السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا: دروس من معركة الميزانية

12 ابريل 2011 21:52
عندما يهدأ نقع معركة الميزانية، يمكن أن نتعلم شيئاً مهماً للمستقبل: ما الذي كان يريده الناخبون فعلاً في انتخابات نوفمبر الماضي عندما سلموا السيطرة على مجلس النواب لزملاء رئيس المجلس جون بونر "الجمهوريين"؟ خبراء الميزانية يشتكون من أن كل التصعيد والغضب الأخيرين كانا بسبب مبالغ مالية تافهة نسبياً، أقل من 1 في المئة من الإنفاق السنوي الحكومي، ويشتكون من أن أزمتنا المالية الحقيقية تتعلق بمئات المليارات من الدولارات خلال العقد المقبل، وليس ببضعة مليارات خلال الأشهر المتبقية من هذا العام. وهم محقون. ولكن هذا لا يعني، أن هذه المعركة كانت بدون معنى أو غير ضرورية. فهذه معركة لا تتعلق بالمال؛ بل بالسلطة السياسية. وكان ينبغي أن تحدث. فكر في المعركة حول الإنفاق بالنسبة للسنة المالية الحالية باعتباره الفصل الأول من دراما تتكون من ثلاثة أجزاء. فالفصل الثاني، الذي يأتي في الربيع، سيكون هو المعركة حول ما إن كان ينبغي رفع سقف دين الحكومة الفيدرالية، وما هي الشروط التي ينبغي أن تربط به. أما الفصل الثالث، الذي سيأتي في الخريف، فسيكون على الأرجح أم المعارك، وسيكون حول الميزانية الفيدرالية لعام 2012. ولكن وقبل حدوث بقية القصة، كان السياسيون من كلا الجانبين في حاجة إلى جواب أوضح على سؤال أساسي: ما هو حجم التفويض بخصوص خفض الإنفاق الذي كان الناخبون ينوون فعلًا منحه لـ"بونر" وزملائه "المحافظين"؟ الواقع أن هناك أربعة خطابات متنافسة حول ما كان يريده الناخبون عندما ذهبوا إلى مكاتب الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في نوفمبر الماضي؛ ولن نستطيع في الحقيقة التقدم إلى الأمام حتى يتم حل ذلك النقاش. فنشطاء "حركة الشاي" وحلفاؤهم في الكونجرس، مثل النائبة ميشيل باشمان (الجمهورية عن ولاية مينيسوتا)، يقولون إن الناخبين منحوهم تفويضاً لتقليص حجم الحكومة بشكل دراماتيكي. هذا في حين يبدو "المحافظون" من التيار الغالب، مثل "بونر"، أكثر توخياً للحذر بعض الشيء، إذ يعتقدون أن لديهم تفويضاً لخفض الإنفاق، ولكنهم لا يعرفون حجم التفويض الممنوح لهم. ويعترف أوباما و"ديمقراطيون" براجماتيون آخرون بأن "الجمهوريين" هم الفائزون في جدال العام الماضي حول الإنفاق الحكومي، على الأقل بين الناخبين المستقلين الذين يؤثرون على نتيجة الانتخابات. وهكذا، فإنهم يقدمون أنفسهم اليوم كمخفضين للميزانية أيضاً – ولكنهم يجادلون بضرورة تبني تخفيضات أكثر تواضعاً لا تطال معظم البرامج الأثيرة لدى المستقلين و"الديمقراطيين". وأخيراً، هناك الليبراليون الذين يرفضون التكيف مع الواقع الجديد، ممن يعتقدون أن ناخبي العام الماضي قاموا باختيار خاطئ وسينتبهون إلى خطئهم قريباً ويطالبون بعودة نانسي بيلوسي. وبين هذا الرأي وذاك، تخبرنا استطلاعات الرأي أن الغلو على الجانبين خطأ وأن المفاوضين في الوسط على صواب. ذلك أن الشيء الرئيسي الذي يريده الناخبون هو تحسين الاقتصاد ومزيد من الوظائف؛ فهم يقبلون بالحجة – التي يدفع بها زعماء كلا الحزبين – من أن العجز الفدرالي يجب تقليصه من أجل الحفاظ على قوة الاقتصاد، ولكنهم لا يريدون تخفيضات عميقة للبرامج الفيدرالية، وبخاصة في قطاعي التعليم والرعاية الصحية. ولكن، هل يؤيد الناخبون حلول "حركة الشاي"؟ استطلاعات الرأي تقول لا، فقد وجد عدد من استطلاعات الرأي أن عدد الأشخاص الذين يقولون إنهم يتفقون مع الحركة قد انخفض إلى ما دون 1 مقابل 4. وعلاوة على ذلك، فإن نوعاً من الشعور بالندم قد يكون سائداً بعد سيطرة "الجمهوريين" على مجلس النواب؛ حيث وجد استطلاع رأي أجراه مركز "بيو" للبحوث خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي أن الجمهور منقسم بالتساوي حول ما إن كانت سيطرة الحزب "الجمهوري" على مجلس النواب شيئاً جيداً؛ حيث قال 44 في المئة إنهم غير سعداء بسيطرة "الجمهوريين" على المجلس، بينما قال 43 في المئة إنهم سعداء بذلك. غير أنهم غير سعداء بزعامة أوباما أيضاً، إذ بلغ معدل الرضا الشعبي عن أداء الرئيس 47 في المئة، وقال 59 في المئة من المستجوَبين إنهم لا يعتبرونه زعيما ذا مصداقية بخصوص خفض العجز. ثم هناك مسألة أخرى لا تقل أهمية وتكمن في حقيقة أن الناخبين لا يريدون حدوث "إغلاق للحكومة" (الحالة التي توقف فيها الحكومة توفير الخدمات التي لا تعتبر "أساسية"، وتحدث عندما لا يتوصل الكونجرس إلى اتفاق بشأن ميزانية تمول البرامج الحكومية لسنة مالية معلقة). والواقع أن كل هذه النتائج ساعدت "بونر" على شرح وجهة نظره والدفاع عنها أمام زملائه "الجمهوريين" في الكونجرس وإقناعهم بضرورة البحث عن توافق. وفي هذا السياق، قال لي منظم استطلاعات الرأي "الجمهوري" ديفيد وينستون الأسبوع الماضي: "إذا حدث إغلاق الحكومة، فليس ثمة فائز... وسيُحمَّل الجانبان المسؤولية". غير أن مأزق "بونر" يكمن في حقيقة أن الكثيرين في مؤتمره "الجمهوري" لا يرغبون في توافق - بالقدر نفسه الذي يرغب فيه الناخبون - حيث وجد استطلاع للرأي أجرته صحيفة وول ستريت – إن بي سي نيوز وأفرج عن نتائجه الأسبوع الماضي أنه في ما يتعلق بالمسائل المالية، يمكن القول إن ثمة جمهورين، وليس جمهوراً واحداً. فبين الناخبين "الجمهوريين"، أراد أكثر من النصف أن يتشبث ممثلوهم في الكونجرس بمواقفهم، حتى وإن كان ذلك يعني إمكانية إغلاق الحكومة، وألا يسعوا إلى التوافق. ولكن بين الناخبين "الديمقراطيين" - ولعل الأهم من ذلك، بين الناخبين المستقلين الذين كثيراً ما يحسمون نتيجة الانتخابات – فضل أكثر من الثلثين التوافق، وليس المواجهة. هذه الأرقام تشير إلى أن أوباما، ورغم أنه يقف موقفاً دفاعياً، يستطيع تعزيز حظوظ إعادة انتخابه، ولاسيما أنه يقدم نفسه كسياسي وسطي يسعى للتوفيق بين آراء ومواقف زعماء الكونجرس المتخاصمين، دور إن نجح فيه، سيحسٍّن مكانته بين المستقلين على ما يفترض. دويل ماكمانوس محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©