الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

في لندن.. نائب بولندي يعايش تجربة الهجرة

20 ابريل 2014 23:29
سارة ميلر لانا لندن عندما يصل مهاجر إلى دولة أجنبية ليس معه إلا القليل من المال وليس لديه إلا معارف أقل، عادة ما يكون مشغولًا خاصة في الفترة الأولى وبالتأكيد لا يجد وقتاً ليتحدث فيه مع صحفي. لذا فلا عجب ألا يتمكن «آرتور دبسكي» الذي وصل إلى لندن قادماً من وارسو نهاية الأسبوع الماضي في الرد على عشرات المكالمات لهاتفه المحمول عندما اتصلت به أثناء الأسبوع الأول في بلده الجديد. غير أن السيد «دبسكي» هو في الواقع سياسي بولندي، وهو هنا لمجرد أن يعايش الخبرة التي يمر بها البولندي العادي عندما يصل إلى بريطانيا كما فعل مئات الآلاف منهم منذ انضمام البلاد إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004. وفي الأول من مايو تحتفل بولندا وتسع دول في شرق أوروبا بالذكرى العاشرة لانضمامهم كأعضاء في الاتحاد الأوروبي. لكن الذكرى لا تثير الرغبة في الاحتفال عند الجميع. فحركة الأوروبيين الأفقر داخل التكتل أصبحت مثار جدل سياسي بعد أن اكتسبوا إمكانية دخول أسواق الدول الأغنى وأيضاً الدخول إلى نظمهم التعليمية وأنظمة الرعاية الاجتماعية والصحة فيها. وبينما يرثي سياسيون مثل «دبسكي» الافتقار إلى الفرص داخل بلادهم وهو ما يرونه السبب في تمهيد الطريق إلى خروج المواطنين من البلاد في المقام الأول. وتعرض «دبسكي» في بولندا لانتقادات بأنه يسعى للشهرة. لكن لا أحد يمكن أن يتهمه بأنه لم يقم بما عزم عليه بجدية. وكتب أخيراً يقول في رد على واحد من بضعة رسائل بالبريد الإلكتروني أرسلتها إليه «آسف... كنت منشغلًا للغاية في البحث عن عمل. يمكنني مقابلتك غدا نحو الساعة السادسة مساء». واجتمعنا أخيراً مساء يوم السبت بعد أن انفق المهاجر البولندي ست ساعات يساعد مديره الجديد في أعمال تجديد، ووضح «دبسكي»، الذي كان يرتدي سترة زرقاء بغطاء للرأس وسروال جينز أن قصده هو أن يفهم سبب اجتذاب بريطانيا ما يقدر بنصف مليون من البولنديين خلال عقد من الزمن، كثيرين منهم في سن الشباب. ويرى «دبسكي» أن «هذه مشكلة كبيرة لبلادي. إننا نفقد الشباب الذين يمثلون مستقبلنا». وأصبح ينظر إلى الموجات الجديدة من الهجرة الأوروبية على أنها مشكلة للدول المستقبلة مثل بريطانيا التي باغتها عدد البولنديين الذين تدفقوا إليها بمجرد أن توسع التكتل من 15 دولة إلى 25 دولة عام 2004. وقد أصبح عدد دول التكتل الآن 28 دولة. وفي بداية هذا العام عندما أسقطت كل القيود أمام رومانيا وبلغاريا الدولتين في الاتحاد الأوروبي ظهرت مخاوف جديدة من هجرة جماعية وما يعرف باسم «سياحة الرعاية الاجتماعية» في أنحاء أوروبا. ودشن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الحديث في الموضوع بمقال رأي نشرته صحيفة «فاينانشيال تايمز» قبل الأول من يناير قائلاً «يتعين أن تكون حرية الحركة داخل أوروبا أقل حرية». ويعتقد «كريزيزتوف نوفاك» وهو طاه بولندي ظل بلا عمل في وارسو لمدة عام فجاء إلى لندن عام 2006 ليعثر على عمل بعد أربعة أيام من وصوله أن كاميرون أثار غضب البولنديين من دافعي الضرائب الذين يساهمون في الاقتصاد البريطاني أكثر مما يأخذون في صورة برامج الرعاية الاجتماعية. ويرى «نوفاك» الذي يتواصل مع «دبسكي» عبر برنامج «تويتر على الإنترنت واجتمع في مركز جرينويتش للرعاية الاجتماعية في العاصمة البريطانية يوم السبت الماضي أن تصريحات كاميرون «الأخيرة عن المهاجرين أثارت قلق الناس بشدة». ويؤكد «دبسكي» على أنه رغم الخطاب العدائي داخل الطبقة السياسية فإن الحياة في بريطانيا مازالت أكثر جاذبية من العيش في الدولة الشيوعية السابقة، التي يقول إنها مثقلة بأعباء كثيرة وتكبلها بيروقراطية شديدة رغم ما حققته في الآونة الأخيرة من نجاح اقتصادي خاصة في ذروة أزمة الديون الأوروبية. ووصل «دبسكي» وهو رجل أعمال وعضو في البرلمان البولندي عن حزب «حركتك» لمدة عامين ونصف إلى لندن في الخامس من أبريل على متن طائرة بتذكرة من الفئة الاقتصادية ويعتزم البقاء حتى 22 أبريل. ونام «دبسكي» على الأرض في منزل أحد المعارف في الليلة الأولى لوصوله ولم تكلل أولى محاولاته لفتح حساب في بنك بالنجاح ثم حصل في نهاية المطاف على تعاقد لمدة أسبوع من خلال الجالية البولندية في مكتب للضرائب والمحاسبة يخدم المهاجرين البولنديين. وقيمة العقد 267 جنيهاً استرلينياً أي ما يعادل 450 دولاراً في الأسبوع. وتستغرق رحلته في المواصلات 43 دقيقة من باب السكن إلى مقر العمل. و«دبسكي» يقيم في شقة مجاناً في شرق لندن وهي منزل لرجل يزور لندن لقضاء عطلة عيد الفصح. وقال دبسكي «الأيام الثلاثة الأولى كانت صعبة». ومثلت انجليزيته غير المثالية والأسعار المرتفعة خاصة لوسائل النقل العام أكبر التحديات التي واجهته. وحاول أن يقيد إنفاقه لأن يكون في حدود 100 جنيه استرليني بما يعادل 168 دولاراً في الأسبوع مثلما يضطر الكثير من بني جلدته إلى التقتير في الإنفاق، لكن المبلغ كان أصغر مما يحتمل. لكن رغم حصوله على عمل وصموده يقول إن الفرص وفيرة في بريطانيا وستظل تجتذب الشباب البولنديين حتى تقدم بلاده فرصا مماثلة. وأضاف «الشباب يأتون إلى هنا من أجل المال في المقام الأول... وثانيا من أجل الحرية». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©