الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الربيع في المغرب.. مسكون بالخضرة والبهجة والفروسية

الربيع في المغرب.. مسكون بالخضرة والبهجة والفروسية
20 ابريل 2014 21:07
لكبيرة التونسي (الرباط) أخرجت الأرض خيراتها، ولبست حلتها الخضراء، فاردة بساطها الساحر الذي يأسر القلوب، بلا حواجز ولا أسمنت يحجب النظر، وديان وأنهار وعيون تنساب عذبة رقراقة، إنها الطبيعة التي تحرض سكان المدن بالمغرب والسياح الأجانب على الخروج للأرياف والغابات والجبال للتمتع بالطبيعة الساحرة، حيث يجتمع البحر والسهل والصحراء والجبل المكسو بالثلوج والبراري الملونة والأحزمة الخضراء وغابات البلوط في مكان واحد ما يجعل المغرب في فصل الربيع لوحة رائعة أبدعها الخالق. تنوع كبير يسدل فصل الربيع السعادة على الفلاحين، وسكان القرى والأرياف، كما سكان المدن الذين يخرجون في نزهات، ونظرا للتنوع الكبير الذي تعرفه المدن المغربية وقراها فإن النزهات تختلف من مكان لآخر، وتتنوع بتنوع التضاريس والطبيعة والمآثر التاريخية، فهناك من يفضل الخروج في نزهات للأرياف القريبة من المدن، وهناك من يفضل السفر لمكان بعيد في عمق البوادي النائية، ومنهم من يرغب في التزلج على الثلوج خاصة بمراكش وإفران وغيرها من الأماكن، بينما يفضل الطلبة القيام برحلات أيام عطلة نهاية الأسبوع إلى الغابات القريبة من المدن والبحيرات التي تتجمع حولها أنواع من الطيور، حيث تتحول الأرياف إلى بساط ساحر يأسر القلوب والألباب. وتنتعش في فصل الربيع الحركة السياحية بالعديد من الأرياف والمدن المغربية خاصة خلال العطلة المدرسية، كما تعرف الجبال إقبالا، حيث يجد السياح في التزحلق على الثلوج فوق قمم الجبال الشامخة والتمتع بروعة الطبيعة الساحرة متعة كبيرة، بينما يستمتع الصغار بقطف الزهور البرية وجمعها. ويفضل عبدالنبي علي وعائلته الصغيرة قضاء عطلة نهاية الأسبوع خلال موسم الربيع بالمساحات الخضراء في الأرياف المجاورة لمدينة الرباط، حيث تنتشر الغابات والجبال والأزهار البرية الطبيعية المختلفة الألوان التي يفوح أريجها فيصبح لكل مكان رائحة تختلف عن البقعة التي تليه، نباتات برية وعطرية تمتد على امتداد البصر، تلون الأرض بألوان تأسر القلب والعقل، فتجد أرضا مكسوة بشقائق النعمان الحمراء، بينما تلبس القطعة التي تحاذيها ثوبا أصفر من الأقحوان، وبحيرة تكسوها الزهور البيضاء التي تطفو على سطحها، في هذا الصدد قال عبدالنبي “بعد أسبوع كامل من العمل ومتابعة أطفالي في المدارس والمذاكرة لهم، فإنني أحاول غسل همومي والتخلص من ضجيج المدينة وصخبها فأتوجه إلى الأرياف لأتمتع بالتجول في ربوع هذه الأراضي التي حباها الله بالعديد من الخيرات وتنوع كبير في الطبيعة، وتعودنا على قضاء يومي السبت والأحد في ضواحي مدينة الرباط، وأحيانا أسافر بعيدا إلى مدن أخرى، بحيث تتميز كل قطعة من المغرب برائحة ونكهة وعادات وموارد طبيعية مختلفة، ما يجعلنا نستكشف بلدنا في كل رحلة”. ويضيف “نظرا لانشغالي فإنني أفضل قضاء وقت ممتع بالأرياف القريبة من مسكني بالرباط، التي يتمتع أهلها بكرم الضيافة، وقد صادف أن كنا نستريح بالقرب من أحد البيوت، وإذا بسيدة وزوجها تخرج علينا بصينية شاي وخبز وزبدة بلدية ولبن، ومن حينها أصبحت تربطنا بها صداقة وطيدة وصرنا نزورها مرة على الأقل في الأسبوع، بل تنتظرنا وتسأل عن أحوالنا وأحوال الوالدة إن تأخرنا”. وزاد عبدالنبي “رحلتي هذه تمسح تعب أسبوع كامل من العمل والضغوط اليومية، فأجد راحة كبيرة وسط صمت الطبيعة، فلا تحيط بنا إلا الجبال والهضاب وتحيطنا الزهور من كل جانب، فلا نكاد نسمع إلا طنين النحل وزقزقة العصافير وطقطقة الفحم الذي نوقده للقيام بحفلة شواء في الهواء الطلق، لأرجع في المساء لبيتي، وكأنني اغتسلت من أتعابي، كما أنني أجعل هذه النزهات فرصة لتعليم أبنائي من الطبيعة التي تعتبر خير معلم وأفضل متحدث عن قوة الخالق التي تتجلى في تنسيق ألوان الزهور، وتدفق المياه، وزرقة السماء، وخيره الذي يعم البسيطة بلا حساب”. روائح ونكهات لا يقتصر الذهاب إلى الأرياف المغربية، والتجول في براريها على جمع الأزهار البرية المختلفة الألوان، وإنما يتجاوز ذلك إلى إقامة حفلات شواء على الفحم، أو تجهيز الأكل بالخضراوات الربيعية في إناء من الفخار على الحطب “الطاجين”، وكؤوس الشاي بالنعناع، إلى ذلك، قال عبدالله علي بن محمد، الذي يعشق السفر في ربوع أرياف ومدن المغرب بصحبة بعض السياح الأجانب “منذ سنوات طويلة وأنا أقوم بجولات في المدن المغربية بمفردي وبصحبة بعض الأصدقاء الأجانب الذين يعشقون المغرب، وفي كل مرة أستكشف منطقة تختلف عن الأخرى، وتوصلت مؤخرا أن هذا البلد الغني من حيث تراثه العريق والمتنوع في طبيعته له روائح ونكهات، والجميل فيه أيضا أنك بمجرد قطع كيلو مترات قليلة تشعر أنك في حضن مكان مختلف عن الثاني من حيث الموارد الطبيعية، بحيث تتميز كل قرية مثلا بأسواقها الأسبوعية، فهناك سوق الأحد، وسوق الاثنين، وسوق الثلاثاء، وسوق الأربعاء وهكذا، وكل سوق يعرض منتجات تختلف عن أخرى ويتميز بميزات تجعله متفردا، كما أن هناك أسواقا خاصة بالنساء خاصة في الشمال المغربي، وهذا التنوع الكبير يعطي تنوعا في الأكل الذي يرتبط أيضا بفصل الربيع، حيث تصبح مكوناته تختلف عن باقي الفصول، إذ تدخل الخضراوات الربيعية في تجهيز الأطباق، كما أن هناك منتجات تكثر في هذا الفصل كالحليب والألبان، والأجبان الطبيعية، فيكاد المغرب أن يكون محمية طبيعية كبيرة، لا تحتاج أغلب مزروعاته إلى التدخل لجعلها تكبر وتنمو لكثرة المياه، وانسياب وديانه وغزارة أمطاره، وعليه فإن فصل الربيع إلى جانب باقي الفصول يجعلني أبحث عن سر جمال هذا البلد الذي لم أستطع حتى الآن زيارة إلا مساحة قليلة من طبيعته الخلابة”. «فنتازيا» الموسم بالإضافة للنزهات في البراري والأرياف وضواحي مختلف المدن المغربية في فصل الربيع فإن حركة مواسم “التبوريدة” أو ما يطلق عليه “الفنتازيا” أي الفروسية التقليدية، تنشط خلال هذا الفصل، حيث تضفي ألقا على الجو العام، وتحظى الفروسية التي لم تعد رياضة مقتصرة على الرجال، بل استحوذت على اهتمام النساء مطلع سنة 2003 حيث قررت مجموعة من الفتيات خلال هذه السنة تشكيل طليعة من الفارسات أطلقن عليها اسم ‘’فانتازيا’’، وصارت تقدم استعراضاتها في كل المهرجانات على امتداد ربوع البلاد، وفيما بعد تحولت الطليعة إلى فرق عدة توزعت على مختلف جهات المملكة المغربية، التي تنصب الخيام ذات الطابع التقليدي بالقرب من المدن والأرياف في المساحات المفتوحة، وتقدم العروض بتتابع المجموعات ‘’السربة’’، وكل سربة تتكون من بين عشر إلى عشرين فارسا تكون في غاية الانضباط لتنفذ التبوريدة بكل دقة، ويتكلف القائد التي غالباً ما يكون أكبر الفرسان سناً، مهمة تنظيم وتشجيع فرسانه، وتتمثل أصعب مهمة بالنسبة له في كبح جماح خيوله التي تكون على عجلة من أمرها لتتصدر السباق، ويزداد جموحها مع انطلاق كل مجموعة، كما يجدر بالفرسان الضغط على زناد بنادقهم بمجرد تلقي الإشارة بذلك من قائد السربة. ذلك أنَّ نجاح التبوريدة رهين بأن تكون طلقات البارود في لحظة واحدة، وعليه فإن الجماهير العريضة تخرج للاستمتاع بهذا الفن التاريخي الذي يميز المغرب عن غيره من البلدان في فصل الربيع، بحيث تعتبر الفانتازيا أسمى احتفال شعبي يعشقه الكبار والصغار والسياح الأجانب خلال هذا الفصل. إلى ذلك، قالت نعيمة بلمقدم إنها تنتظر هذا الموسم بفارغ الصبر لتستمتع بعروض الفروسية التقليدية، موضحة أن الإبهار يبلغ أقصاه حين تتكون السربة من الفتيات، مؤكدة أن كل مدينة وكل قرية لها مواسم الفروسية التقليدية التي تقام في الساحات الواسعة خارج المدينة بين الحقول الخضراء. وتشير إلى أن هناك من يعشق هذه العروض التي تدوم أسبوعا كاملا، وتنطلق بعد صلاة العصر من كل يوم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©