«الرطب» تعددت أسماؤه.. والطعم حلو

سعفها طلاء، وجذعها عماد، وليفها رثاء، وفروها إناء، ورطبها غذاء، تنمو بصمت ولا تموت إلا بعد عمر مديد. النظر إليها اطمئنان، والبعد عنها مكابدة، هي رمز الحياة، وأول الساكنين على الأرض، صديقة الغيث، إذا قُطع رأسها ماتت، تعشقُ كرام الناس، تعوض بأكثر مما يكرمها الإنسان، لها قبائل وأصلها واحد، ثمرها مختلف في الطعم واللون، تعبر عن الضيق والعطش، تتصف بدوام ظلها، وطيب ثمرها، ووجودها على الدوام. «عمتنا النخلة»، التي تطعمنا برطبها الذي يعد أكثر الثمار تغذية للبدن، هي فاكهة وغذاء ودواء وشراب، تثير في النفس شجوناً وذكريات، وصف ابن الرومي تمرها، فقال: «ألذ من السلوى وأحلى من المن... وأعذب من وصل الحبيب على الصدّ». «الرطب» هذا الضيف الخفيف الذي يزورنا في كل قيظ يزين موائدنا بكل صنف ولون وطعم. عرفه الناس منذ آلاف السنين قبل الميلاد في المنطقة الخليجية وشمال أفريقيا وفي بعض الدول الأخرى، يوجد منه مئات الملايين في العالم ومئات الأنواع والألوان. لكن تبقى للرطب أهميته في حياة المواطنين الخليجيين خصوصاً مع بشائر الموسم، إذ يحرص كثير من الناس على اقتنائه وشرائه منذ نزوله إلى الأسواق (بشاير) بأسعار مرتفعة في الأسبوع الأول، ثم يبدأ مسلسل الانخفاض لفترة معينة، وفي نهاية الموسم يعود مجدداً للارتفاع. فعند بداية الموسم يصل سعر الصندوق الصغير إلى نحو 100 درهم أو أكثر بحس«المن»، وقد يتضاعف أكثر إن وجد في عدد من المحال، وقد ينخفض السعر في المناطق التي يكثر فيها إنتاجه وتسويقه، حيث يباع في الأسواق وفي الطرق وعند المزارع. يُعد الرطب أحد المراحل التي يمر بها ثمار النخيل، إذ يبدأ بـ«الطلع» ثم «الخلال»، ويكون لونه أخضر، ثم «البسر» ويتميز بلونه الأصفر أو الأحمر، ثم تبدأ مرحلة الرطب «نصف أو تام الترطيب». رغم ذلك يمتاز الرطب بشكله الجذاب وألوانه الجميلة على حسب النوع مع وجود بقعة من اللون البني الغامق، كما يمتاز الرطب بجودة طعمه وطيب نكهته، وانخفاض محتواه من السكريات. ذُكر الرطب في القرآن الكريم في ست وعشرين آية، وهناك أكثر من 450 نوعاً من الرطب، لكن رغم ذلك من أهم الفوائد التي يمتاز بها الرطب، أنه يحوي 65 - 70 بالمئة ماء، 58 بالمئة مواد سكرية، 2,1 بالمئة بروتين، 5,2 بالمئة ألياف، وهو مصدر للطاقة ويحتوي على بروتينات نباتية سهلة الهضم، ونسبة من الألياف المفيدة في حركة الأمعاء والوقاية من الإمساك، وكمية من الحديد تقوي الرحم أثناء الولادة، لاحتوائه على هرمون له خاصية تنظيم الطلق. ومن أشهر أنواعه: الحمري ذي اللون الأحمر الفاتح والشكل البيضاوي، أما المكتومي فموعد نضجه وسط الموسم، بينما الهلالي فلون ثمرته أحمر وردي وشكلها أسطواني إلى بيضاوي صغير، ولون الرطب بني غامق والتمر أسود. أما رطب الخنيزي، فهو واسع الانتشار، ويوجد في إمارات الدولة كافة، ويعتبر من الأصناف التجارية، وتجود زراعته حتى في المناطق التي تتسم بالرطوبة العالية، لون ثمرته وردي غامق ولون الرطب بني غامق والتمر بني مسود.