الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«أول فال» سوق شعبي يحتضن إبداعات ومشاريع الشباب

«أول فال» سوق شعبي يحتضن إبداعات ومشاريع الشباب
21 ابريل 2014 11:16
أزهار البياتي (الشارقة) ما إن تدخل ساحة التراث في قلب الشارقة القديمة وتلج من بوابتها الخشبية العتيقة، حتى يطالعك نشء واعد اصطف متجاوراً في ممر ضيق، وعبر عربانات قديمة الشكل والطراز، ليستعرض من خلالها حزمة من المشاريع الصغيرة، وكأنك في محاكاة تعود بك إلى زمن الماضي الجميل، لتعيش من جديد مشاهد حية من البيئة المحلية، بفرجانها وأسواقها ومنتجاتها الشعبية. لعل الزائر لمهرجان «أيام الشارقة التراثية» في دورته الـ 12، لا يستطيع مقاومة فضوله وانجذابه لهذا الركن المميز من ساحة التراث، لتأخذه أقدامه إلى حضن سوق «أول فال» الشعبي، والذي يستقبل القادمين إليه بمزيج فريد من الروائح والبضائع والألوان، وتلك الوجوه المتفائلة المبتسمة للشباب، من أصحاب المهن والمشاريع الصغيرة من البنات والبنين، والذين جاؤوا إلى هذه التظاهرة التراثية اللافتة، ليعبروا عن حبهم للوطن، واعتزازهم بمنجزاته والانتماء إليه. باب رزق وتشير لهذا الأمر شهيرة محمد، مسؤولة الأسواق الشعبية في مهرجان التراث، والمشرفة على سوق «أول فال»، قائلة: «عدنا من جديد وللسنة الرابعة على التوالي، لنلتقي في سوقنا الشعبي الصغير والخاص بفئة الشباب، ليكون فألهم الأول وباب رزق يبشر بنجاح مشاريعهم الصغيرة، خاصة شريحة الطلبة منهم مع الحرفين من أصحاب المواهب والأفكار الطموحة، موفرين لهم من هذا المكان البديع، مجموعة من العربانات الخشبية التراثية الطراز، مع كل ما يلزمهم من الدعم الفني والمعنوي الذي يدفعهم قدما لتحقيق أهدافهم المرجوة، لنثري بهم ومعهم فعاليات «أيام الشارقة التراثية»، ونستعيد من خلالهم قيم ومضامين الأصالة، والحضارة، والتراث». وتضيف: «لا شك أن وجود عنصر الشباب في هذا الحدث الذي ينتصر لمعاني التاريخ والتراث، يسهم بتثقيف النشء وتأكيد هويته الوطنية، كما يغرس فيه بذور العمل وفضائل الاعتماد على الذات، فيفتح أمام المشاركين فرصا لممارسة أمور البيع والتجارة، ويتيح لذوي الدخل المحدود اختبار أفكار مشاريعهم الصغيرة، وتجربتها على أرض الواقع». «أصدقاء التراث» ومن زاوية في مقدمة سوق «أول فال» يحّلق جمعاً آخر من الشباب، حول ابراهيم تاج، مرشدهم وقائدهم في رابطة «أصدقاء التراث»، التابعة لمنطقة الشارقة التعليمية، ليأخذوا منه تعليمات سير العمل اليومي لبعض المشاريع الصغيرة المشاركة في السوق، فيشجعهم ويحمسهم لبذل مزيد من الجهد والحيوية لتحقيق النجاح، وهو يصف نهجه هذا، ويقول: نحن وعبر رابطة «أصدقاء التراث» المكونة من حوالي 35 شاباً، اجتمع عدد من الفتيان المتطوعين والراغبين بالتميّز في مجال التجارة، و ليكونوا هم أيضا جزءاً من ترنيمة «أيام الشارقة التراثية»، كونها تشكل مناسبة استثنائية في عموم المنطقة، كما هي مهرجان شعبي وجماهيري من الطراز الأول، يتجدد عهده في هذا الموسم من كل عام، ليقرأ للأجيال الجديدة صفحات مضيئة من تاريخ و تراث الإمارات، ويستعيد معهم أجزاءً من موروثاتنا الشعبية ونمط المعيشة والعادات والتقاليد. ويتابع تاج: وكما في الدورات السابقة، فقد شكل سوق «أول فال» حاضنة لأفكار ومشاريع الشباب الصغيرة، حيث قدموا من خلاله للحضور مشاهد من العربانات الخشبية القديمة التي كانت تطوف بين بيوت «الفريج»، لتبيع الحلوى والألعاب وأطباق الدنجو والباجيلا، وليعكس كل واحد منها نفحات من زمن الماضي، وملامح من أسلوب وطبيعة الحياة آنذاك. «ليلام» ومن عربة غير بعيدة رفع عليها مسمى «ليلام»، أخذ الطالب بالمرحلة الثانوية جاسم الأميري (15 عاماً)، ينادي بعلو صوته ليجتذب المارة ويغريهم بشراء بضاعته من المشغولات اليدوية والمنمنمات التراثية مع قطع الملابس والألعاب، مستقبلاً الوافدين عليه بوجه مرح بشوش، يملأه الأمل والطموح بتحصيل ربح جيد، يشعره بعد عناء يوم طويل بقوة شخصيته وموهبته بالإقناع والتواصل مع الآخرين. أما أطرف ما في السوق، فقد تمثل بكشك صغير أثار فضول المارة والحضور، تخصص في بيع أقنعة الرعب والوجوه المخفية والأكسسوارات، للناشئين حسن عبد العزيز، ونايف عادل، واللذين رفعا فوق عربتهما لافتة، بعنوان «أم الدويس»، وهو مسمى محلي وإماراتي قديم، مستنبط من الحكايات الشعبية »الخراريف أو الأساطير« وقصص الجان في التراث. شاي «الكرك» ولا ننسى بطبيعة الحال عربة شاي «الكرك» التي تتربع في صدر سوق »أول فال«، والتي لها جمهور وشعبية كبيرة. ويتوافد عليها الكبار والصغار على حد سواء، ليستمتعوا جميعاً وعبرها بشرب أقداح مهّيلة مما لذ وطاب، من رحيق «الكرك والشاي« الملكي المطّعم بأريج الزعفران. في المحصلة، فقد كان لوجود الشباب والناشئة المواطنين وقع جميل على مجريات «أيام الشارقة التراثية» في دورته الـ 12. كما عبرت أفكارهم ومشاريعهم الصغيرة عن آفاق واعدة من همة جيلنا الجديد، تبشر فعليا بخير أول الفال. مسميات محلية استعرضت أكشاك سوق «أول فال» بسواعد الشباب وطموحاتهم الواعدة، العديد من المنتجات والبضائع المستنبطة من التراث، والتي عنونتها مسميات محلية المفردة اللفظية والطابع، عبرت في صياغاتها عن حنين قديم علق في الذاكرة منذ أجيال، لم يخل من حس الدعابة والطرافة على الإطلاق، ليختار كل فرد من أصحاب هذه المشاريع، الوقوف على رأس عربته التراثية، وممارسة نشاطه التجاري بكل ثقة وحماس. «تاكل ما تاكل» يعبّر الشاب سلطان أحمد (16 عاماً)، عن مضمون مشروع عربته الصغيرة «تاكل ما تاكل» في مهرجان التراث، ليقول: لقد اخترته كاسم مرح وجملة محلية تستثير فضول المارة والزوار، فتستوقفهم لتجربة الوجبات الشعبية الخفيفة من أطباق «الدنجو والباجيلا»، وتدعوهم لتذوق استكانات من الشاي الأحمر أو الحليب بالزنجبيل، فاستمتع أنا شخصيا بإكرام زبائني بكل حب ومودة، واختبر من خلالهم مهاراتي في أمور البيع والشراء، مكونا في نهاية اليوم مدخولا معقولا، والذي على الرغم من تواضعه إلا أنه يشّكل عندي قيمة كبيرة وفخرا واعتزازا.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©