأميركي بالمتعاقدين الخواص إلى زمن ''الحرب الثورية'' (حرب الاستقلال) حيث كان تجار متجوِّلون يرافقون الجيش لبيع الورق وشرائح اللحم المقدَّد والسكر وغيرها من السلع للجنود· بيد أن حجم الاستعانة بالمتعاقدين الخواص الذي حدث في العراق غير مسبوق في تاريخ الولايات المتحدة، وذلك حسب تقرير جديد صدر عن الكونجرس، ويعد أكثر تقييمٍ رسمي لهذه الممارسة شمولية حتى الآن· فحسب تقرير ''مكتب ميزانية الكونجرس''، فقد بلغ عدد الموظفين الخواص الذين يعملون في مشاريع من تمويل الحكومة الأميركية في العراق، ابتداء من مطلع ،2008 على الأقل ،190000 وهو ما يعني أنه مقابل كل فرد من القوات الأميركية الموجودة في المنطقة هناك أيضاً موظف متعاقد معه -أي بمعدل 1 مقابل ·1 وفي هذا السياق قال مدير ''مكتب ميزانية الكونجرس'' بيتر أورزاج خلال مؤتمر صحافي عقد في 2 أغسطس الجاري: ''إن درجة اعتماد الجيش الأميركي حالياً على مثل هـــؤلاء المتعاقدين استثنائية''· وعلى سبيل المقارنة، فقد بلغ المعدل خلال الحرب الكورية 2,5 من أفراد الجيش مقابل كل 1 متعاقد خاص؛ بينما كان المعدل في فيتنام 5 مقابل ·1 غير أن حرب البلقان التي اندلعت خلال عقد التسعينيات قدمت لمحة عن اتجاه مستقبل هذه الظاهرة، حيث بلغ المعدل حينها عسكرياً واحداً مقابل كل عامل مدني واحد· إلا أنه ينبغي الإشارة في الوقت نفسه إلى أن إجمالي عدد الجنود الذين تم نشرهم في البلقان كان ''أصغر بكثير مما نراه في العراق''، كما يقول أورزاج المذكور· وحسب تقرير ''مكتب ميزانية الكونجرس''، فإن عدداً من العوامل تقف وراء الاعتماد المتزايد للبنتاجون على المتعاقدين؛ ذلك أن عمليات خفض حجم الجيش الأميركي في مرحلة ما بعد الحرب الباردة تعني قيام الشركات الخاصة اليوم بشكل متزايد بتقديم الدعم اللوجستي للقوات المسلحة، ومن ذلك الإمدادات الغذائية وخدمات التنظيف والصيانة وغيرها في القواعد العسكرية· وبصفة عامة، فقد أوكلت الوكالات الحكومية الأميركية في العقود الأخيرة عدداً متزايداً من المهام للشركات الخاصة؛ غير أن صفوف المتعاقدين في العراق، بصفة خاصة، تعززت بعد قرار الإدارة الأميركية محاولة إعادة بناء البلد في وقت لم تنتهِ فيه الأعمال الحربية بعد· هذا ويقدر ''مكتب ميزانية الكونجرس'' التكلفة الإجمالية للعمليات التي قام بها هؤلاء المتعاقدون العسكريون من 2003 إلى 2008 بـ100 مليار دولار، وهو ما يشكل نحو 20 في المئة من إجمالي التمويل الأميركي للعمليات في العراق· وقد ذهب الجزء الأكبر من هذه الأموال إلى الدعم اللوجستي -مثل عمليات تقديم الغذاء، وتوزيع الوقود، وصيانة التجهيزات، وإدارة المشتريات؛ بينما ذهبت 12 مليار دولار تقريباً من الإجمالي (100 مليار دولار) لتكاليف الاستعانة بخدمات المتعاقدين الأمنيين الخواص- مثل الحراس المدججين بالأسلحة التابعين لشركة ''بلاك ووتر'' وغيرها من الشركات التي توفر موظفين شبه عسكريين· إلى ذلك، عقد ''مكتب ميزانية الكونجرس'' مقارنة بين تكلفة الاستعانة بموظفين أمنيين خواص، وتكلفة توفير درجة مماثلة من الأمن من قبل الوحدات العسكرية الأميركية· ومن بين العوامل التي أخذها المحللون بعين الاعتبار حقيقة أن على البنتاجون أن تدفع أجور كتائب متعددة وتجهزها من أجل إرسال واحدة فقط إلى العراق لاحقاً، بسبب نوبات الانتشار؛ ولكن النتيجة حسب ''مكتب ميزانية الكونجرس'' كانت متكافئة· وفي هذا الإطار يقول أورزاج: ''إن تكلفة تسخير فرقة من الجيش لتقديم الخدمات نفسها التي تقدمها شركة بلاك ووتر تعادل على ما يبدو تكلفة العقد تقريباً''· على أن الأمر نفسه ينسحب على عمليات لوجستية أكثر روتينية، كما يقول ''مكتب ميزانية الكونجرس'' في تقريره؛ حيث تعادل تكلفة توظيف سائق شاحنة نفط خاص للعمل في العراق مثلاً تجنيدَ وتدريب سائق من الجيش· غير أن المنتقدين لاستعانة الجيش بالشركات الخاصة يقولون إن المشكلة الحقيقية بخصوص المتعاقدين الخواص تكمن في عدم خضوعهم لسيطرة الجيش وعدم تقيدهم بالضوابط العسكرية· ومما تجدر الإشارة إليه في هذا الإطار أن هيئة محلفين كبرى فيدرالية تنكب حالياً على بحث ما إن كان موظفو شركة ''بلاك ووتر'' قد تصرفوا على نحو غير قانوني حين شرعوا في إطلاق النار في أحد تقاطعات بغداد المكتظة بالحركة المرورية في سبتمبر الماضي· ومما يذكر أيضاً أن بين المواضيع المختلف بشأنها في ''اتفاق وضع القوات'' الذي يتم التفاوض بشأنه حالياً بين حكومتي الولايات المتحدة والعراق مسألة ما إذا كان الموظفون الأمنيون الخواص ينبغي أن يخضعوا للتوقيف والمحاكمة من قبل السلطات العراقية· غير أن بيتر سينجر، مدير ''مبادرة القرن الحادي والعشرين الدفاعية'' بمؤسسة ''بروكينجز'' كتب في ورقة خلال وقت سابق من هذا العام يقول: ''إن أحد الأسئلة الأساسية المتعلقة بالاستعانة المتزايدة من قبل الحكومة بالمتعاقدين العسكريين ليس في الواقع ما إن كان ذلك يوفر مال الزبون (الحكومة) من عدمه؛ بل إن السؤال الأساسي الذي ينبغي طرحه في بداية أي عملية استعانة بشركة خاصة بسيط جداً وهو: هل ينبغي إيكال المهمة إلى شركة خاصة أصلاً، من الأساس؟''· بيتر جراير- واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©