الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

«ليوا للرطـب» يرسـخ تـاريـخ الأجداد في ذاكـرة الأحفـاد

«ليوا للرطـب» يرسـخ تـاريـخ الأجداد في ذاكـرة الأحفـاد
30 يوليو 2016 14:28
محمد الأمين (أبوظبي) تختتم اليوم السبت، فعاليات الدورة الثانية عشرة من مهرجان ليوا للرطب الذي شهد خلال دورته الثانية عشرة، العديد من الفعاليات والمفاجآت التي استقطبت الآلاف من الزوار الذين حرصوا على متابعتها الفعاليات، والتفاعل مع ما يقدمه المهرجان من أنشطة وبرامج ومسابقات. وشهد مهرجان ليوا للرطب مشاركات متميزة في مختلف فئات مسابقات الرطب التي أعلنت عنها اللجنة المنظمة قبل انطلاق المهرجان، ورصدت لها 5 ملايين درهم لأكثر من 205 فائزين في فئات مسابقة مزاينة الرطب، وهي الفعالية الرئيسة للمهرجان، وتضم فئات الخنيزي، والخلاص، والدباس، وأبومعان، والفرض، والنخبة، وأكبر عذج، كما شملت فئات مسابقتي المانجو والليمون التي تُقام للمرّة الثالثة ، متمثلة في المانجو المحلي، والمنوع، والليمون المحلي، والمنوع، إضافة إلى أجمل عرض تراثي، من خلال جائزة المزرعة النموذجية البالغة مليون درهم، لترتفع بذلك قيمة الجوائز للمراكز العشرة الأولى في المسابقة إلى مليون و500 ألف درهم، في إطار تشجيع المزارعين على بذل المزيد من الجهود والاهتمام بمزارعهم، وفق أرقى المعايير والشروط الزراعية العالمية. وقال عبيد المزروعي مدير المهرجان: «إن أعداد الزوار تجاوزالـ 70 ألفاً خلال الأيام الثمانية الأولى»، مشيراً إلى تنوع الزوار وزيادة حجمهم، بما يعكس مدى نجاح المهرجان في الوصول إلى جميع الفئات والجنسيات، بعدما تحول إلى احتفالية كرنفالية كبيرة جاذبة لعشاق التراث والأصالة. وأضاف المزروعي: «إن اللجنة المنظمة حرصت على تقديم باقة متنوعة من البرامج والأنشطة والفعاليات التي تلبي احتياجات الجمهور، وتحقق مطالبهم المتنوعة ،في وقت تتميز هذه الدورة بالعديد من المفاجآت التي تخدم جهود دعم الموروث الثقافي الإماراتي بهدف المساهمة في إحياء التراث في نفوس الأجيال الجديدة، وذلك بإضافة شوطين لمزاينة الرطب ضمن فئتي الخلاص والدباس والمخصص لأصحاب المزارع التي تزيد نسبة ملوحة المياه فيها على 12 ألف درجة. وقد خصصت لكل فئة 15 جائزة نقدية، تساوي الجوائز المقدمة في الفئات الثانية من المزاينة، تأكيداً على حرص اللجنة المنظمة على دعم مزارع النخيل، وتقديم الفرص المتساوية لها لخوض المنافسة، ودعم مسيرة أصحاب المزارع ذات الملوحة العالية لتحقيق استمرارية التوسع في زراعة النخيل». وأكد أن مجموع الجوائز المقدمة هذا العام تبلغ نحو 6 ملايين درهم، وتشمل مزاينات الرطب الرئيسة بفئاتها التسع (فئتي الدباس والخلاص للمزارع التي تقل نسبة ملوحة المياه فيها عن 12 ألف درجة، وفئتي الدباس للمزارع التي تزيد نسبة ملوحة المياه فيها على 12 ألف درجة، وفئة الخنيزي، بومعان، الفرض، النخبة الرئيسي، النخبة التشجيعي، وأكبر عذج)، مشيراً إلى زيادة المساحة المخصصة للمهرجان هذا العام لتصبح نحو 20 ألف متر مربع بزيادة قدرها 20% مقارنة مع العام الماضي، وذلك لمواكبة ما يشهده المهرجان من إقبال متزايد عاماً بعد عام، سواء من مشاركين أو زوار. وشهد جناح الاتحاد النسائي العام، المقام على هامش فعاليات المهرجان، زيارة الكثيرين ممن رغبوا في الاستمتاع بما يقدمه من معروضات تراثية وأعمال فنية تفاعلت مع احتياجاتهم ومتطلباتهم، كما شاركت الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف بجناح مميز بهدف إطلاع الزوار على إنجازات الهيئة وتعريفهم بالوقف وأهميته في زيادة ترابط المجتمع وتوطيد شعور المسلم بالمسؤولية تجاه غيره من الأفراد. وحرص جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية على المشاركة من خلال جناح كبير ومميز خصص لتقديم باقة متنوعة من المعلومات والنصائح والخبرات التي تهم المزارعين والمعنيين في مجال زراعة النخيل، حيث عرض في الجناح مجموعة من المطبوعات والنشرات التي تستعرض أحدث وسائل الزراعة والأساليب المبتكرة في الري ومكافحة الآفات الزراعية، خاصة مكافحة سوسة النخيل. وشهد جناح تدوير في المهرجان، تفاعلاً كبيراً من زوار المهرجان، خاصة الأطفال، وذلك من خلال إشراكهم في قراءات جماعية للتوعية بأهداف تدوير وبرامجها فيما يتعلق بفصل النفايات من المصدر. كما استعرض جناح «تالة للألواح الخشبية» أهمية تدوير مخلفات النخل في الحفاظ على البيئة وتعزيز الاقتصاد، مقدماً نموذجاً عملياً ريادياً من خلال تحويل مخلفات النخيل إلى ألواح خشبية ذات جودة عالية. وقدم مركز خدمات المزارعين في أبوظبي برامج توعوية للزوار والمزارعين في مهرجان ليوا للرطب بأهمية أشجار النخيل وثمارها من الرطب والتمور وكيفية المحافظة عليها، مستعرضاً الخدمات الفنية والإرشادية المقدمة لأصحاب المزارع بما يخص هذه الأشجار وأحدث أساليب الإدارة المتكاملة لآفاتها، لا سيما سوسة النخيل الحمراء التي تعد أكثر الآفات تهديداً لها، فضلاً عن خدمات التدريب والإرشاد التي يقدمها لأصحاب المزارع لتوعيتهم بوسائل ترشيد استهلاك المياه، علاوة على طرق تحسين الإنتاجية وزيادة كمياتها. الحناء حاضرة بفنونها تعتبر الحناء من أقدم طقوس الزينة في مجتمع الخليج العربي، والتي لطالما تمسكت بها ابنة الإمارات من عهد الجدات، حيث تجلس الزائرة مع النسوة، وهن يحضرن الأدوات، ويقمن بمزج الحناء مباشرة أمام زائرات السوق الشعبي، وذلك بعد أن يسألن عن اللون الذي يرغبن فيه، وما إذا كان يميل أكثر إلى الأحمر أم الأسود. وتتوافد زائرات المهرجان على محال نقش الحناء لينقشن رسمات جميلة بريشة فنانة أبدعت بحنائها، فأخذت ترسم لوحات فنية تزين بها أنامل الزائرات، في الوقت الذي يشهد السوق الشعب حلقات تعليمية تقدمها النساء المسنات المحتفظات بهذا الموروث الشعبي لتعليم الفتيات هذه الحرفة بكل حذافيرها، بدءا من الإتيان بأوراق الحناء المجففة والإمعان في دقها وترطيبها باللومي ومنقوع الشاي حتى يتماسك الخليط. وتقول أم محمد، إنه على الرغم من انتشار الحناء الجاهزة في الأسواق، إلا أنها تفضل تحضيرها بنفسها، مشيرة إلى أن الإماراتيات خبيرات في مجال الحناء، ويعرفن جيدا التمييز بين النقوش وجودة الرسم. وتضيف أم خالد أنها تبحث باستمرار عن اللافت منها والجديد، لأن القصد من التحني هو الشعور بالبهجة وإظهار الأناقة، متفاخرة بأن علمت بناتها كيفية تحضير مادة الحناء حسب الطريقة الأولية، وها هي تعلم زائرات المهرجان هذه الطرق والأساليب، وترى أن من المهم جدا أن تحضر هذه الحرفة في مختلف المهرجانات التراثية، لأنها تقدم مفهوما خاصا عن المرأة الإماراتية التي مازالت تحرص على التمسك بتقاليدها حتى مع تبدل الأزمنة، وتنقل الرضا الذي لمسته من كل امرأة دخلت إلى خيمة الحناء. أجواء تراثية في مسرح الطفل يقدم الإعلامي سعيد المعمري الفعاليات التراثية التي تنظمها لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي على مسرح الطفل في مهرجان ليوا للرطب، بالتعاون مع عدد من الجهات الراعية والداعمة، حيث ينقل الأطفال وذويهم إلى عالم من الفرح والمرح الممزوجين بالتراث والعادات والتقاليد. وأكد المعمري، أن لقاءه مع الأطفال والشباب وأهاليهم وسط أجواء تراثية ، يجعله يبدع في الطرح الذي يقدمه على منصة قرية الطفل، مشيراً إلى حجم التفاعل الذي تشهده القرية من الساعة الرابعة وحتى العاشرة، وبشكل يومي منذ انطلاقة المهرجان، حيث تستقطب الفعاليات والأنشطة التي تقيمها القرية مختلف الفئات والأعمار من نساء ورجال وأطفال وشباب. من جانبها، قالت ليلى القبيسي، مديرة فعاليات خيمة الطفل في المهرجان : «إنّ أهمية هذه الفعاليات تكمن في أنها رسالة توعوية بأهمية الارتقاء بذائقة الطفل، وترسيخ أسس المسرح لديه، وغرس قيمة العمل الجماعي في نفسه، وعلى العديد من الجوانب الأخرى، وأهمها كيفية الاستفادة من الوقت». وأشارت إلى «أنّ مثل هذه المهرجانات تخلق العلاقة الحميدة بين الطفل والمسرح من خلال الممثلين الذين يتحركون على المسرح من دون خوف وكأنهم يلعبون، وهنا تنشأ علاقة سوية بين الطفل وخشبة المسرح الذي يشكل فناً راقياً، كما أن اللجنة المنظمة ومن خلال برامج تسعى إلى لعب دور أساسي ومهم في تنمية عقل الطفل وربطه بماضي الأجداد وتراثهم من خلال الحديث بلغتهم، وإبلاغ الجيل الناشئ بإنجازات أجدادهم وآبائهم، وما حققوه من بطولات، وغيرها الكثير من الأمور التي تعزز الهوية الوطنية، وتغرس حب الوطن في نفوس الأجيال الجديدة». السوق الشعبي يجسد الأصالة ومشغولات الماضي يروي السوق الشعبي المصاحب لمهرجان ليوا للرطب بدورته الـ 12، حكايات التراث، ويرسم أبهى الصور التي تبهر القادم إلى الحدث، حيث تفوح في أروقة السوق روح التراث الإماراتي الأصيل، وتنتشر ثقافته المتوارثة عن الآباء والأجداد. وقال عبيد خلفان المزروعي، مدير المهرجان، إن عدد محال السوق يبلغ 136 محلاً، تستفيد منها مئات الأسر الإماراتية التي تعرض المنتجات المصنوعة من النخيل مثل (الجفير والمخرافة والحصير والصرود واليراب والمشب) وغيرها الكثير، وجميعها منتجات قديمة تصنع من خوص النخيل، فضلاً عن الحلويات المعدة من التمر ودبس التمرا إضافة إلى الرطب بكل أنواعه. وأضاف المزروعي أن السوق الشعبي يجسد التراث المحلي الغني بالحرف اليدوية المحلية المرتبطة بالنخيل والتمور أمام السائحين الذين يجدون أمامهم نموذجا للواحة الغناء التي تتزين بسعف النخيل الذي تمت حياكته بحرفية عالية، وكل ما يرتبط بحياة الأسرة البدوية البسيطة من سدو وحياكة. وأشار المزروعي إلى أن السوق يحتوي على عددٍ من المجالس، يتم توزيعها على الحرفيات ليعرضن فيها حرفهن اليدوية أمام الزائرين، حيث روعة المنتجات التراثية المصنوعة من مجموعة من الأمهات أمام الزوار مباشرة، مشيرا إلى أن وجود المجالس داخل السوق يفسح في المجال أمامهن لنقل المهارات اليدوية إلى الجيل الجديد، ويزيد من خبرة أصحاب الصناعات التقليدية والقائمين عليها من خلال التعرف إلى أذواق الجمهور والزوار من المواطنين والمقيمين والسياح. ويعد السوق الشعبي نقطة جاذبة لأبناء الإمارات والمقيمين فيها إلى جانب عدد كبير من السياح، فالسائح الذي يزور ليوا ومهرجانها لابدّ أن يرسم صورة الواحة الغناء في مخيلته قبل الوصول، ولا شك أنَّه سيزين تلك الصورة بما ينتظر أن يراه من حياكة لسعف النخل، ومنتجات مشتقة من سعفها، ومن حلوى التمر ومعها كل ما يرتبط بحياة الأسرة البدوية البسيطة من سدو وحياكة. ويلاحظ الزائر لحظة دخوله السوق أن كل ما هو معروض فيه مختص بالصناعات المستوحاة من التراث والبيئة القديمة إلى جانب سلال الرطب اليدوية والرسم على الشيل والحناء وغيرهما من المشغولات اليدوية، والمأكولات الإماراتية، وكل هذا يأتي ضمن استراتيجية لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية وجهودها في حفظ التراث المعنوي لإمارة أبوظبي ودولة الإمارات، وتطويره من خلال دمجه في الحياة اليومية للمجتمع، وضمان أنّ التراث الثقافي الغني للمنطقة سيظل حياً متواصلاً في المستقبل، ولن يتعرض للنسيان، لإيمانهم بأن من السهل جداً أن تضيع ثقافة ما في ظلّ رياح التغيير السريع إذا لم يتم الاهتمام بها، وإذا لم يكونوا واعين بقيمها، لذا أخذت اللجنة على عاتقها الحفاظ على هذا التراث. كما يرى زائر السوق الشعبي في المهرجان الدور الحيوي الذي تلعبه المرأة في الاقتصاد البدوي الفلكلوري العريق، وكيف أنَّها تعد محوراً مهماً لتجميع ما تقدمه الواحة من خيراتها، وكيف ترث المرأة من أمها وجدتها أساليب الاستغلال الأمثل لهذه الخيرات، وكيف يمكن حفظها للاستفادة منها بعد موسم جني الرطب. كما سيجد تلاحم الأسرة البدوية ورعايتها ضمن نطاق القبيلة، وكيف أن السوق هو مهرجان محلي دائم، تلتقي فيه الخبرات، ويعاد في دكاكينه إنتاج التراث عبر الأجيال.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©